يورغ ايمندورف: رائد النقد الفني الهادف
١١ مايو ٢٠٠٦ولد الرسام الألماني الشهير يورغ ايمندورف في 14 حزيران/يونيو عام 1945 في بليكيده بالقرب مدينة لينبورغ. وفي عام 1964 تخرج ايمندورف في أكاديمية الفنون في دوسلدورف، حيث تخصص في التصميم المسرحي وتتلمذ على يد كل من الرسام جوزيف بويس والمصمم المسرحي تيو أوتو. وبعد تخرجه قام يورغ ايمندورف بتنظيم عدد من المعارض الفنية حملت اسم LIDL. وحققت هذه التجربة الأولى نجاحاً كبيراً لايمندورف، حيث تم إعادة عرضها في مدن عديدة داخل ألمانيا وخارجها. وفي الفترة من عام 1968 حتى عام 1980 عمل ايمندورف كمدرس لمادة الفنون الجميلة بمدرسة دومونت ليندمان في دوسلدورف، كما قام بالتدريس في عدة مدن أخرى من بينها ستوكهولم وهامبورغ وزوريخ وكولونيا وميونيخ. وتتسم أعمال يورغ ايمندورف بالطابع الروائي الواقعي، إذ أن معظم مواضيعها مستوحاة من المجتمع الألماني. وقد يلمس المرء في بعض أعمال ايمندورف الكآبة والحزن، إلا أن بعض أعماله تميزت بالأسلوب الساخر ولم تكن مجرد رسومات بل كانت دعوة إلى التأمل والتفكير، كما كان للنقد السياسي مكانة بارزة في تلك الأعمال، فتحولت إبداعاته الفنية إلى أفكار ثورية تدعو إلى الديمقراطية والنقد الذاتي. ولم يكتف الفنان المبدع بالرسم، فاتجه أيضاً إلى النحت وحول بعض هذه الرموز التعبيرية إلى أشكال مجسمة.
الانطلاقة الفنية
ساهمت الزيارات التي كان يقوم بها ايمندورف للرسام والنحات المشهور رالف فينكلر، الذي اشتهر بلقبه الفني ا.ر. بينك، في تمهيد مسيرته الفنية. وكانت نتيجة تلك الزيارات، التي أجراها ايمندورف عام 1976، توطيد العلاقة بين الفنانين وتعزيز التعاون بينهما. وأثمرت هذه العلاقةب مجموعة من الأعمال الفنية المشتركة، التي عرضت تحت اسم "مجموعة ايمندروف – بينك" „Kollektiv Immendorf- Penck“. ولم يتوقف العطاء الفني للفنان الشهير عند هذا الحد، ففي عام 1972 قام ايمندورف بالمشاركة في الدورة الخامسة لمعرض دوكومنتا، أهم المعارض العالمية للفن الحديث، وشارك بعدها في معارض دولية أخرى كان أبرزها بينالي فينيسيا. لكن شهرته العالمية تحققت بعد أن عرض عمل فني كبير للممثل هانز البرتز عام 1984. ونال بعدها عدداً من الجوائز كان أبرزها عام 1997 حيث حصل على جائزة ماركو، التي يقدمها متحف مونتري بالمكسيك والتي تعد أعلى الجوائز الفنية قيمة. وكان عام 1997 أكثر الأعوام نجاحاً في حياة ايمندورف، فبالإضافة إلى هذه الجائزة، أصبح ايمندورف عضواً في الأكاديمية الأوروبية للعلوم والفن، التي تتخذ من مدينة ستراسبورغ الفرنسية مقراً لها. وانتقل ايمندورف في نفس العام إلى التدريس بأكاديمية الفنون في مدينة تينين الصينية. وفي عام 1999 وبعد عرض ايمندورف لتحفته الفنية "Elbquelle " وهي عبارة عن تمثال بطول 25 متراً بلغت شهرة ايمندورف أقصى حدودها.
مقهى ألمانيا
تأثر ايمندورف بأعمال الرسام الإيطالي ريناتو جوتوسو، وخاصة بعمل "كافي جريكو" أو "مقهى يوناني". وأخذ ايمندورف عن جوتوسو أسلوبه الثائر والجدلي وتجلى ذلك في الفترة ما بين عامي 1977 و1983 في سلسلة من الصور حملت اسم "مقهى ألمانيا". وتطرق ايمندورف في هذه السلسة، التي حققت نجاحاً باهراً من خلال عرضها في معرض الدوكومنتا السابع، إلى قضية تقسيم ألمانيا وانعكاساتها على الفن والمجتمع. وترجع أهمية هذه الإبداعات الفنية إلى النظرة المستقبلية التي تكنها تلك الصور والتي تنبأت بالوحدة الألمانية.
اتجاه فني جديد
وفي منتصف الثمانينات بدأت مرحلة هامة وفاصلة في حياة الرسام ايمندروف عُرفت بمرحلة الانقلاب أو الثورة. ففي هذه المرحلة ابتعد ايمندروف عن أنماط الفن التقليدية وبدأ في اختبار أساليب رسم ومواضيع جديدة. أثمر هذا التحول عن إبداعات فنية جديدة تمثلت في سلسلة مقهى الوردة Café de Flore، التي انتقد فيها ايمندروف الفن العصري. ولعل ما يميز مجموعته الفنية هو النزعة الساخرة وتأثيرها على عشاق هذا اللون الفني. وعلى الرغم من معاناة الفنان المتمرد من مرض ضمور العضلات القاتل، إلا أنه لم يتوقف عن إبداعه، وفي 19 مايو/آيار 2005 فاز الفنان بجائزة "الريشة الذهبية". ايمندورف متزوج منذ عام 2000 من الفنانة اودا جون ولديهما ابنة هي ايدا.