الشبكات الالكترونية الاجتماعية- مساحات لدعاية الإسلامويين التحريضية
٢٨ أغسطس ٢٠٠٩يظهر فيديو مصور نشر على موقع الانترنت رجلا مقنع الوجه يغني على إيقاعات موسيقى عربية أناشيد تنظِّر للجهاد وتدعو إليه، بينما تظهر على خلفية الصورة صور تجسد الإرهاب الإسلاموي عبر مشاهد لاعتداءات إرهابية وانفجارات. وهذا فيلم من بين مئات الأفلام، التي عثر عليها ينس كوتشر، أستاذ القانون بجامعة إيرلانغن الألمانية على موقع يوتيوب الشهير. فهذه الأفلام تسعى إلى نشر أيديولوجية الإرهاب الإسلاموي الذي يدعو إلى محاربة الولايات المتحدة والغرب بشكل عام.
ولدى متابعته لعدد من هذه الأفلام لاحظ ينس كوتشر كيف يتم استغلال الدين للترويج لأيدولوجيا التطرف، مضيفا أنه "يتم البحث عن أشياء تجمع بين العصر الحديث وبين فترة صدر الإسلام، كقصص الحروب التي خاضها النبي محمد في عهده ضد غير المسلمين، حيث يتم ربط هذه الأحداث التاريخية بالفترة المعاصرة، حتى يظهر للمسلمين جواز قتال غيرهم".
فيديوهات بمحتويات معادية للسامية
وعلى أسفل الصفحات التي تقدم مثل هذه الأفلام، تُنشر تعليقات ومداخلات لبعض المسلمين من مختلف أصقاع المعمورة من الذين يمجدون العنف، بل ورد تعقيب على أحد الأفلام، مفاده: "الحمد لله ! عليك بالمزيد من النار ، المزيد المزيد!ها ها ها..! إنه فيلم رائع جدا!".
وليس على موقع يوتيوب فحسب، حيث ينشط عدد من المتطرفين، وإنما على موقع فيسبوك أيضا، الذي يعتبر ثاني أكبر موقع للشبكات الاجتماعية الالكترونية في العالم. ويتيح هذا الموقع للملايين من مستخدمي الانترنت مجالا لإنشاء "بروفايل" خاص بهم والتواصل الكترونيا مع مجموعات مختلفة من دون استثناء وأيضا مع تلك التي تروج للفكر العدائي والتحريضي.
وفي سياق حديثه، استرجع غونكيل أحداث الاعتداء الإرهابي الذي استهدف مطلع العام الماضي مدرسة ييشيفا الدينية اليهودية في القدس الغربية وراح ضحيته آنذاك ثمانية أشخاص ونفذه فلسطيني متطرف يلقب باسم أبو دايم. وفور الاعتداء يقول غونكيل "ظهرت مجموعة على موقع فيسبوك، قدمت القاتل على أنه شهيد وبطبيعة الحال كان هناك مجال على موقع هذه المجموعة لكتابة تعليقات أو نشر صور أو شرائط فيديو، كانت غالبيتها معادية للسامية".
"الحياة الافتراضية"
وحسب المراقبين، أصبحت تشكل إمكانية التفاعل التي تتيحها المواقع المعتمدة على تطبيقات ويب 2.0 تهديدا واضحا. فعلى سبيل المثال ظهرت مجموعة على فيسبوك تعلن أن إسرائيل ليست دولة حقيقة. وحسب الصحفي غونكيل "بلغ عدد أفراد هذه المجموعة نحو 60 ألف شخص ويمكن الاتصال بهم في أي وقت".
وكذلك هو الشأن بالنسبة لما بات يعرف في عالم الانترنت بـ"الحياة الافتراضية"؛ فالملايين من الأسماء التي تتواجد على مواقع الشبكات الاجتماعية من مخيلة أصحابها سواء تعلق الأمر بهوياتها أم بعناوينها أم بالحياة التي يمارسونها على الشبكة العنكبوتية. وعلى خلفية "الحياة الافتراضية" يعرض متجر على الانترنت يحمل اسم "Arabian Exclusiv Shop" أدوات قتال افتراضية كزي طالبان المحافظ أو أسلحة الجهاد المفترضة أو الأسلحة الفتاكة.
صعوبة مراقبة ويب 2.0
والإشكالية المطروحة أنه وعبر تطبيقات ويب 2.0 أصبح من الصعب منع الإسلامويين من الترويج لأيديولوجيتهم، حتى إن القائمين على مؤسسة حماية الدستور أو مكتب حماية الشبيبة عبروا عن عجزهم أمام تحديات الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها المواقع العاملة وفقا لتطبيقات ويب 2.0 . وتعتبر "الحياة الافتراضية" على وجه الخصوص شديدة التعقيد، كما يرى بوركهارد شرودر المتخصص في مجال المعلوماتية، موضحا "أنه احتاج إلى قرابة نصف العام لاستيعاب البرامج ، التي تتوفر على إمكانيات هائلة والتعرف على الكيفية التي تتكون عبرها مثل هذه المجموعات الافتراضية وهذا ما يحدث عادة وراء الكواليس".
غير أنه وسط هذه المواقع المتطرفة استطاعت جماعات أخرى مناهضة للعنف والتطرف إيجاد مكان لها مستخدمة الوسائل والإمكانيات ذاتها لتكشف الغطاء عن فكر العنف والتحريض عبر السخرية من هذه الأفكار وحملات التوعية بحقيقة الأفلام الداعية إلى الكراهية. وهناك من مولعي الانترنت خصوصا في إسرائيل من يلجأ إلى أساليب غير تقليدية كمهاجمة المواقع الالكترونية الإسلاموية وشلها، إلى حين أن تظهر مجموعة أخرى جديدة، يتم محاربتها بالوسيلة ذاتها.
الكاتب: يانز روسباخ / وفاق بنكيران
مراجعة: هشام العدم