"آي، صلام" – شعراء مسلمون ينتزعون إعجاب ألمانيا
٢ فبراير ٢٠١٤"أنا آسفة جدا أيها الناس في محطة القطار... آسفة لأني أخفتكم كثيرا بهذه الحقيبة... ولكن صدقوني إنها حقا حقيبة سفر وليست مفخخة.. وتحت حجابي لا أخبئ قنبلة". هذه ترجمة لمطلع قصيدة بالألمانية ألقتها يسرى، إحدى المشاركات في الدور النهائي لمسابقة شعر الصلام: "آي صلام(i,Slam)"، وهي مسابقة مبارزة شعرية للشباب المسلمين يتناولون فيها مواضيع اجتماعية وسياسية وشخصية متنوعة.
"نريد التغيير واتباع سياسة أكثر جرأة وأن نظهر في المجتمع وأن نتحدث بأنفسنا عن مشاكلنا وعن رؤيتنا للأمور وأن لا نبقى مستمعين فقط لما يقوله الآخرون عنا؛ لما يقوله السياسيون وما يقوله المجتمع عن المسلمين"، يقول يونس العمايرة مؤسس فكرة هذه المسابقة الشعرية بالتشارك مع يوسف عدلة.
مسار المسابقة
في عام 2011 قام الشابان يوسف عدلة ويونس العمايرة، بإطلاق مسابقة "شعر الصلام للمسلمين الشباب "آي صلام" (i, Slam)، لقيت الفكرة إقبالا منقطع النظير في أوساط الجيل الشاب. نهائي النسخة الأولى من مسابقة الصلام، الذي أقيم في أكاديمية الفنون في برلين في يونيو/ حزيران 2013، شهد حضورا فاق توقعات المنظمين. تسعة من الشعراء الشباب وصلوا إلى النهائي. والفائز كان سامي العلي (23 عاما)، طالب جامعي يدرس تخصص الاقتصاد والمعلوماتية في برلين.
كيف تسير الأمور من التصفيات وحتى نهائي المسابقة؟ تجيبنا على ذلك ليلى العمايرة، المتحدثة الصحفية باسم اللجنة المنظمة للمسابقة: "نقيم تصفيات تأهيلية في عدة مدن، خلال فترة تمتد لحوالي سنة ونصف. والفائز من كل مدينة يتأهل إلى النهائي".
النسخة الثانية من المسابقة تُقام حاليا ومن المتوقع أن يُقام النهائي أواخر العام الجاري أو مطلع عام 2015. والجديد هذا العام انضمام مشاركين من سويسرا والنمسا، حيث أقيمت مؤخرا جولة تصفيات في زيوريخ وستقام جولة أخرى في العاصمة النمساوية فيينا، "نظرا للرسائل الكثيرة التي تلقيناها من شباب مسلمين يريدون المشاركة معنا من تلك الدولتين الناطقتين بالألمانية"، كما تتحدث ليلى العمايرة لـDWعربية.
ولكن هل تقتصر المشاركة في"i,Slam" على المسلمين فقط؟ "نعم"، تجيب ليلى مضيفة: "المشاركة للمسلمين فقط". ولكن هذا ليس كل شيء. فقد "أطلقنا مسابقة موازية بالتعاون مع شباب ألمان من مختلف الأديان تحمل اسم: "آي صلام، وي صلام(i,Slam-we,Slam)". الهدف من المشروع الثاني هو تشجيع حوار الأديان وعرض مواضيع، ليست دينية فقط، في قصائد الصلام تهم الشباب في ألمانيا.
من الحالات الفريدة كانت مشاركة فتاة اعتنقت الإسلام قبل سنوات قليلة. وقدمت قصيدة لقيت إعجاب الكثيرين تقول في مطلعها: "أمي، إني آسفة لأني على الجانب الآخر.. على الجانب الشرير كما تراني عيناكِ. هناك حيث يضطهد الرجال نساءهم.. وحيث يجبر الرجل المرأة على ارتداء الحجاب. هناك حيث الإرهابيون.. حيث يتعلم الأطفال كره الألمان. ولكن انتظري.. لا أحد يعلمني أن أكره نفسي.. ناهيك عن أن يجبرني أحدٌ على ارتداء الحجاب.. ومن سيضطهدني إذن؟"
بهذا النص الساخر من الأحكام المسبقة الموجودة عند قسم لا بأس به من أفراد المجتمع الألماني استهلت صوفي موزاكوفسكي قصيدتها التي وجهتها إلى والديها الذين كانا يجلسان بين الجمهور. المظهر الخارجي لصوفي التي اعتنقت الإسلام لم يتغير فهي ترتدي ذات الطراز من الملابس الذي كانت ترتديه قبل ذلك وبقيت بدون حجاب أيضا.
"الأركان الخمسة"
لهذه المسابقة قواعد أيضا، أوجزها منظمو المشروع بالتالي: 1- كل شاعر يحصل على الاحترام والتقدير من لجنة التحكيم. 2- يمنع استخدام أي مؤثرات مساعدة كالموسيقى أو ارتداء لباس ذي رمزية معينة، فالهدف هنا هو إبراز النص الشعري أولا وأخيرا. 3- قاعدة الست دقائق التي يجب أن ينهي الشاعر قصيدته خلالها. 4- يمنع توجيه أي نوع من الشتائم، فالإطار الإسلامي يجب أن يحترم. 5- وشرط بديهي أخير: يجب أن تكون القصيدة من تأليف الشاعر. فالسرقة الفكرية ممنوعة.
هذه الشروط وضعها يوسف وعدلة ويونس العمايرة. الشابان اللذان أطلقا في عام 2011 هذه المشروع، قبل أن ينضم إليهما آخرون، لتتشكل رابطة تضم حاليا أكثر من 45 شاعرة وشاعرا، والعدد في تزايد. وإلى جانب يوسف وسامي، يضم مجلس إدارة الرابطة آخرون منهم ليلى العمايرة والدكتور علي أوزغور أوزديل.
فكرة "آي، صلام" كسبت الجائزة الأولى، وقدرها 2000 يورو، في مؤتمر "شبكة المشاريع الإسلامية" في ألمانيا. كان المبلغ مساعدة قيمة لوضع الفكرة موضع التنفيذ واعترافا بقيمة الشعر لتشجيع الشباب على الإبداع. وممن ساهموا في تقديم دعم كبير لهذا المشروع الشبابي الثقافي الرائد السيدة سوسن شبلي أيضا، التي عينت مؤخرا متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية.
ومطلع عام 2014 حصد المشروع جائزة أخرى عندما وقع عليه الاختيار ليكون مع جهات أخرى ممثلا لألمانيا في مؤتمر للتبادل الشبابي مع الولايات المتحدة. ويبدو أن طموحات هؤلاء الشباب لن تتوقف عند هذا الحد.