وجهة نظر: اتفاق التطبيع بواشنطن.. ترامب يسجل نقاطا كفاعل قوي
١٥ سبتمبر ٢٠٢٠أي استطلاع للرأي في الشارع سيؤكد بسرعة أن غالبية الأمريكيين لم يسمعوا قط عن الإمارات العربية المتحدة والبحرين، وكذلك قليلا أيضا عن سلطنة عمان أو قطر. وأسباب الصراع الدامي بين فلسطين وإسرائيل لا يُعرف عنها سوى القليل فقط، مثل الأسباب التي تقف ضد نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس. فإطلاق الأمريكيين على بطولات البيسبول الأمريكية اسم "دوري العالم" يقول الكثير عن الإدراك الذاتي الأمريكي بالنسبة لبقية العالم الكبير الواسع.
ومازال هناك الكثير من الأشخاص الذين يتجاهلون مدى مهارة الرئيس الحالي، دونالد ترامب، في استخدام لحظات معينة من أجل صالح نفسه. فقبل أقل من 50 يوما من موعد الانتخابات الرئاسية، تأتي مراسم توقيع الاتفاقيات بين إسرائيل والإمارات والبحرين أكثر من مواتية بالنسبة إليه. فالإعلامي المحترف يدرك كيف يحيط نفسه بشكل فعال بمقاليد السلطة. إنه يعرف الانطباع الذي يتركه على المؤيدين الحقيقيين والناخبين المحتملين عندما يتقدم المشهد، كسياسي قادر على تحريك الأمور.
تجاهل غير مقبول للفلسطينيين
وفي ذلك لا يهم أن يجري تجاهل الفلسطينيين بشكل غير مقبول، وأن الحل السلمي الحقيقي؛ بسبب هذه الصفقة ذات الدوافع الاقتصادية في المقام الأول، يواصل الابتعاد في الأفق. ولا أحد يهمه هنا أن المعسكر العربي الذي وقف طويلا خلف الفلسطينيين لم يعد موجودا منذ زمن بعيد، وأنه في هذه المنطقة من العالم يزداد تعلق الأمر بالثروات المزدرية أكثر من تعلقه بالتضامن الأخوي.
وغالبية الأمريكيين الآن مرتبكين بشكل لم يحدث منذ مدة طويلة. فهناك الفيروس القاتل والمشاكل الاقتصادية العويصة. فهل هناك فعلا خطر نشوب حرب أهلية في الضواحي التي يسكنها البيض في الغالب، كما توحي بذلك مشاهد الكثير من الاحتجاجات؟ ثم هناك الحرائق الضخمة التي ضربت أجزاء واسعة في الساحل الغربي، على نطاق غير مسبوق.
وفي هذا الوضع، لا يترك الحنين، المدفوع بالخوف، إلى يد قوية لدى الكثير من الأمريكيين والأمريكيات أي فرصة للبحث الانتقادي عن الأسباب. فعوض تحليل ماذا تعنيه هذه الكوارث بالنسبة إلى رئيس يحكم منذ مدة ولاية حكم كاملة، يرغب الكثيرون ببساطة في فاعل يقدم النجاحات الشخصية قبل كل شيء. رجل يُظهر للعالم من له كلمة الفصل، والذي يجلب لأمريكا المكانة التي تستحقها في العالم.
إظهار بايدن في موقف الضعيف
ومثل تلك المراسم (توقيع الاتفاقيات بين إسرائيل والإمارات والبحرين)، في ظل وجود العديد من الرجال الأقوياء والكثير من الأبهة، تأتي مواتية له تماما. ففي مثل هذه الأيام يتطلع ترامب لأن يُظهر حتى لأكبر المتشككين حجم قوة وإرادة السلطة، التي لا يزال يتمتع بها، وكيف أنه يسهل عليه إظهار منافسه جو بايدن في موقف ضعيف للغاية.
وكلما اقترب يوم الانتخابات؛ يكون من الصعب فهم لماذا اختار الديمقراطيون مجددا مرشحا قد تكون النتيجة عنده في النهاية هي: دونالد ترامب لم يفز على الإطلاق؛ لكن خصمه خسر.
إينس بول