ألمانيا - استمرار تزايد أعداد طالبي اللجوء من تركيا
٣ ديسمبر ٢٠١٦في القاعة العامة لمأوى اللاجئين رفض مزهر زمرود الحديث معنا علنا، حيث إنه لا يثق في سكان المأوى، قائلا لنا بصوت خافت "قد يتجسسون علينا". فرغم وجوده في ألمانيا فهو مازال يخاف من التجسس والمتابعة من قبل الحكومة التركية. لكنه يؤكد في نفس الوقت أنه يشعر بارتياح بسبب وجوده هنا في ألمانيا، حيث يسكن في غرفة في المأوى بانتظار الحصول على سكن آخر.
عاش مزهر زمرود ملحمة الهروب إلى ألمانيا التي وصلها في شهر مايو الماضي عبر سوريا والعراق، ثم قدم طلب حق اللجوء السياسي. فقد "خاف على حياته في بلد يتسم بالقمع والعشوائية" كما يقول، ملاحظا أن لديه الأمل في ألمانيا، التي يتم احترام الحقوق فيها.
ويحكي زمرود الذي ينحدر من أصل كردي من ديار بكير أنه عاش حياة الظلم، حيث تم وصفه بخائن الشعب وبالإرهابي. وفي الصيف الماضي عندما داهمت قوات شرطة بيته، تأكد أن الوقت قد حان للمغادرة. ومنذ ذلك اليوم وهو يعلم أن أمرا باحتجازه قد صدر في حقه، حيث وجب عليه الاختفاء منفصلا عن زوجته. الإتهام الموجه إليه هو القيام بأنشطة في حزب العمال الكردستاني المحظور. ويؤكد زمرود الذي يبلغ من العمر 54 عاما وكان موظفا بوزارة العمل، أن ذلك الإتهام غير صحيح، مضيفا أنه فقط ينتمي الى حزب السلام الدمقراطي الكردي المرتبط بحزب الشعوب الدمقراطي وهذا الأخير ممثل بصفة رسمية في البرلمان التركي، لكن تم إعتقال أعضائه قبل شهر. وهذا ما حكاه زمرود أيضا في المقابلة التي أجراها مع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين.
عدد قياسي من طالبي اللجوء الأتراك
خلال الأشهر الأخيرة تم تسجيل ارتفاع كبير في عدد الأتراك الذين يطلبون حق اللجوء في المكتب الاتحادي، خصوصا بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يولوز من هذه السنة وما تبع ذلك من إجراءات ما بات يعرف بـ"موجة التنظيف" التي تقوم بها الحكومة.
وذكر المكتب الاتحادي الألماني للهجرة واللجوء في لقاء مع DW أن عدد طلبات اللجوء ارتفع في الفترة ما بين شهر يناير وأكتوبر الماضيين الى 4437 وقد يكون ذلك العدد قد أصبح حاليا بمستوى 5000 طلب لجوء. ويقول أغلب الذين يقدمون طلبات لجوء إنهم أكراد، حيث كان عدد الذين قدموا طلبات لجوء عام 2015 كان فقط بمجموع 1767.
الحكومة الاتحادية ووزارة الخارجية الالمانيتين تتضامن مع الأتراك المُتابَعين. وكان وزير الدولة في الخارجية الألمانية ميشيل روت قد صرح في حوار أنه " يجب على كل الأصوات المنتقدة في تركيا أن يعلموا أن الحكومة الاتحادية متضامنة معهم وأن الدستور الألماني يؤكد بشكل واضح حق طلب اللجوء السياسي بالنسبة للمتابعين."
ألمانيا – آخر أمل
وعبر زمرود عن ترحيبه بمثل هذه التصريحات، مشيرا إلى أنها تدعو للأمل" فألمانيا دولة القانون ولا أعتقد أنها ستسلمني الى الفاشيين في تركيا"، كما قال.
لا يتخوف زمرود على مصيره فقط، فقد عرض علينا صورا من حياته السعيدة في شرق الأناضول في ديار بكير، وهو ضاحكا مع زوجته الفنانة أمام عدسة الكاميرا. "إني افتقدها هنا في ألمانيا وقد وجب عليها أن تختفي أيضا". ومن الصعب التواصل معها حيث إن زمرود يتخوف من حدوث تجسس على هاتفه من الجانب التركي.
وسيطول إنتظار جواب الدائرة الألمانية على طلبه، وهذا يؤثر على أعصابه. ولذلك فهو يشارك في دروس اللغة الالمانية بشكل يومي. ويحكي أنه جاء إلى ألمانيا بالذات لأنه كان قد تعلم قليلا من اللغة الألمانية في المدرسة وبعدها في الجامعة. " كان ذلك قبل 40 عاما. إن الوضع صعب"، كما يلاحظ المتحدث، ولكنه يقوم بكل ما في وسعه لتعلم اللغة الألمانية.
شكوك مزعجة
ثم ينتقل زمرود للحديث عن عواطفه وعن زوجته البعيدة عنه وعن الآفاق غير الواضحة، لينتقل بعدها إلى الحديث عن العراقيل في طريق العودة مستخلصا: " طالما لم يتم إقرار حقوق الأكراد في الدستور، فلن يمكنني الرجوع إلى تركيا".
قريبا سيتم النظر في طلب لجوء زمرود السياسي، وهو يؤكد أنه مفعم بالأمل في ذلك. لكن الأرقام تتحدث بعكس ذلك. ففي هذا العام تم فقط تم قبول نسبة 7 بالمائة من عدد طلبات اللجوء من تركيا. وفي حال رفض طلبه، فإنه سيكون ملزما بالإختفاء. وإلى حين ذلك فهو يأمل كل الأمل وفي كل يوم التوصل برسالة من المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء تخبره أن طلبه للحصول على حق اللجوء أصبح مقبولا.