أدباء مهجر عرب يحملون هم أوطانهم إلى "معرض فرانكفورت للكتاب"
١٤ أكتوبر ٢٠١٧بأسلوبه الخاص في القص ولغته الألمانية المطاوعة ووصفه الدقيق للتفاصيل وغوصه في الثقافة العربية والغربية استطاع رفيق شامي، الروائي المهاجر، أن يحجز له مكانة مهمة ضمن الروائيين الكبار في ألمانيا حالياً. منحه بلد الهجرة فرصة الكتابة ونقش الكلمات دون أي خوف أو توجس، شأنه في ذلك شأن الكثير من الكتاب العرب في المهجر. رفيق شامي لم يكن الكاتب العربي الوحيد من كتاب المهجر، الذي حضر فعاليات الدورة الحالية لـ"معرض فرانكفورت للكتاب"؛ إذ حضر أيضاً فؤاد العروي وليلى سليماني وآخرون.
"بفضل المهاجرين...وليس بفضل الدول العربية"
"في الدول العربية لا يقدم أحد الدعم للكتّاب إلا بشروط"، هكذا عبر رفيق شامي، في حوار خاص مع DW عربية على هامش المعرض، عن حال الأدب في البلدان العربية. ولأن شامي من المهتمين بأدب المهجر و"اللاجئين"، فقد تحدث عن الدعم الذي يفتقده الكاتب العربي داخل وطنه مقارنة بالمساعدات التي يمكن أن يتلقاها في المهجر: "ما يصرف على الثقافة العربية يعادل واحداً بالمائة مما يعطى لأشياء أخرى غير مفيدة للمجتمع العربي"، يقول الأديب الألماني-السوري.
شامي، الذي يعمل منذ ما يقارب ست سنوات على مشروع "سلسلة السنونو" لترجمة أعمال أدبية لكتّاب عرب الكثير منهم في مستهل طريقهم، تحدث عن الدور الذي يلعبه المهاجرون واللاجئون في التعريف بأدب بلدانهم وثقافتهم: "الثقافة العربية في أوربا صنعها لاجئون عرب وليست من صنع الدول العربية"، يقول الكاتب الألماني السوري الأصل. ويعتبر شامي واحدا من القلائل الذين استطاعوا أن ينقلوا نبض الثقافة الشرقية والعربية وهموم أهله وناسه إلى للقارئ الأوروبي.
من نقطة الصفر
يختار الكثير من الكتاب في البلدان العربية الرحيل إلى بلدان أخرى تكون في الغالب أوروبية. هناك يمكنهم النجاح والتعرف على قراء وناشرين يمنحونهم فرص الظهور ورفع شارة النصر، وذلك بالإمكانيات محدودة قد تبدأ من الصفر. ويعمل أغلبية أولئك الكتاب على عكس ماضيهم وحاضرهم وعقد المقارنات بينهما في قالب أدبي وإبداعي.
رفيق شامي الذي قدم إلى ألمانيا عام 1971 يعتبر واحداً من الكتاب الذين يؤمنون بجهود اللاجئين والمهاجرين في التعريف بالثقافة العربية ونشرها على نطاق واسع، رغم كل الظروف التي يعانون منها بعيداً عن حضن أوطانهم ودفء عوائلهم: "نحن أشخاص معزولون وضعفاء وبالرغم من ذلك عملنا جاهدين وقمنا بكل ما نستطيع فعله لنشر الأدب والثقافة العربية".
"شمال أفريقيا تنجب أعظم الكتاب"
منذ منتصف القرن الماضي، شهدت فرنسا موجات هجرة واسعة من شمال أفريقيا. أنجبت شمال أفريقيا للأدب، ولأدب المهجر بالخصوص، حفنة من الأقلام المبدعة. لم تقدر تلك الأقلام على كتمان ما عاشته من فرح وقرح، سواء في بلدانها الأصلية أو في بلدان المهجر، بل نظمته في سطور لتغني المكتبات الوطنية والدولية. رفيق شامي، وخلال لقائه بـDW عربية، عبر عن إعجابه الكبير بالأدباء المنحدرين من شمال أفريقيا، قائلاً: "أعظم الكتاب العرب من شمال أفريقيا.. الطاهر بن جلون، ياسمينة خضرة".
تعتبر ليلى السليماني، المغربية الأصل، واحدة من هؤلاء الكتاب المهاجرين. وحيث تحضر هي الأخرى في فعاليات معرض فرنكفورت للكتاب هذه السنة. وصلت ليلى إلى القائمة القصيرة لجوائز الغونكور - وهي أرقى وأعرق جائزة أدبية في فرنسا - عام 2016 عن روايتها "أغنية هادئة" (Chanson Douce)، وفازت بها.
وقد انتقلت ليلى إلى فرنسا لمواصلة دراستها في العلوم السياسية ثم الإعلام، واستقرت بها لتعمل كصحافية بمجلة جون أفريك ومن بعدها اختارت التفرغ للأدب. كتبت السليماني بلغة فرنسية متميزة مكنتها من الحصول على وضع بصمتها الإبداعية والتميز على المستوى الفرنسي.
المهجر...حيث حرية التعبير
ضاقت البلاد العربية بمفكريها وكتابها، مما اضطر الكثير منهم للفرار بجلودهم وبكتاباتهم من التضيق والاضطهاد. من أولئك الكتاب، فؤاد العروي، الذي يحضر أيضاً مهرجان الكتاب الدولي في فرانكفورت. عبًر العروي أكثر من مرة، وفي حوارات سابقة، عما عاناه من تضيق شديد في بلده الأم، المغرب. كما عبر عن إحساسه بالمراقبة الدائمة له. تميز أسلوب العروي الذي بالسخرية والسلاسة.
حصل العروي الذي استقر في هولندا دون أي عودة إلى بلده، على جائزة الكونغور سنة 2013 بمجموعته القصصية :"القضية الغريبة لسروال داسوكين"، فضلاً عن جوائز أخرى. وقد أشادت القامة الادبية الرفيعة، الطاهر بن جلون، بالعروي واصفاً إيّاه بأنه "رجل الرياضيات ذو خيال الحكواتي".
مريم مرغيش