وجهة نظر: المملكة العربية السعودية في وضع لا تحسد عليه
٢٣ يناير ٢٠١٦تربع الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود على العرش قبل عام في الثالث والعشرين من كانون الثاني| يناير 2015 بعد وفاة أخيه غير الشقيق عبدالله. يرى كثير من المراقبين أن فترة حكم الملك الذي كان في التاسعة والسعبين حين استلم السلطة، هي فترة مؤقتة قبل انتقال السلطة إلى الجيل الثاني من الملوك، أحفاد مؤسس المملكة سعود بن عبد العزيز. ومنذ البداية كان واضحا أن انتقال السلطة يأتي في مرحلة صعبة جدا بالنسبة للمملكة. فلم يحدث من قبل في تاريخ السعودية أن واجه ملكها هذا الكم من المشاكل التي تهدد وجود المملكة. حروب إقليمية في سوريا واليمن، والعلاقات مع إيران في أسوأ احوالها وخطر الإرهاب يتزايد يوما بعد يوم، وكذا هو الحال فيما يتعلق بالمزاج العام للسعوديين الذي قد يتطور الى اضطرابات داخلية لا تحمد عقباها.
لا استقرار ولا أمن
حين تربع الملك سلمان على العرش أعلن بتفاؤل، أنه سيحقق الاستقرار والأمن للمملكة. لكن الذي حدث هو العكس تماما: فمنذ نحو تسعة أشهر تقود السعودية حربا صعبة في اليمن وتنشر كل يوم "أخبار النصر". لكن الواقع يبدو عكس ذلك، فواقع الأمر هو المزيد من البؤس والمزيد من الضحايا المدنيين وعدم الاستقرار في المنطقة. منظمات حقوق الإنسان العالمية تتهم المملكة بانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان واستخدام أسلحة محرمة دوليا.
صورة السعودية على المستوى العالمي لم يسبق لها وأن كانت قاتمة كما هي عليه الآن في عهد الملك سلمان، إنها في أسوأ حال. فحتى استراتيجية المملكة في الحرب في سوريا والصراع مع رئيسها بشار الأسد تسير باتجاه الفشل بالنسبة للرياض، فالبرغم من دعمها وبالمليارات لمختلف الجماعات المسلحة، لا تستطيع بأي حال أن تدعي تحقيق النجاح في مواجهة النظام السوري المكروه سعوديا. والمعارضة السورية المدعومة من السعودية مغلوبة على أمرها ومنقسمة وجلبت لنفسها في أحوال عدة تهمة القرب من الإرهابيين. وهكذا فإن المحيط الإقليمي غير مستقر، كما لم يكن من قبل في تاريخ العربية السعوية.
الهزيمة أمام طهران
بالإضافة إلى ذلك يبدو أن الصراع على النفوذ مع إيران قد حسم لصالح طهران على المستوى العالمي. فالنظام السعودي قام بكل ما يمكن من أجل الإبقاء على عزل إيران دوليا. لكن طهران تبدو اليوم، وخاصة بعد رفع العقوبات الغربية عنها، في موقع الأقوى. فعمليا لها الكلمة في العراق ولبنان وإلى حد ما في سوريا واليمن أيضا.
الاقتصاد الإيراني تنتظره فترة ازدهار، في حين يواجه اقتصاد السعودية مشاكل كبيرة يمكن أن تدفع بالتوتر الاجتماعي إلى مستويات جديدة خطيرة. الشعب السعودي الذي تعود على الرفاهية بفضل الثروة النفطية، يجب عليه أن يتقبل تخفيضات مؤلمة خلال السنوات القادمة، ومن المرجح أن يثير ذلك الاستياء والاضطراب. وحتى الآن لم يستطع الملك سلمان تقديم إجابات تبعث على الرضا للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه شعبه.
وضع حقوق الإنسان كارثي
في نفس الوقت تشكو منظمة العفو الدولية وغيرها من الوضع الكارثي لحقوق الإنسان في المملكة. وقدمت منظمة العفو شهادة "حصيلة مفزعة" لفترة حكم الملك سلمان، حيث أن وضع حقوق الإنسان في عهده يتطور من سيء الى أسوأ. ففي الشهور الأولى من حكمه صادق على الكثير من أحكام الإعدام، ومؤخرا صادق أيضا على إعدام الزعيم الشيعي المعروف نمر النمر الأمر الذي أثار موجة احتجاج عالمية. والمدون المعروف رائف بدوي المعتقل بتهمة إهانة الإسلام، مهدد بالمزيد من الجلد.
ليس لدى الملك سلمان الكثير من الوقت لإنقاذ بلاده من هذا الوضع البائس. فالنظام الملكي السعودي بحاجة ماسة إلى الإصلاح بشكل يقود الى تعزيز الحريات الفردية للمواطنين إضافة الى اتخاذ اجراءات حازمة على صعيد مكافحة الفساد. وعلى صعيد السياسة الخارجية يجب على الملك أن يجد مخرجا للحرب اليمنية بأسرع ما يمكن وإعادة ترتيب العلاقات مع الدول الأساسية في المنطقة مثل العراق وسوريا وإيران وحكامها. وإلا ستكون حصيلة حكمه في السنوات المقبلة أكثر سوءً من حصيلة السنة الأولى.