"ألمانيا لست أداة بيد تركيا في حربها ضد الأكراد"
٣١ يوليو ٢٠١٥تشن تركيا منذ الأسبوع الماضي عمليات عسكرية ضد عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي (داعش)، ولكن أيضا ضد حزب العمال الكردستاني. فبعد إلغاء اتفاقية السلام بين أنقرة والأكراد من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسود الخوف في تركيا من وقوع هجمات للأكراد. كما يضاف إلى ذلك خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على تركيا.
DW: ما هي دلالة التطورات الأخيرة للجنود الألمان المكلفين بتشغيل نظام الدفاع الصاروخي "باتريوت" في جنوب تركيا؟
رودريش كيزيفتار: الجيش الألماني أدرك حجم تلك المخاطر، وزاد من مستوى الاحتياطات الأمنية. وهذا يعني أن الجنود لا يمكنهم ترك أماكنهم في أوقات معينة، وفي حال قاموا بذلك فبدون ارتداء الزي العسكري. مبدئيا، قواتنا في تركيا مستعدة بشكل جيد، وهي أيضا محمية بشكل جيد.
في حال حدوث هجوم محتمل على قواعد الدفاع الصاروخي الألماني في جنوب تركيا، هل سيؤثر ذلك على الجنود المرابطين هناك؟
لا. فجنود الجيش الألماني يتواجدون هناك في إطار ائتلاف حلف شمال الأطلسي، كرمز للتضامن الألماني مع الحلف. وفي حال تهرب الناتو مباشرة بعد وقوع أي هجوم محتمل، فإن ذلك من شأنه أن يؤثر على مصداقية الناتو. العكس تماماً هو الصحيح، إذ يجب الاستعداد لكي يبقى الناتو قادراً على الدفاع. لكنه من الضروري دراسة ما إذا كان نشر صواريخ "باتريوت" لا يزال ذو مغزى. لأن ذلك ليس لديه أي قيمة عسكرية، وليس سوى إشارة سياسية للتضامن.
ولكن هذا التضامن يتم دون تحفظ، حتى لو استغلت تركيا حربها ضد "داعش" كأداة لتغيير معالم السياسة الداخلية على نطاق واسع؟
يجب علينا أن نوضح لتركيا بأن تواجدنا هناك هو بهدف المساعدة على مكافحة "داعش". ولسنا في أي حال من الأحوال أداة في يد الأتراك يستعملونها في معركتهم ضد الأكراد أو ضد جزء من السياسة الداخلية التركية. لأن حدوث ذلك يعني مخالفة أهداف مهمة الوحدة العسكرية الألمانية. ولكن المشكلة لا ترتبط بالجيش الألماني، بل بالحكومة التركية التي خلقت المشكلة، بعد أن واصلت حربها ضد حزب العمال الكردستاني تحت ستار مكافحة "داعش". وهذه الطريقة التي تعمل بها غير مقبولة. كما أننا كحليف لا نقبل لتركيا أن تتعامل معنا على ذلك النحو. فالأمر يتعلق هنا، بتوحيد كل القوى ضد "داعش"، ونحن لسنا جزءا من إستراتيجية تستغلها تركيا لحل مشاكلها مع الأكراد. ويبدو أنها تريد حل تلك المشاكل معهم بالقوة.
الآن لم يعد الخط الفاصل بين القوات الكردية في سوريا، وفي العراق وتركيا متباعدا. فمنذ العام الماضي تزود ألمانيا قوات البشمركة الكردية في شمال العراق بالأسلحة، وتساعد في تدريبهم عسكريا. وبالتالي، فإن النهج التركي يتناقض مع الإستراتيجية الألمانية لمكافحة "داعش"، لأنه يقوم بإضعاف الأكراد جميعا. ألا يجب على الحكومة الاتحادية أن تحتج بشدة على ذلك؟
الحكومة الاتحادية تقوم بذلك. لكن تركيا، وكما هو معروف، لا تستجيب للضغط العلني. العكس تماما هو ما يحدث. ولهذا السبب هناك مفاوضات في الخفاء مع تركيا. فالأمر يتطلب منا الآن أن نستمر في إظهار الدعم للأكراد في معركتهم ضد "داعش". ونحن اخترنا البشمركة لأنها مجموعة تستحق دعمنا الكامل. ومع ذلك، فهناك أمر ذو أهمية كبيرة بالنسبة لي وهو أنه لا يمكن للمرء استبعاد علاقة التعاون بين البشمركة وبين قوات أخرى.
ولكن الهدف يجب أن يكون بالتأكيد حاليا محارب "داعش"، بدل أن نتعثر ونميز بين الأكراد الجيدين والسيئين. من المهم الآن أن نقوم بتقوية المجموعات التي تسعى لمحاربة "داعش". هذا هو المهم. ولا يجب علينا الآن كألمان أن نتخلى عن جهودنا في الحرب ضد التنظيم الإرهابي.
ما هي دلالات ما يحدث في تركيا للسياسة الداخلية الألمانية؟
يعيش في ألمانيا ثلاثة ملايين تركي ومئات الآلاف من الأكراد. ما يهمنا هنا هو ألا نحول المشاكل السياسية الداخلية لتركيا لمشاكلنا نحن. لذا يجب علينا أن نوضح أكثر لتركيا أن ما يقومون به هناك هو استغلال حلف شمال الأطلسي. ولا يجب علينا السماح بذلك.
رودريش كيزيفتار خبير في السياسة الخارجية لدى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وعضو في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني. وهو أيضا رئيس "رابطة جنود الاحتياط" في الجيش الألماني.