هيثم مناع: "التخلي عن العنف قد ينقذ سوريا"
٢٠ سبتمبر ٢٠١٢DW: سيد مناع، الهيئة التي تنتمي إليها دعت إلى مؤتمر مشترك لقوى المعارضة السورية في الداخل والخارج، يتم عقده في دمشق. أنت الناطق باسم هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي ومقيم في باريس. ما الذي تأمل بتحقيقه من خلال هذا المؤتمر؟
هيثم مناع: هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي وغيرها من قوى المعارضة داخل سوريا تتواصل معنا، مع المعارضين في الخارج. هدف هذا التواصل هو محاولة العودة إلى طاولة الحوار السياسي، وخلق قوة ديمقراطية مدنية من أجل مواجهة العنف المتنامي في البلاد. هذا العنف، الذي حوّل مليونين ونصف المليون سوري إلى لاجئين داخل وطنهم. المسألة هنا تتعلق باستعادة العملية السياسية لمواجهة كل من يظن – مهما كان الطرف الذي ينتمي إليه – بأن الانتصار العسكري هو الحل.
لن يتحقق النصر العسكري لأي طرف، فكلا الطرفين سيخسران، سواء أولئك الذين يراهنون على استمرار النظام الدكتاتوري، وأولئك الذين يحاولون إقامة دولة إسلامية في البلاد، وهذا ما تحاوله مجموعة كبيرة من المقاتلين بدعم من بعض الأطراف الخارجية.
تتحدث عن حوار سياسي، لكن هل يمكن التفكير في مثل هكذا حوار في ظل العنف المتزايد؟
مناع: بالتأكيد، فعلى طرف أولئك الذين يراهنون على العنف، هناك قلة ما تزال مستعدة للتفكير في بدائل. لكن عدد من يبحثون عن طرق أخرى لحل الصراع يزداد. لقد اعتُبرنا في البداية بمقترحنا التخلي عن العنف مثاليين، إلا أن مزيداً من الناس بدوأوا بإدراك أن هذا ما قد ينقذ البلاد. إذا ما استمر العنف، سننزلق إلى وضع سياسي وعسكري يتم فيه إخفاء الحقائق عن الناس بشكل متعمد، ويمنع فيه التفكير المنفرد.
هذا سيؤدي إلى إهمال قيم الديمقراطية والكرامة والمواطنة، ومنذ اندلاع الثورة قتل نحو 25 ألف شخص، ولهذا السبب وحده لا يجب أن تقوم في سوريا دولة إسلاموية، ولا يجب أن يستمر الطغيان، لأن هؤلاء الناس فقدوا حياتهم لأنهم أرادوا التغيير. لكن هذه التغييرات لن تكون ممكنة طالما استمر العنف وقوبل الحوار السياسي بالرفض.
لقد ذكرت أن الحرب في سوريا تتخذ منحى أيديولوجي أيضاً. ومن الواضح أن المعارك باتت تحمل طابعاً طائفياً متزايداً. كيف تقيّم هذا الخطر؟
مناع: النظام يلعب منذ زمن طويل على الورقة الطائفية، وهو يقوم بذلك الآن. لكن بعض أطراف المعارضة قامت بذلك أيضاً، مثل الإخوان المسلمين، الذين قالوا في بداية المعارك إن هناك ثلاث إمكانيات للتعامل مع العلويين: إما التهجير أو القتل أو تغيير مذهبهم. لكن المجتمع السوري بأغلبيته رفض هذه الاقتراحات.
إلى ذلك هناك محاولات من قوى خارجية لصبغ الصراع بصبغة طائفية، وفي هذا الصدد تلعب السعودية وقطر وتركيا دوراً كبيراً، فهي تريد بناء محور سني يواجه المحور الشيعي في المنطقة، وحساباتها بسيطة، إذ إن هزيمة إيران ستتأتى من خلال نشر الكراهية ضد الشيعة والعلويين.
وما الذي يعنيه هذا بالنسبة لسوريا؟
مناع: هذا يعني تدمير المجتمع السوري، وهذا هو سبب عدم قبولنا لهذا المنطق. نحن لا نريد حرباً طائفية، وكل من يسعى إلى ذلك في وجهة نظرنا عدو للمجتمع السوري. قد يكون أولئك أعداء للنظام السوري، إلا أنهم أيضاً أعداء للمجتمع السوري المنفتح. وهم، من خلال تأجيج نار الطائفية، يؤدون خدمة للنظام السوري عن طريق إتباع تكتيكه.
هل هذا هو سبب معارضة لجنة التنسيق الوطنية، التي تمثلها، للتدخل العسكري الخارجي؟
مناع: نعم، إذ تكفي نظرة واحدة على التاريخ السوري لإدراك التأثير الهدام للطائفية. فسوريا، كدولة معاصرة، قامت بعد الثورة الكبرى سنة 1925، وآنذاك انتفضت كل الطوائف الدينية والمجموعات العرقية سوياً ضد خطط فرنسا تقسيم المملكة السورية العربية، واتخذت شعاراً لها "الدين لله والوطن للجميع".
ومنذ ذلك الوقت ساد مبدأ الفصل بين الدولة والدين. وحتى مؤسسو جماعة الإخوان المسلمين تبنوا هذا المبدأ، إلا أن من تبعوهم ألغوا هذا المبدأ وربطوا بين الدين والدولة مجدداً. لكنهم بقوا أقلية في المجتمع السوري. والآن، وبالنظر إلى نجاحات الإخوان المسلمين في الانتخابات المصرية وحركة النهضة في تونس، يأمل إخوان سوريا أن يصلوا إلى قمة هرم السلطة في البلاد. لكن ذلك قد يكون صعباً عليهم.
إن سوريا دولة متعددة الأعراق والطوائف، ووجهات النظر هذه لن تحظى بشعبية كبيرة. لكن الصعوبة ستكون في الدفاع عن هذا المشروع في وجه المقاتلين الأجانب، خاصة أولئك القادمين من دول الخليج. ولهذا السبب نعارض أي وجود لقوى عسكرية أجنبية على الأراضي السورية. وفي مواجهة الطائفية نطرح فكرة الدولة الديمقراطية العلمانية، وهي دولة تتبع مبدأ المجتمع المدني المعاصر، الذي تتساوى فيه كل الفئات المجتمعية.
هيثم مناع معارض سوري وناطق باسم هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي. بعد عامين من الاختباء من النظام السوري، ترك مناع سوريا إلى فرنسا سنة 1978، والتي ما يزال يعيش فيها إلى الآن