"آسف أنا متوفي!" ـ موقع لإدارة الأعمال الالكترونية للموتى
٢٤ فبراير ٢٠١٠تصور بأنك تكتب رسالة الكترونية لأحد الأصدقاء وبدلا من أن تتلقى ردا يصلك منه إعلان وفاة يحمل اسمه! أو رد منه يقول لك آسف لا استطيع الرد عليك فأنا متوفي. يبدو الأمر غربيا للوهلة الأولى ولكنه أصبح أمرا واقعيا في السويد، حيث تم إنشاء موقع الكتروني يتولى إدارة البريد الالكتروني للمتوفي، بما ذلك نشر إعلان وفاته ومسح المعطيات الشخصية من المواقع الالكترونية الاجتماعية وغيرها. ويسهر فريق من الشباب المختص في مجال الانترنت في موقع "My webwill" أي "وصيتي الالكترونية على تنفيذ وصية الفقيد الالكترونية بحذافيرها مقابل مبلغ زهيد. وعلى الرغم من أن مثل هذه المواقع الالكترونية ليست بالأمر الغريب في الولايات المتحدة، إلا أنها تكاد تكون مجهولة في أوروبا.
إدارة "الإرث" الالكتروني
يتخذ فريق موقع "وصيتي الالكترونية" من مكتب في الفناء الخلفي لإحدى البنايات غير بعيد عن قلب مدينة ستوكهولم السويدية مقرا له. وينغمس ستة شبان على العمل أمام أجهزة كمبيوتر محمولة وُضعت على مكاتب سوداء مصطفة في خط واحد، فيما تناقش ليزا غرانبيرغ وزميلتها إيلين تيبرنغ كيفية تحسين تصميم موقعهما الالكتروني "وصيتي الالكترونية"، الذي يمكن لأي شخص أن يسجل نفسه فيه.
وعن شروط التسجيل في هذا الموقع، تقول ليزا غرانبيرغ إنه يتعين على المستخدم عقب التسجيل "مد القائمين على الموقع بمعلومات عن حساباته الالكترونية وعن التغييرات التي يتعين علينا القيام بها عقب الوفاة". وتلفت سيدة الأعمال السويدية إلى أن هذه المعلومات "تتضمن مثلا اسم الدخول وكلمة السر إلى موقع فايسبوك الاجتماعي". وتقول إن "عملية تنفيذ وصية المستخدم على شبكة الانترنيت تبدأ حال تأكدت وفاته رسميا."
وكان الدافع وراء هذه الفكرة أن الصديقتين كانتا قد عايشتا حالات وفاة لدى معارفهن وعجز أقربائهم عن مسح حساباتهم في المواقع الاجتماعية الالكترونية على غرار فايسبوك أو تويتر لأنهم يجهلون اسم الدخول وكلمة السر. وتقول إيلين تيبرنغ إنه "عادة ما يصعب على أهالي المتوفين الاتصال بالقائمين على المواقع الالكترونية الكبيرة"، لافتة إلى "استحالة مسح الحسابات الشخصية لهؤلاء، إذا لم يكن بحوزتهم اسم الدخول وكلمة السر."
تأبين الالكتروني وطقوس افتراضية
وتروج الصديقتان لموقعهما الالكتروني، الذي يقدم خدمات في تخزين معلومات المستخدم مقابل عشرين يورو سنويا، من خلال شريط فيديو قصير يحمل رسالة مفادها أن "الانترنت أصبحت تلعب دورا متزايد الأهمية في حياتنا اليومية وأن مراحل مهمة منها أصبحت تدور الكترونيا".
وبالفعل فإن مستخدمي المواقع الاجتماعية الالكترونية على غرار فايسبوك وتويتر يعدون بالملايين في شتى أنحاء العالم. كما يتم تحميل ملايين الصور الشخصية شهريا ونشرها على مثل هذه المواقع.
ويكمن الهدف من وراء ذلك "في إشراك الآخرين في حياة الفرد الشخصية، بما ذلك أيضا الموت"، بحسب آندرس لارسون، باحث في علوم الإعلام والاتصال من جامعة أوبسلا السويدية. ويشير الباحث السويدي إلى أن الانترنت أصبحت تستخدم بشكل متزايد للتواصل مع الآخرين وإشراكهم في أفراحهم وأحزانهم.
ويظهر الفيلم كنيسة كبيرة وقد وضع تابوت الفقيد مفتوحا أمام المذبح، فيما تجمعت حوله شخصيات خيالية وهي في حالة من الحزن، وتصاحب الفيلم موسيقى حزينة. كما أن هناك طريقة أخرى في التأبين، وذلك من خلال تحويل صفحة الكترونية خاصة بشخص توفي إلى موقع تذكاري، مثلما هو الأمر في حالة وفاة فتاة في الخامسة عشر من عمرها.
ويرى آندرس لارسون أن هذه الظاهرة "تبرز بأننا كائنات ذات "ثقافة طقوسية"، حتى وإن حاولنا إقناع أنفسنا بأننا علمانيون ولسنا بحاجة إلى طقوس دينية"، لافتا إلى أن "إنشاء صفحة تعزية تذكارية الكترونية، يظهر أننا بحاجة إلى مثل هذه الطقوس". وبالتالي يصبح "هذا التأبين الالكتروني بمثابة تعزية في الواقع أو زيارة قبر الشخص ووضع وردة عليه.
الكاتبة: آغنيس بوريش / شمس العياري
مراجعة: عبده المخلافي