ألمانيا تطمح إلى إخراج الدستور الأوروبي من مأزقه
٤ ديسمبر ٢٠٠٦مع اقتراب موعد تسلم ألمانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي مطلع العام القادم حددت الحكومة الألمانية أولوياتها خلال هذه الفترة والتي يأتي في مقدمتها إعادة الحياة الى مشروع الدستور الأوروبي، الذي أصيب بالشلل بعد الرفض الشعبي الفرنسي والهولندي له خلال استفتاء جرى العام الماضي. وقد عبّرت المستشارة الألمانية ميركل في اجتماع لمجلس وزرائها عقدته في 11.10.2006 بحضور رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروزو عن عزمها التوصل إلى اتفاق مع القادة الاوروبيين حول وضع جدول زمني للتصديق على الدستور، ليدخل حيز التنفيذ قبل انتخابات البرلمان الاوروبي عام 2009.
رئيس المفوضية يساند خطط ميركل الطموحة
وفي معرض تأييد المفوضية الاوروبية لخطط المستشارة ميركل أكد رئيس المفوضية، خوسيه مانويل باروزو، ضرورة إيجاد حل لمشكلة الدستور وأن المفوضية ستساند برنامج الحكومة الألمانية خلال رئاستها بكل قوة بقوله: "سنعمل يداً بيد لتكون الرئاسة الألمانية للاتحاد ناجحة." كما حذر في الوقت نفسه من رفع سقف التوقعات خلال فترة الرئاسة الألمانية بقوله: "لن يكون من العدل رمي كل العبء على عاتق ألمانيا". ويذكر هنا أنه هذه هي المرة الأولي التي يشارك فيها رئيس للمفوضية الاوروبية في اجتماع لمجلس الوزراء للتحضير للرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي.
وتأمل ميركل بتمرير مشروع الدستور كما هو دون نقص، محذرة من تحوله إلى مجرد إطار مؤسساتي. كما أوضحت أهمية ضرورة إقناع المواطنين بأهمية الدستور الأوروبي من خلال إطلاق حملات توعية شاملة وإظهار قوة الاتحاد لهم. فقد عبرت عن ذلك بقولها أمام البرلمان: "علينا أن نضع هموم مواطني أوروبا في بؤرة اهتمامنا والأوروبيون لا يقدّرون المشروع الأوروبي بالشكل الكافي حتى الآن." وفي ضوء هذا فقد طالبت بإقناعهم بقوة الاتحاد التي تتجلى في القدرة الاقتصادية والأمن الداخلي والخارجي والقدرة على اتخاذ القرارات.
الاحتفال بالذكرى الخمسين لمعاهدة روما فرصة للاتفاق
هذا ويرى بعض المراقبين ان ادخال بعض التتعديلات على مشروع الدستور الاوربي او حتى طرح مشروع جديد يمكن ان يخرج الدستور من ازمته الحالية ، ولكن رغم معقولية هذا الطرح إلا ان الخطر يكمن في امكانية رفض الصيغة الجديدة من قبل الدول التي اقرت الصيغة الحالية، عدا عن ذلك تشير بعض استطلاعات الرأي الى تزايد نسبة الرافضين للدستور بين المواطنين الاوربيين. كما يعقد البعض الآمال على القادة الاوربيين الجدد ممن يؤيدون مشروع الدستور مثل رئيس الوزراء الاسباني ثاباتيرو ونظيره الايطالي برودي الرئيس السابق للمفوضية الاوربية.
وخلال الرئاسة الالمانية سيتم الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين للتوقيع على اتفاقية روما التي كانت الاساس في بناء الاتحاد الاوربي وتطوره خلال نصف قرن، وبهذه المناسبة وجهت المستشارة الالمانية الدعوة الى نظرائها الاوربيين للاحتفال سوية في العاصمة الالمانية برلين يوم 25 مارس آذار 2007 وتأمل ميركل ان يتم في هذا الاحتفال التوقيع على بيان مشترك حول مستقبل الاتحاد الاوربي.
الطاقة وأزمة الشرق الأوسط على أجندة الرئاسة الالمانية
لن يكون الدستور هو الاهتمام الوحيد للحكومة الالمانية خلال رئاستها الدورية للاتحاد، وانما عليها الاجابة عن اسئلة اخرى أولها قضية الطاقة حيث ستناقش قمة آذار القادمة في بروكسل سياسة الطاقة الاوربية والاتفاق على خطة عمل اوربية تؤمن احتياجات دول الاتحاد لفترة طويلة من الطاقة مع المحافظة على البيئة. وستعمل الحكومة الالمانية للوصول الى المزيد من تحرير السوق الداخلية الاوربية للكهرباء والغاز الطبيعي.
كما ستكون السياسة الخارجية للاتحاد الاوربي وعلاقاته مع الدول الاخرى احد المحاور الاساسية التي ستهتم بها المانيا خلال رئاستها ولاسيما تعميق الشراكة الروسية الاوربية وطرح استراتيجية جديدة في العلاقة مع وسط آسيا. هذا ولن يغيب الموضوع التركي – القبرصي الذي تأمل ميركل ان تجد حلاً له بفتح تركية لموانئها ومطاراتها أمام لسفن والطائرات القبرصية، عدا عن ذلك ستكون عملية السلام في الشرق الاوسط محط اهتمام الرئاسة الالمانية التي تأمل أن يكون الاتحاد الاوربي لاعباً اساسياً فيها وشريكاً رابعاً يعتمد عليه في تحقيق الاستقرار للشرق الاوسط الى جانب امريكا والامم المتحدة وروسيا.
إن طموحات المستشارة الالمانية وحكومتها كبيرة وقد صاغت الاسئلة المهمة لذلك ولكنها لم تقدم الاجوبة الشافية عليها حسب رأي المراقبين، فهي ابرزت اهمية اعادة الحياة الى الدستور والتصديق عليه من قبل الشركاء الاوربيين ولكنها لم تبين كيف لها ان تحقق طموحها بالوصول الى اتفاق الاطراف على الدستور، ناهيك عن ان اعادة ثقة الرأي العام الهولندي والفرنسي بمشروع الدستور الذي رفضوه ليست بالأمر السهل، لهذا لا يعقد المراقبون آمالا كبيرة على الرئاسة القادمة للاتحاد للخروج من المأزق الحالي للدستور بالرغم من الدور الايجابي الذي يمكن ان تلعبه الرئاسة الالمانية بقيادة ميركل.