آراء المصريين في ألمانيا بما يجري في وطنهم الأم
١٦ أغسطس ٢٠١٣الأحداث الجارية في مصر شغلت الكثيرين حول العالم، ولعل أكثر من يتابع الوضع هم أهل مصر. ملايين المغتربين المصريين حول العالم يتابعون من المهجر ما يجري في وطنهم. ولهم بالتأكيد رأي فيما يحدث هناك، خصوصا بعد اندلاع أعمال العنف الأخيرة خلال فض اعتصامي ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة، وسقوط مئات القتلى والجرحى، في مشاهد مؤثرة. DW عربية التقت بعض المصريين المقيمين في ألمانيا، لاستطلاع آرائهم والتعرف على كيفية معايشتهم لأحداث مصر.
شعور بالحزن رغم الغربة
يشعر وائل إبراهيم (طالب مصري يدرس في جامعة لايبزغ ) بالحزن الشديد إزاء ما يجري في بلده من أحداث عنف ويقول وائل: "كلما شاهدت الأخبار أشعر بحزن شديد على مصر. لم أكن أصدق يوما أنه من الممكن أن يصل المصريون لهذا الحد من العنف تجاه بعضهم البعض. على الجميع التفكير الآن في مصلحة مصر وتنحية الخلافات جانبا".
ويبين وائل موقفه من الأمر برمته، فيقول: "لقد كنت شخصيا ضد مرسي وسياسة الإخوان، ولكني في نفس الوقت ضد إقصاء الإخوان بشكل كامل من الحياة السياسية المصرية".
الحل – من وجهة نظر وائل – يكمن في تشكيل لجنة حكماء تمثل جميع أطياف الشعب المصري دون إقصاء لأي تيار. مهمة هذه اللجنة هي وضع خارطة طريق، والوصول لحل وسط يتفق عليه الجميع.
عدم تقبل الرأي الآخر
ويرى أحمد – الذي ليس له أي ميول سياسية – أن الأزمة في مصر تكمن في عدم تقبل الرأي الآخر. فالمشكلة بالأساس هي "ثقافة الاختلاف لدى الشعب المصري، مما يؤدي في النهاية إلى اللجوء للعنف عند وجود خلاف في الرأي".
وبالطبع يشعر أحمد (وهو طالب أيضا) بالحزن لما تمر به أرض الكنانة من أحداث. وهذا الأمر يؤثر على دراسته ويقلل من تركيزه لكثرة تفكيره فيما يجري من أحداث عنف. ويرى بدوره أن الحل هو في الجلوس معا كشعب واحد، والتحاور بدلا من الاقتتال في الميادين.
"الإخوان هم السبب .. وأنا متعاطفة مع البلد فقط"
رغم أنها تعيش في ألمانيا منذ عام 2006، إلا أنها كثيرة التردد على بلدها، تزورها مرة كل 3 أشهر تقريبا. ميريت محمد بكير التي تعد رسالة الدكتوراه في الفن والتصميم في جامعة باوهاوس في مدينة فايمر الألمانية، تعيش لحظات نفسية عصيبة، لأنها تُحس بأنها خُدعت: "لقد خدعونا ... قالوا إنهم يعدون خطة لفض الاعتصامات بطريقة سلمية، ولكني اكتشفت عدم وجود خطة أصلا، واستعملوا العنف مع الإخوان". ميريت هي أخت زياد بكير، الذي لقي حتفه في "جمعة الغضب" يوم 28 يناير/ كانون الثاني 2011 في أحداث ثورة يناير المصرية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك. ومن أول يوم في ثورة يناير وحتى الآن شاركت ميريت في كل الأحداث، ونزلت إلى الميادين للتظاهر مع المحتجين. ولكنها اليوم في حالة نفسية صعبة، كما تقول: "ما يجري فظيع ولا يمكن وصفه. الاستقطاب حاد جدا. بتُ أخشى أن أفقد أصدقاء أعزاء بسبب التطرف في الآراء، لذلك أغلقت مؤقتا حسابي على الفيسبوك".
ولكن ميريت لا تشعر بالتعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين وتحملهم المسؤولية الأكبر فيما يجري، لأنهم "جماعة إرهابية" وفق وصفها، و"أكبر خطأ هو التعامل بعنف معهم، لأننا ندخل بذلك أيدينا في عش الدبابير ثم نشكو من اللسعات". وتنتقد كل ما جرى، وخاصة ضياع الثروات المصرية، وسقوط الدماء و"حرق الكنائس وسرقة أحد المتاحف من قبل تلك الجماعة وأنصارها"، كما تقول، ثم تتساءل: "من سيعوضنا كل ذلك؟ من سيعوض البلد؟" واختتمت حديثها معنا بالخوف على الناس، لأنهم صاروا بالمجمل ميالين للعنف، ويريدون الاقتصاص بأيديهم وانتزاع الحق بالقتل والعنف. كما عبرت عن خشيتها من "عودة نظام مبارك".
أمنية العودة إلى العش
أما إبراهيم – الذي يعمل كطبيب بيطري في ألمانيا – فيعرض وجهة نظره بالقول: "فض الاعتصام بالقوة كان خطأ كبيرا وقعت فيه الحكومة المصرية، لأن ذلك سيعطي للإخوان المسلمين تعاطفا دوليا، خصوصا بعد استقالة البرادعي، وهو الذي كان يعطي ثقلا كبيرا للحكومة المصرية بعد 30 يونيو" .
ويرى إبراهيم أن الوضع خطير وينذر بعواقب شديدة، مبديا خشيته شخصيا من اندلاع حرب أهلية في مصر، "وقتها سيندم الجميع وقت لا ينفع فيه الندم".
أكبر أمنية لدى إبراهيم هي العودة إلى مصر والعيش هناك، خصوصا بعد أن قضى أكثر من خمسة عشر عاما في ألمانيا، ولكن إبراهيم يشعر بالقلق نتيجة الأحداث الحالية، فحالة عدم الاستقرار ستؤثر على حياته وعمله فيما لو عاد.