هاجس الارهاب يخيم على السياحة العالمية
٦ نوفمبر ٢٠١٥فور اعلان سقوط طائرة الايرباص الروسية في صحراء سيناء المصرية وعلى متنها 224 سائح روسي توجهت فرق خبراء أمنيين الى المكان الذي تناثرت فيه اجزاء الطائرة للتحقق مما كان عطل فني وراء الكارثة أم اعتداء ارهابي. ومنذ اللحظات الأولى راجت الشائعات حول وقوف ارهابيين اسلاميين وراء استهداف طائرة مدنية لأول مرة منذ الـ 11 من سبتمبر 2001. وظلت فرضية وقوع عطل فني الأكثر ترجيحا في وسائل الاعلام، وتم على الأقل أمام الرأي العام نفي صحة نبأ تورط تنظيمين ارهابيين في اسقاط الطائرة، غير أن الخبراء الأمنيين وأجهزة الاستخبارات لم تقل كلمة الفصل الأخيرة.
قطاع السياحة مستهدف بشكل واضح
والى حد الآن لم يتم الكشف عن السبب الحقيقي وراء الحادث لتظل فرضية تنفيذ اعتداء ارهابي من داخل الطائرة قائمة على الأقل من منظور الحكومة البريطانية، وكذلك من وجهة نظر الأمريكيين الذين شددوا على احتمال وقوع هجوم ارهابي. وأبلغ خبراء أمنيون بريطانيون الحكومة الألمانية الخميس (5 نوفمبر) أن "هناك احتمالا كبيرا" بحصول اعتداء بسبب الضربات الجوية التي ينفذها الروس في سوريا. ويبدو أن التنصت على الاتصالات أتى بالاشارات الحاسمة في هذا الموضوع. غير أن البريطانيين أنفسهم لا يستبعدون بشكل جازم العطل الفني في الطائرة.
وعلى هذا الأساس قالت شركة لوفتهانزا الألمانية إن شركتي يوروينغز وإدلفايس التابعتين لها ستوقفان رحلاتهما الجوية إلى منتجع شرم الشيخ المصري في الوقت الحالي كإجراء احترازي نظرا للوضع في سيناء. وقالت لوفتهانزا إن الشركتين كانتا تعتزمان تسيير طائراتهما إلى شرم الشيخ مرتين في الأسبوع. وستعمل الشركة الآن على إعادة الركاب من شرم الشيخ.
من جانبها قررت شركة كي ال ام الهولندية منع نقل الامتعة على رحلتها من القاهرة الى امستردام. وأعلنت وزارة الطيران المدني المصرية ان 29 رحلة تديرها شركات بريطانية ستغادر مطار شرم الشيخ الجمعة (6 نوفمبر) ضمن خطة لاعادة الآلاف من الرعايا البريطانيين من المنتجع السياحي المصري، بعد قرابة اسبوع على تحطم طائرة روسية فوق سيناء.
وأثار قرار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تعليق الرحلات البريطانية من وإلى مطار شرم الشيخ غضب مصر التي تعتمد على عائدات السياحة، كما أثار انتقادات الكرملين الذي قال إنه لم يحصل على تفاصيل معلومات المخابرات التي استندت اليها بريطانيا في اتخاذ القرار.
وحتى روسيا التي ترفض سيناريو عمل إرهابي وراء حادث الطائرة، انضمت إلى الدول التي تعلق سفر رعاياها إلى شرم الشيخ. وإن كان دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين قد سعى اليوم الجمعة للتوضيح بان قرار روسيا تعليق الرحلات الجوية إلى مصر لا يعني أن تحطم الطائرة الروسية يوم السبت الماضي ناجم عن هجوم إرهابي. وأضاف بيسكوف أن الرحلات ستتوقف لحين الوصول إلى مستوى السلامة المطلوب مع القاهرة.
وأعلنت جماعة ولاية سيناء التي بايعت تنظيم "الدولة الإسلامية" ومقرها سيناء مسؤوليتها عن اسقاط الطائرة. وإذا تأكد الأمر فسيكون أول هجوم للجماعة على الطيران المدني يضرب السياحة بشكل موجع في المنطقة.
هاجس الارهاب يضعف الحركة السياحية
وفي أول تصريحات له تعليقا على الكارثة قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مقابلة إذاعية "هناك احتمال بوجود قنبلة في الطائرة. نأخذ هذا الأمر بجدية شديدة." غير أن موسكو -التي تشن غارات جوية ضد مقاتلين إسلاميين بينهم تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا منذ أكثر من شهر- قالت إن من السابق لاوانه التوصل إلى نتائج بان الطائرة تعرضت لهجوم.
وقالت وكالة انترفاكس للانباء إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ كاميرون في اتصال هاتفي بمدى أهمية أن تكون التقييمات الخاصة بالأسباب المحتملة للحادث مستندة إلى معلومات مستقاة من التحقيق الرسمي. وقالت مصر -التي تعتمد على السياحة كمصدر حيوي للعملة الصعبة- إنه لا يوجد دليل على ان قنبلة اسقطت الطائرة. وقال وزير الطيران المدني المصري حسام كمال عن نظرية الانفجار إن فريق التحقيقات لا يملك أي أدلة أو بيانات تؤكد هذه الفرضية. لكن رئيس هيئة الطيران الروسية (روسافياتسيا) قال إن المحققين سيفحصون إن كانت هناك مواد متفجرة على الطائرة. وقال ألكسندر نيرادكو إن التحقيق سيصل لنتائج أولية خلال بضعة شهور.
سابقة قد تغير قواعد التعامل مع الارهاب
الأيام المقبلة هي التي ستكشف النقاب عن الأسباب الكامنة وراء سقوط الطائرة الروسية في سيناء المصرية، واذا تأكدت فرضيات الحكومة البريطانية، فان العواقب، كما كتبت صحيفة زود دويتشه الالمانية ستكون وخيمة، ألا وهي انتكاسة قطاع السياحة في مصر، على غرار ما حصل في وقت سابق عقب الاعتداءات الارهابية في تونس. وسيكون من الضروري التحقق فيما اذا كانت ثغرات أمنية سمحت في مصر بتهريب قنبلة الى داخل الطائرة الروسية، أم أن الارهابيين طوروا أساليب جديدة لتنفيذ مخططاتهم. وعندئد سيصبح تنظيم "الدولة الاسلامية" ليس فقط كابوسا للناس في المنطقة، بل بشكل نهائي تنظيما ارهابيا يتحرك على مستوى العالم.