وجهة نظر: روسيا في مواجهة مع العالم
١٤ فبراير ٢٠١٦لم تمر 36 ساعة على التوصل إلى اتفاق بشأن سوريا حتى ضرب وزير الخارجية الروسي عرض الحائط بما ساهم في إنجازه للقول بأنه لا يعتقد بأن الاتفاق الخاص بوقف إطلاق النار سيأتي أكله، مضيفا أن الأمريكيين لا يودون التعاون حقا وبشكل فعلي مع الروس، وملاحظا أنه يتوقع أن تكون فرص النجاح بمستوى نسبة 49 بالمائة فقط. المتحدث هو كبير الديبلوماسيين الروس، سيرغي لافروف، الذي كان ممتعضا عند الجواب على سؤال طُرح عليه. كيف يمكن شرح ذلك؟
المشاركة الروسية الرسمية اتسمت بمواقف عنيفة منطلقة من الشعور بالاهانة. فالمسؤولية بالنسبة له تقع دائما على الآخرين: في أوكرانيا، لم يتم الإلتزام باتفاقيات مينسك والناتو هو الذي يقوم بتعزيز وجوده العسكري على الحدود الشرقية دون وجود ما يبرر ذلك، خارقا بذلك أسس اتفاقية 1997 (بين روسيا والناتو). أما بالنسبة للحرب في سوريا ومأساة اللاجئين، وانتشار تنظيم "داعش" هناك، فالذي يتحمل المسؤولية هم أولئك الذين يتدخلون في شؤون البلاد، وليس بشار الأسد، وقطعا ليست روسيا. ونفى المتحدث الغارات الروسية على حلب، كما لزم الصمت الكامل بشأن ضم روسيا لجزيرة القرم. رئيس الوزراء الروسي مدفيديف ووزير الخارجية سيرغي لافروف يسلكان بانضباط شديد نهج رئيسهم فلاديمير بوتين، رغم أن هذا النهج ليس واضحا.
ليس هناك ما يدعو للثقة بالروس وبمصداقيتهم
مرة أخرى تتلاعب روسيا من خلفية المناورة. وقد يمكنها حاليا العمل على تحقيق الكثير، غير أنها عادت عوض ذلك إلى نهج التهديدات والوعد والوعيد والظهور في موقف طرف متضرر. وفي نفس الوقت تواصل عملياتها الجوية في سوريا.
العديد من الخبراء يعبرون على تأكيدهم أن روسيا تسعى إلى بلوغ مركز قوة، بهدف الوقوف على قدم وساق مع الولايات المتحدة على وجه الخصوص والوصول الى شراكة معها على المستوى العسكري أيضا. لايمكنهم التوصل الى مبتغاهم هذا، لأسباب عديدة خاصة بسبب ألاعيبهم مناوراتهم. لأن الوصول الى ذلك يقتضي إمكانية الاعتماد على الشريك. ومن لا يكون صادقا بشكل دائم، فعليه أن يكون واضح النوايا على الأقل. وقد يكون من الجيد أيضا أن يعلم الطرف الآخر ما يريد هذا الطرف حقا وفعلا.
ويقال وراء كواليس مؤتمر الأمن في ميونيخ إن الوفد الروسي أظهر بشكل عام سلوكا ينطلق من التزام جوهري. فليس هناك ما يدعو لمخاطر قيام حرب باردة جديدة أو حرب عالمية ثالثة، كما حذر رئيس الوزراء الروسي مدفيديف من ذلك سابقا في تصريحات له، بل إن هناك بصيص أمل بالنسبة لسوريا. أما وزير الخارجية الألماني فالتر شتاينماير فقد توقع من جانبه، لكن قبل تصريحات زميله الروسي لافروف، أن مستوى فرص النجاح هو بنسبة 51 بالمائة.