وجهة نظر: أوروبا يجب أن تتحرك ضد توجهات ترامب بالشرق الأوسط
١١ سبتمبر ٢٠١٧قبل أيام أعطت نيكي هالي، السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، أمام الرأي العام العالمي الانطباع بالكيفية، التي يمكن أن يصير عليها تعامل حكومة ترامب مع إيران في المستقبل. والتفاصيل لم تتم بلورتها بعد، لكن الخطوط العريضة قائمة، وهي تسير نحو المواجهة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لن يعلن قبل أكتوبر/ تشرين الأول موقفه من الاتفاقية النووية مع إيران. لكن، ومنذ الآن قرأت هالي قائمة الذنوب السياسية لإيران وكأنها تريد إعداد العالم للمواجهة المرتقبة. والقائمة طويلة ومثقلة وتزيد في طولها يوميا، لو ذكرنا كلمة سوريا. فطهران، كما صرح هذه الأيام معلق إسرائيلي، هي في طريقها لتحويل سوريا إلى مستعمرة إيرانية. والتشخيص قد يكون مبالغا فيه، لكن في صلبه له أسباب.
النظر إلى الاتفاقية النووية لوحدها
غير أن كل هذه الأمور لا تبرر التشكيك في الاتفاقية النووية، لأن التحركات الإقليمية لإيران ليست جزءا من تلك الاتفاقية. لكن كان هناك لوقت طويل الأمل في أن تشمل روح الاتفاقية مواطن النزاع التقليدية في المنطقة والتقليل من وطأتها. وهذا الأمل ـ على الأقل إلى حد الآن ـ لم يتحقق. فإيران مستمرةٌ في ممارسة سياسة خارجية عنيفة.
وفي حال إلغاء الولايات المتحدة الأمريكية للاتفاقية، فإن ذلك سيزج بالمنطقة في فوضى أكبر، لأن إعادة تشغيل برنامج تسلح نووي إيراني متوقف؛ قد يشجع دولاً أخرى على تقليده، لاسيما عدو إيران اللدود العربية السعودية، فقد يكون هناك محاولة لسلوك هذه الاستراتيجية.
تخمينات ضرورية
وعليه حان الوقت لطرح سؤال متناقض: هل من الممكن أن تمارس الاتفاقية تأثيرا مهدئا، على الأقل، على إيران، وذلك رغم التطور المفجع حول سوريا؟ وكيف كانت ستبدو السياسة الخارجية الإيرانية لولا وجود الاتفاقية؟ وهل كانت ستصبح أكثر عنفا؟ وهل تلجم طهران نفسها ولو قليلا؟ نحن لا نعرف.
الأكيد هو أن إمكانية التخلي ربما عن الاتفاقية لن يعطي إيران الفرصة للجم نفسها عسكريا ودبلوماسيا في أي شكل كان. وهذا قد يدفع بالمنطقة إلى مزيد من التوتر. وهذا أيضا لأن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم وبشكل مكثف بتسليح المملكة السعودية. صفقة التسلح بمبلغ يتجاوز 350 مليار دولار، التي وقع عليها ترامب في الرياض، مازال صداها في الأذن ـ رغم أن ترامب وهالي يسكتان عنها.
نظرة ترامب الغريبة إلى الشرق الأوسط
لا يحتاج المرء أن يكون من المؤمنين بنظرية نهاية العالم ليتخيل الوضع في الشرق الأوسط أكثر قتامة بدون اتفاقية. فالتوترات يمكن أن يزيد حجمها مرة أخرى ويتم تفريغها في مزيد من الصدامات. واندلاع حرب أخرى بالوكالة بين إيران والعربية السعودية قد يدفع مزيداً من البشر إلى الهرب؛ وبالتالي الزيادة في ضغط الهجرة على أوروبا. وهذا قد يصعد من الأجواء الشعبوية السائدة في العديد من بلدان الاتحاد الأوروبي، وكذلك في ألمانيا. فالتخلي عن الاتفاقية ستشعر بتبعاته في المقام الأول أوروبا. والولايات المتحدة الأمريكية في المقابل ستبقى بفضل حاجز مائي عميق وعريض بآلاف الكيلومترات محمية من العواقب الانسانية لهذه الكارثة. ميول ترامب إلى اعتبار العربية السعودية ضامنا للسلام في الشرق الأوسط وإيران هي الداعم الوحيد للإرهاب غير منطقي. وإلغاء الاتفاقية خطير من الناحية السياسية؛ لدرجة أن أوروبا لا يمكنها أن تترك ذلك يحدث دون أن تعارضه.