من التعذيب إلى البراميل المتفجرة.. جرائم يتهم بها نظام الأسد
١١ مايو ٢٠٢٣بعد أكثر من عقد من تعليق العضوية، سيتم قبول سوريا مرة أخرى في جامعة الدول العربية. وقد قرر وزراء خارجية الدول الأعضاء في الجامعة ذلك خلال اجتماعهم الأخير في القاهرة في نهاية الأسبوع الماضي. وبذلك يدعمون عودة دولة قامت بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان خلال الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2011 بشكل متكرر، وفقا للعديد من المصادر والتقارير الدولية. فيما يلي لمحة عن الأمر أبرز تلك الجرائم.
استخدام مفترض للأسلحة الكيميائية
لسنوات عديدة، اتهم النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية، وكان من أشهر هذه الهجمات في آب/أغسطس 2013 على منطقة الغوطة شمال شرق دمشق. وفقا لعدة مصادر مطلعة تراوح عدد القتلى ما بين 280 إلى 1800 شخص. ومع ذلك، لم تثبت مسؤولية نظام الأسد بشكل قاطع، فيما قال البيت الأبيض في ذلك الوقت إن الهجمات كان مصدرها النظام بشكل "شبه مؤكد".
في عام 2018، ذكرت وكالة رويترز أن المختبرات التي تعمل لصالح منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) قارنت عينات تم جمعها من مهمة للأمم المتحدة بعد الهجوم على الغوطة بالمواد الكيميائية التي قدمتها دمشق للتدمير في عام 2014. وبحسب رويترز، تم العثور على "مؤشرات تفيد بتشابه المواد المستخدمة في هذا الهجوم بترسانة الأسلحة الكيميائية للحكومة السورية".
يتم توجيه معظم هذه الاتهامات بالهجمات بالغاز السام إلى النظام السوري من قبل معظم الخبراء الدوليين، في حين ينفي النظام السوري وحليفه الروسي هذه الاتهامات بانتظام. في فبراير/ شباط 2023، أشارت الأمم المتحدة إلى تقرير صادر عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يشير إلى وجود "أسباب وجيهة" للاعتقاد بأن الحكومة السورية مسؤولة عن هجوم بالأسلحة الكيميائية في عام 2018 على دوما، والذي أسفر عن مقتل 43 مدنيًا.
بعد هجوم بالغاز السام في عام 2013، انضم النظام السوري إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية التي تحظر تطوير وإنتاج وحيازة وتحويل واستخدام الأسلحة الكيميائية. ومع ذلك، في خريف عام 2020، قدمت مبادرة عدالة المجتمع المفتوح „Open Society Justice Initiative" ومقرها في نيويورك ومؤسسة الأرشيف السوري "Syrian Archive" التي تأسست في عام 2014، تقريرا تضمن تحقيقا شاملا إلى الأمم المتحدة، والذي يفيد بأن النظام لا يزال يحتفظ بالمعدات والمواد الكيميائية لإنتاج الأسلحة الكيميائية. و قال ستيف كوستاس من مبادرة عدالة المجتمع المفتوح في التقرير المقدم " تظهر أبحاثنا أن سوريا لا تزال تمتلك برنامجا قويا للأسلحة الكيميائية".
الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة
ويتهم نظام الأسد أيضًا بالتورط في استخدام الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة. ووفقًا لتقرير منظمة "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" المستقلة والتي تغطي أيضًا جرائم المعارضين للأسد، وتستند المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى تقاريرها أيضا في معلوماتها، والتي قالت إن النظام قام في الفترة من ديسمبر/ كانون الأول 2012 حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 بشن 217 هجومًاباستخدام الأسلحة الكيميائية. وتنسب خمس هجمات أخرى إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ووفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، قتل في هذه الهجمات ما لا يقل عن 1500 شخص، بينهم 205 أطفال و260 امرأة. وأُصيب حوالي 12 ألف شخص بجروح بسبب هذه الهجمات.
ويشتبه أيضًا بأن النظام السوري قد استخدم البراميل المتفجرة بشكل كبير، على الرغم من نفيه لذلك مرارا. ووفقًا لتقرير من الشبكة السورية لحقوق الإنسان في أبريل/ نيسان 2021، قام النظام بإلقاء ما يقرب من 82 ألف برميل متفجر خلال التسع سنوات الأولى للحرب، والتي تعد من الأسلحة القاتلة وتعتبر في المجتمع الدولي محظورة على نطاق واسع. وبحسب المنظمة الحقوقية، فإن هذه الأسلحة قتلت في سوريا أكثر من 11 ألف مدني، بينهم أكثر من 1800 طفل. وتعد هذه الأسلحة منخفضة التكلفة وسهلة الصنع من وجهة نظر النظام.
الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري
لسنوات، اتهم نشطاء حقوق الإنسان الدوليون والعرب نظام الأسد بالمسؤولية عن اختفاء أعداد كبيرة من الناس. في تقريرها السنوي لعام 2022، تتحدث منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان عن "عشرات الآلاف من الأشخاص" الذين اختفوا أثناء الحرب. وفي تقرير صدر في أغسطس/ آب 2022، ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR) أن عدد المفقودين يبلغ 111 ألف شخص، وتحمل الشبكة المسؤولية عن معظم الاعتقالات التعسفية وحالات "الاختفاء القسري" على النظام السوري.
وتقول الشبكة "بعد عقد من الصراع، لا يزال عشرات الآلاف من المدنيين في سوريا معتقلين تعسفيًا أو مفقودين" وفقًا لتقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا التابعة للأمم المتحدة صدر في مارس/ آذار 2021. وأضاف التقرير أن آلاف آخرين أصبحوا ضحايا التعذيب أوالعنف الجنسي أو الموت خلال الاحتجاز.
اتهامات كثيرة بالتعذيب
يوثق تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر عام 2022، ادعاءات عديدة بالتعذيب. ويتضمن التقرير توثيق أكثر من 14600 حالة وفاة بسبب التعذيب. تشمل هذه الحالات ضحايا قتلوا على يد معارضي النظام أيضا مثل تنظيم "داعش". إلا أن معظم الضحايا قتلوا على يد النظام السوري، حسب تقرير الشبكة. وتشمل أكثر أساليب التعذيب شيوعًا الاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي، والمعاملة الوحشية أو المهينة، والعزلة الانفرادية.
وسلطت محاكمة المسؤولين عن نظام التعذيب السوري التي بدأت في عام 2020 وفتحتها النيابة العامة الألمانية في كوبلنز الضوء على نظام التعذيب الخاص بالنظام السوري. ففي يناير/ كانون الثاني 2022، حُكم على المتهم أنور رسلان بالسجن مدى الحياة من قبل محكمة كوبلنز العليا. وقد أدانته المحكمة بعدة تهم من بينها التعذيب و27 جريمة قتل والإيذاء الجسيم والعنف الجنسي. وكانت لائحة الاتهام الأساسية قد تحدثت عن "هجوم واسع ممنهج على المدنيين.
تجارة بالمخدرات
في السنوات الأخيرة، اتهم نظام الأسد، لا سيما من قبل دول عربية أخرى في المنطقة، بشكل متزايد بإنتاج المخدرات والاتجار بها أيضا. وبدأ النظام بشكل كبير في إنتاج الكبتاغون، وهو مركب يعتمد على مادة الفينيتيلين ويتميز بتأثير محفّز شديد. ومن بين الآثار الجانبية المحتملة لهذا المركب تلف الدماغ والذهان والنوبات القلبية.
وتعد سوريا "مركز الكبتاغون العالمي" وفقًا لتقرير صادر عن "مركز التحليل والبحث العملي" (COAR) عام 2021. وفي حين أن تجارة الكبتاغون كانت في البداية أحد مصادر تمويل الجماعات الجهادية المناهضة للأسد، أصبح النظام وحلفاؤه الإقليميون الرئيسيون الآن المستفيدين الرئيسيين من تجارة المخدرات السورية.
وتشير دراسة لمؤسسة كارنيغي الأمريكية إلى أن "النظام حوّل سوريا الممزّقة نتيجة الحرب إلى واحدة من أكبر الشركات المنتجة للمخدرات في العالم، بفضل آلات خاصة وعشرات المختبرات". ويمتلك هذا النظام ممرات مائية مرتبطة بموانئ على البحر المتوسط، بالإضافة إلى طرق تهريب برية إلى الأردن ولبنان والعراق، وجميعها تتمتع بحماية من جهاز الأمن التابع للنظام. وتجاوزت قيمة صادرات الكبتاغون من سوريا 3,15 مليار يورو في عام 2020، وفقًا للدراسة الأمريكية.
كيرستن كنيب/ علاء جمعة