12 عاما من العزلة.. الأسد في السعودية للمشاركة في قمة جدة
١٨ مايو ٢٠٢٣وصل الرئيس السوري بشار الأسد مساء الخميس (18 مايو/ أيار 2023) إلى السعودية للمشاركة في قمة جامعة الدول العربية المرتقبة الجمعة في جدّة، لينهي بذلك عزلة دامت 12 عاماً على خلفية النزاع المستمر في بلاده، إذ كانت قمة سرت في ليبيا عام 2010 آخر قمة حضرها الأسد قبل اندلاع النزاع عام 2011، ومن ثمّ تجميد عضوية بلاده في جامعة الدول العربية في العام ذاته.
وفي وقت سابق هذا الشهر، قررت الدول العربية استعادة دمشق مقعدها في مجلس الجامعة العربية، واستأنفت وفود الحكومة السورية مشاركتها في الاجتماعات التحضيرية منذ الإثنين.
وقال التلفزيون السوري إن الأسد وصل "إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي في مدينة جدة للمشاركة في أعمال الدورة الثانية والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية" المرتقبة الجمعة.
كما أفادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أنه كان في استقباله في مطار الملك عبد العزيز الدولي، نائب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير بدر بن سلطان بن عبد العزيز والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط . وبثّت قناة الإخبارية السعودية الرسمية مشاهد ظهر فيها الأسد وهو ينزل من الطائرة ويصافح مستقبليه مبتسما.
انفتاح عربي
منذ 2018، برزت مؤشرات انفتاح عربي، وإن كان بطيئاً، تجاه دمشق بدأت مع إعادة فتح الإمارات سفارتها فيها. لكن الزلزال المدمّر في سوريا وتركيا في شباط/ فبراير الماضي، سرّع عملية استئناف العلاقات بين دمشق ومحيطها مع تلقي الأسد سلسلة اتصالات من قادة عرب وإغداق حكومته بالمساعدات الإغاثية.
أوردت صحيفة الوطن السورية، المقربة من الحكومة، أنه من المرجح أن يلتقي الأسد مساء الخميس وصباح الجمعة عددا من القادة، الذين لم تُحددهم، في لقاءات ثنائية في مقر إقامتهم في فندق الريتز كارلتون.
وسبق أن قطع قادة عرب عديدون علاقات بلادهم أو خفّضوها مع الأسد. وقدمت دول عربية عدّة بينها السعودية وقطر، خصوصا في السنوات الأولى للنزاع، دعما للمعارضة السياسية والمسلحة، ودعت إلى ضرورة تغيير النظام في سوريا.
وقد أودى النزاع المستمر بحياة أكثر من نصف مليون شخص وشرّد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. وتحولت سوريا إلى ساحة تصفية حسابات بين قوى إقليمية ودولية. لكن الأسد بقي في قصره الرئاسي، واستعادت قواته تدريجيا غالبية المناطق التي خسرتها بدعم من حليفتيه روسيا وإيران.
تحولات دبلوماسية
وتسارعت التحولات الدبلوماسية على الساحة العربية إثر إعلان اتفاق بين السعودية وإيران، أحد أبرز حلفاء دمشق، في آذار/ مارس الماضي في خطوة بدت انعكاساتها جلية على الخارطة السياسية الإقليمية في منطقة لطالما هزتها النزاعات بالوكالة.
وبعد أقلّ من أسبوعين على الاتفاق الذي أُبرم برعاية صينية، قالت السعودية إنها بدأت محادثات حول استئناف الخدمات القنصلية مع سوريا، لتعيد بعد ذلك فتح بعثاتها فيها.
والاثنين، تسلّم الأسد دعوة من الإمارات للمشاركة في مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب 28" الذي تنظمه الأمم المتحدة في دبي أواخر العام الحالي، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية.
وهذا العام، زار الأسد الإمارات وسلطنة عمان، البلدان العربيان الوحيدان اللذان زارهما الرئيس السوري منذ اندلاع النزاع في بلاده. وسبق أن زار الأسد الإمارات عام 2022.
ملفات أساسية
وتتطلع دول عربية اليوم إلى أداء دور في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع برغم أن الطريق ما يزال طويلاً أمام تسوية سياسية في بلد مقسم، تتنوع القوى المسيطرة فيه.
وتضع الدول العربية ملفات أساسية على طاولة النقاشات بينها أزمة اللجوء السوري خصوصا في دول الجوار، ومكافحة تهريب المخدرات التي تُعد أحد أكبر مصادر القلق بالنسبة لدول خليجية وخصوصا السعودية التي باتت سوقا رئيسية لحبوب الكبتاغون المصنّعة بشكل رئيسي في سوريا.
وفي هذا الإطار قال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد على هامش مشاركته في الاجتماعات التحضيرية للقمة: "نتطلع لأن يكون الدور العربي فاعلاً في مساعدة اللاجئين السوريين بالعودة إلى بلدهم، ومما لا شك فيه أن عملية إعادة الإعمار ستسهل هذه العودة، ونرحب بأي دور ستقوم به الدول العربية في هذا المجال".
اقرأ أيضاً: دعوة الأسد لقمة جدة.. نفوذ سعودي متزايد على حساب قطر؟
وفي بلد أتت الحرب على بناه التحتية ومصانعه وإنتاجه، يُعد استقطاب أموال إعادة الإعمار أولوية لدمشق التي تفرض عليها دول غربية عقوبات اقتصادية، وتُدرك أن الحصول على دعم المجتمع الدولي صعب خارج تسوية سياسية.
وتعارض قوى غربية عدة تفرض عقوبات اقتصادية قاسية على دمشق الانفتاح العربي على الأسد. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل: "موقفنا واضح: لن نعمل على تطبيع العلاقات مع نظام الأسد كما لا ندعم بالتأكيد الآخرين على فعل ذلك أيضاً".
وفي السياق نفسه أعربت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الأسبوع الجاري عن اعتقادها بأن من غير الممكن للجامعة العربية أن تتجاهل وحشية الرئيس السوري بشار الأسد بعد عودة سوريا إلى الجامعة، وذلك في أعقاب لقائها مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري في الدوحة.
ففي أعقاب لقائها مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قالت بيربوك يوم أمس الأربعاء في العاصمة القطرية الدوحة إن المجتمع الدولي أوضح في العديد من القرارات أن وحشية الرئيس السوري بشار الأسد "وحشية موجهة ضد شعبه"، وأردفت أنه من غير الممكن تجاهل هذا الأمر أيضا "في هذا الجوار" مشيرة في ذلك على ما يبدو إلى منطقة الخليج.
يذكر أن دولا عربية أعلنت سابقا استمرار رفضها لعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية أبرزها قطر والكويت والمغرب وليبيا.
ع.غ/ أ.ح (آ ف ب، د ب أ)