أنوزلا لـ DW: رائف بدوي رمز لجيل الشبان الشجعان
١٣ نوفمبر ٢٠١٥يتسلم الصحفي المغربي علي أنوزلا، الجمعة ( 13.11.2015) "جائزة رائف بدوي الدولية للصحفيين الشجعان"، وذلك في الملتقى الإعلامي "الكرة الإعلامية الاتحادية" في برلين. وكانت اللجنة الألمانية المستقلة المنبثقة عن الرابطة الدولية للإعلام، قد قررت منح الصحفي أنزولا الجائزة لشجاعته في محاربة السياسات السلطوية، عبر تحقيقاته الصحفية، ولتغطيته المستمرة لمواضيع حقوق الإنسان.
DW عربية التقت علي أنوزلا على هامش تسليم الجائزة وأجرت معه هذا الحوار.
DW عربية: ماذا يعني لك رائف بدوي خصوصاً وأنت تستلم اليوم جائزة تحمل اسمه؟
علي أنوزلا: رائف بدوي هو رمز لجيل من الشباب الشجعان في المنطقة العربية، ممن يدافعون عن الحرية والعدل والمساواة. إن كتابات بدوي لا تتسم فقط بالشجاعة في بلد مازالت تحكمه أسرة ملكية بقوانين دينية متزمتة، وإنما هي أكثر من ذلك تحرضنا على العمل من أجل أن يكون دفاعنا عن الحرية وكل القيم النبيلة هو أساس وجودنا.
نحن لم نخلق من أجل الكفاح من أجل حقوق أساسية وجوهرية مثل الحرية، وإنما خلقنا من أن نمارس هذه الحقوق التي تخولها لنا الطبيعة وتريد الأنظمة المتخلفة أن تحاصرها وتنصب نفسها وصية عليها. كما إن سجن بدوي والحكم عليه بعقوبة همجية، فقط لأنه أراد أن يعيش، كما ولد، حرا، هو أكبر إدانة للنظام الأسري السعودي، ولكل الأنظمة العربية المتواطئة معه بالصمت، والتي تستغل الدين للتحكم في البشر وتنصب نفسها وصية على حرياتهم وحقوقهم.
كيف ترى دور الصحافة الألمانية في إبراز قضية المدون المعتقل رائف بدوي في دول غربية، تتسم علاقاتها بالسعودية بالكثير من المصالح المتبادلة؟
الصحافة الألمانية توجد على رأس الصحافة المهنية والجدية في العالم، وهي أيضا من أكثر أنواع الصحافة حرية واستقلالية في بلدها وفي العالم، لذلك فلا غرابة أن نجد كل هذا الاهتمام لديها بقضية شاب سعودي اسمه رائف بدوي ضحية حرية التعبير عن رأيه. ألمانيا والتي تعد دوله فاعلة في العالم الحر، وإحدى رموزه بسبب ما عانته عبر تاريخها من استبداد الفكر الوحيد، لا يمكن أن تستوعب هي والعالم الحر أنه مازالت في عالمنا المعاصر أنظمة شمولية مستبدة، تعاقب بالسجن والجلد شابا كل ذنبه أنه عبر على رأيه.
ما توليه الصحافة الألمانية من اهتمام لقضية رائف بدوي، هو أيضا يدخل في صميم القيم والمبادئ التي تدافع عنها، وهو تحفيز لباقي المنابر الحرة والمستقلة في العالم لتبني قضية بدوي. وبالمقابل فهو وصمة عار على جبين الكثير من الصحافة والصحافيين العرب الذين يصمتون عن الدفاع عن رائف بدوي والعشرات من أمثاله من الشباب الشجعان القابعين في سجون الأنظمة العربية المستبدة.
المغرب في مرتبة متأخرة على قائمة حرية الصحافة في العالم رغم الإصلاحات والاستقرار، كيف تفسر تراجع حرية الصحافة في هذا البلد؟
النظام في المغرب لم تكن له في يوم من الأيام الإرادة السياسية الحقيقية لإحداث إصلاحات حقيقية في مجال حرية الصحافة وحرية التعبير بصفة عامة. هو يعرف كيف يلعب على عامل الزمن، وكيف يلتف على المطالب، وكيف يكمم الأفواه أو يشتري أصحابها.
فالنظام في المغرب بالرغم من كل "النوايا الحسنة" التي نجدها في دستوره وخطابات ملكه، إلا أن الواقع يعكس لنا حقيقة أخرى مغايرة لتلك التي تريد البروباغندا الرسمية توجيهها للاستهلاك الخارجي.
لا يمكن تصور أن النظام المغربي الذي يريد تسويق نفسه كنموذج واستثناء في المنطقة، هو نفس النظام الذي مازالت لا توجد في بلده تلفزة مستقلة، وهو نفس النظام الذي يحاكم الصحافيين والناشطين السياسيين، ويمنع الجمعيات المستقلة، ولا يسمح بالتظاهر إلا للموالين له. وهو نفس البلد الذي مازالت لا توجد فيه المحاسبة رغم فضائح الفساد الكبيرة والكثيرة، والإفلات من العقاب عملة رائجة، وقضاؤه مازال غير مستقل، وكل السلطات داخل دولته يحتكرها القصر الذي يزاوج ما بين الحكم بدون محاسبة والاستثمار في المال والأعمال.
في مناطق الأزمات في العالم العربي مثل ليبيا وسوريا والعراق يتعرض الصحافيون لتهديدات كبيرة والقتل والخطف، كيف تتصور إمكانية توفير سبل لحماية الصحافيين في هذه المناطق؟
إن أكبر ضمانة للصحافيين والصحافة المستقلة والحرة، هي الأنظمة التشريعية والقوانين التي يجب أن توفر لهم الضمانات الكافية بحمايتهم، كي يمارسوا مهنتهم بحرية داخل بلدانهم، وبالنسبة للصحافيين المشتغلين في أماكن النزاعات والحروب الأهلية، فقد حان الوقت لسن قوانين صارمة على المستوى الدولي توفر حصانة دولية للصحافيين، وتصنف جرائم الاعتداء عليهم بمثابة جرائم حرب، وتجعلها غير قابلة للتقادم، يعاقب عليها القانون الدولي أمام محاكم دولية لا تسمح بالإفلات من العقاب لكل من ارتكب جريمة ضد الصحافة أو الصحافيين أثناء ممارستهم لمهنتهم.
علي أنوزلا هو صحفي مغربي مستقل، ويدير موقع "لكم2. كوم"، وهو موقع إخباري مستقل يصدر من الرباط.