ألمانيا وإسرائيل – صداقة متينة فريدة من نوعها
١٩ نوفمبر ٢٠١٥
احتفلت برلين وتل أبيب يوم 13 من أيار/ مايو 2015 بمرور خمسين عاماً على إقامة العلاقة الدبلوماسية بين دولتي ألمانيا وإسرائيل. في مثل هذا التأريخ عام 1965 كان قد مر على الحرب العالمية الثانية عقدان من الزمن، وانتهت حينها الأعمال الوحشية التي لا يمكن وصفها للنظام النازي في ألمانيا، والتي قُتل على إثرها أكثر من ستة ملايين يهودي أوروبي في معسكرات الاعتقال ومعسكرات العمل والإعدام الجماعي والتجارب على البشر.
المؤرخون يصفون هذه الطريقة الممنهجة لقتل اليهود بأنها أبشع حالة قتل جماعي ضد الحضارة شهدها التاريخ. ومن المعروف أن ألمانيا تعلن عن مسؤوليتها التاريخية تجاه هذه المأساة، أمام إسرائيل واليهود منذ حدوث الـ"شواه"، التي تعني "الكارثة" بالعبرية.
أمن إسرائيل من أساسيات الدولة الألمانية
العلاقة بين البلدين تمثل حجر زاوية في سياسة ألمانيا الخارجية. فألمانيا الاتحادية تقف موقفاً واضحاً بصالح حق البقاء لدولة إسرائيل. ليس بسب الهولوكوست (محرقة اليهود) فقط، بل لأن إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في منطقة، تعيش على برميل من البارود. ديمقراطية لها نقاط ضعفها، ويمكن الجدل حول أساليبها العسكرية أيضاً، لكن هذه الأساليب تمنح الأمن للشعب اليهودي، أمناً لا يتوفر له في أي مكان آخر.
في كلمتها أمام الكنيست الإسرائيلي عام 2008 قالت المستشارة ميركل، إن أمن إسرائيل أمر لا يمكن التفاوض حوله وهو من أساسيات الدولة الألمانية. وفي ألمانيا يُرحب بالتعاون أو لتدريب المشترك بين الجيش الألماني والجيش الإسرائيلي، مثل توفير غواصات ألمانية لإسرائيل. فمنذ خمسينات القرن الماضي يتعاون البلدان في مجال التسلح، لمساعدة إسرائيل في الحفاظ على أمنها.
معاداة السامية وانتقاد إسرائيل
يقال في ألمانيا: لكل شخص الحق في التعبير عن رأيه، ولا توجد رقابة للدولة. رغم ذلك فإن هناك جدود يجب مراعاتها، ذُكرت في القانون الأساسي الألماني: "هذه الحقوق توضح من خلال لوائح القوانين العامة، لوائح القوانين العامة التي تكفل حماية الشباب وكرامة الإنسان".
وفي الصيف الماضي جرى تجاوز هذا الحق مرات عديدة. مئات من الناس خرجوا للتظاهر إلى الشارع، بعد الأحداث بين قطاع غزة والجيش الإسرائيلي. بينهم كان من يرفع شعارات معادية للسامية مثل "اليهود في غرف الغاز". مثل هذه الأعمال وإنكار محرقة اليهود أعمال يعاقب عليها القانون في ألمانيا بتهمة الدعوة للكراهية. وتصل عقوبة بعضها إلى الحبس لمدة خمسة أعوام ودفع غرامة مالية كبيرة.
في رأي بعض الخبراء، يمكن أن يصبح انتقاد إسرائيل معادياً للسامية، في حال محاولة تشويه سمعة إسرائيل. في حالة اعتبار "اللوبي الصهيوني" مسؤولاً عن كل عمل سيء يحدث حول العالم. وألمانيا تكافح ذلك على كل الأصعدة. وفي ألمانيا تمنع كراهية الأجانب العنصرية، مثلما تمنع معاداة السامية والخوف من المسلمين (الاسلامووفوبيا). هذا ما حدث في ألمانيا خلال فترة حكم النازية، ولا يسمح له بالعودة مجدداً. هذا يشمل الجميع من دون استثناء، بغض النظر عن المكان الذي جاؤوا منه.