ألمانيا وترسيخ الديمقراطية وتنمية التعاون الاقتصادي مع ليبيا
١٥ فبراير ٢٠١٣مرت سنتان على نزول الليبيين إلى الشارع وانطلاق الثورة على نظام القذافي. ورغم مرور حوالي سنة ونصف على اسقاط نظام القذافي وقتله، إلا أن مستقبل ليبيا لايزال غامضا، فهناك مجموعات مختلفة من المقاتلين السابقين لا تزال تخوض صراعا عنيفا على السلطة. وفي شرقي البلاد، حيث اندلعت الاحتجاجات وانطلقت شرارة الثورة، هناك نزعات انفصالية وتزداد نقمة السكان على الحكومة المركزية في طرابلس. وفي الجنوب أيضا تسود الفوضى، إذ أن الحكومة تجد صعوبات كبيرة في التحكم بالوضع هناك. وهذا التوتر والاستقرار الهش الذي يسود البلاد، دفع الحكومة الالمانية إلى تحذير مواطنيها من السفر إلى ليبيا. ويحذر البروفسور غونتر ماير، مدير مركز أبحاث العالم العربي في مدينة ماينس الألمانية، من أن هناك متمردين هربوا من مالي وعبروا الحدود إلى ليبيا.
تشجيع الديمقراطية
ولمساعدة ليبيا على حماية حدودها الجنوبية، ستساهم الحكومة الألمانية في إطار مشاريع أوربية مشتركة، في تدريب رجال أمن ليبيين، كي يتولوا تنفيذ المهام الأمنية بأنفسهم. ورغم أن إجراء الانتخابات التشريعية في تموز/ يوليو الماضي وتشكيل الحكومة في تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، كانا خطوتين مهمتين على طريق السير إلى الديمقراطية، فإن عملية الاستقرار والديمقراطية مهددة بسبب الوضع الأمني المتوتر حاليا. وهذا ما دفع ألمانيا إلى المشاركة "في تنفيذ مشاريع تستهدف تشجيع الديمقراطية في ليبيا، ولاسيما بالتعاون مع الاتحاد الأوربي" يقول الخبير في شؤون ليبيا، غونتر ماير في حديث مع DW. وتبلغ قيمة المساعدات المالية الألمانية لتشجيع الديمقراطية وبناء هياكلها في ليبيا 4,3 ملايين يورو. وبينما تضع حاليا لجنة خاصة دستورا جديدا للبلاد، تشجع ألمانيا مشاريع تساهم في مناقشة هذا الدستور. ومن المحتمل أن يتم في منتصف السنة الجارية بناء على الدستور الجديد انتخاب برلمان ورئيس جديدين.
كما تساهم وزارة الخارجية الألمانية في تمويل بناء سلطة ليبية مسؤولة عن جمع الأسلحة والذخائر والألغام الأرضية والمخلفات الحربية، إذ لاتزال كميات كبيرة من الأسلحة منتشرة في ليبيا. وكانت الحكومة الألمانية قد خصصت بعد اندلاع الثورة في شباط/ فبراير عام 2011، ثمانية ملايين يورو لتقديم مساعدات إنسانية إلى الليبيين.
التعاون الاقتصادي مع ليبيا
ورغم إلغاء معظم العقوبات التي فُرضت على ليبيا، فإن الحياة الاقتصادية في البلاد لم تعد إلى طبيعتها تماما بعد. "رغم أن التجارة مع ليبيا ممكنة، إلا أن الشركات الألمانية مترددة فيما يخص الاستثمار، إذ أنها لا تعرف ما إذا كانت الظروف السائدة في البلاد حاليا مستقرة"، يقول شتيفين بيم، مدير قسم شمال إفرييقيا في اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية. ورغم أن ألمانيا صدرت عام 2012 منتجات بقيمة 650 مليون يورو إلى ليبيا، إلا أنها بلغت قبل بداية الثورة مليار يورو تقريبا، فليبيا مهتمة بالدرجة الأولى باستيراد آلات البناء الألمانية. إلا أن قطاع البناء الليبي مشلول حاليا بسبب الصراعات المتزايدة بين الميليسيات المختلفة والحكومة في طرابلس. ونتيجة لذلك توقفت أعمال البناء في البلاد مثل مشروع توسيع مطار طرابلس. وعلاوة على ذلك لا يوجد في مواقع مشاريع البناء المختلفة، عدد كاف من العمال والخبراء، فكثيرون منهم تركوا عملهم في تلك المشاريع بسبب الوضع الأمني غير المستقر. ورغم ذلك، فإن اهتمام شركات البناء الألمانية بليبيا كبير، كما يقول بيم، مشيرا إلى أن الشركات تأمل في عقد صفقات بعد تولي إجراء انتخابات تشريعية وتشكيل حكومة جديدة مستقرة.
لكن الحكومة الليبية نجحت في إعادة انتاج النفط إلى مستواه السابق. ويعود ذلك بالفائدة على ألمانيا أيضا. إذ "كانت ليبيا قبل الحرب مصدرا هاما بالنسبة لألمانيا لتأمين حاجتها من النفط"، يقول شتيفين بيم. وكان حجم الصادرات النفطية الليبية إلى ألمانيا عام 2012 أكبر منه عام 2010، فبينما بلغت قيمة ما استوردته ألمانيا من النفط الليبي عام 2010 ثلاثة مليارات يورو، استوردت عام 2012 بأكثر من خمسة مليارات يورو؛ و"هذا دليل على أن ليبيا شريك تجاري مهم جدا لنا"، يقول شتيفين بيم، مدير قسم شمال إفرييقيا في اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية. وهو ينفي بأن تكون علاقات ألمانيا التجارية مع ليبيا قد تضررت بسبب عدم مشاركتها في عمليات حلف شمال الأطلسي في ليبيا عام 2011.