نموذج نجاح – مدرسة ألمانية تنجح في الجمع بين التعليم النظري والتكوين المهني
٤ يناير ٢٠١٠تسعى المدارس في ألمانيا إلى تعليم أجيال المستقبل وإعدادهم للدخول إلى الحياة العملية. ولكن يبدو أنها لم تنجح كليا في أداء هذه المهمة هذه الأيام، فأرباب العمل يشتكون من المستويات الضعيفة للشباب الذين بدؤوا العمل عندهم بعد تأهيلهم. الأمر الذي دفع عددا من الولايات الألمانية إلى اتخاذ إجراءات تهدف إلى إعطاء التكوين المهني إلى جانب التعليم المدرسي أهمية أكبر اعتبارا من بداية العام الجاري، خاصة بعد أن اتضح مدى نجاح هذا التعليم المزدوج في مدرسة إعدادية بمدينة نويشتات بولاية سكسونيا السفلى، التي أدركت قبل ست سنوات أهمية التعليم المزدوج وأدرجت دروسا في التكوين المهني في مناهجها الدراسية.
دروس التكوين المهني - فسحة للترفيه والتعرف على الإمكانيات
ففي مدرسة نويشتات الإعدادية يغير التلاميذ مرتين في الأسبوع الأقلام والكتب بأدوات مختلفة كالمقص أو الملاعق أو الأمشاط وأخرى. وخلال ذلك يتلقى الصف التاسع مثلا مرتين في الأسبوع دروسا في التربية المهنية في مدرسة للتكوين المهني، حيث بإمكان التلاميذ اختيار دروس تطبيقية في أربع مهن مختلفة، هي التغذية والعناية الجسدية والتقنية المعدنية وأعمال الطلاء الداخلية. من جهته، يقول هيربيرت كوخ، وهو مدرس مختص في أعمال الطلاء والتجهيز الداخلي: "الدروس المقدمة هنا هي دروس تطبيقية بالأساس"، حيث "تم تخصيص غرفة صغيرة يتعلم فيها التلاميذ العمل المهني"، مشيرا إلى أنهم يتعلمون مثلا كيفية "إزالة الورق اللاصق من على الجدران وتفحص بنيتها التحتية وإعادة تهيئتها أيضا". كما تتضمن الدروس أيضا "أعمال التجهيز الداخلي، حيث يتم تصميم غرفة لتكون غرفة أطفال". ويعمل التلاميذ، الذين قسموا إلى فريقين، بكل هدوء وتركيز، على غرار ليزا، التي ترى في دروس التكوين المهني " فرصة للاستراحة والترفيه من عناء الدروس النظرية التي يتم فيها تزويد التلاميذ بعدد كبير من المعلومات، كما يتعين عليهم الاجتهاد والمراجعة، إلى درجة أنهم يصبحون بعد فترة غير قادرين على التركيز". فيما بإمكان التلاميذ في مدرسة التكوين المهني "التحرك وتجربة أشياء جديدة وتعلم أشياء أخرى ممتعة كاستعمال الألوان وغيرها"، بحسب ليزا.
"التكوين المهني فرصة لاستغلال إمكانات التلاميذ بشكل أفضل"
وتسعى المدرسة الإعدادية في مدينة نويشتات من خلال تقديم دروس تطبيقية في التكوين المهني، إلى جانب التعليم العادي الذي يغلب عليه الطابع النظري، إلى إعطاء التلاميذ فرصة للتعرف على بعض المهن وعلى ميولهم المهنية من خلال دروس إضافية. وفي سياق متصل يؤكد مدير المدرسة هيرفيغ دوفيرك أن الهدف الرئيسي للمدرسة يكمن في إعطاء التلاميذ "فرصة لاستغلال قدراتهم وإمكانياتهم بشكل أفضل". لافتا إلى ضرورة التعرف على هذه الإمكانيات من أجل مساعدتهم في ليس فقط في إيجاد الأعمال المناسبة في سوق العمل لاحقا، بل أيضا على الصعيد الشخصي.
وقد نجحت المدرسة الإعدادية في مدينة نويشتات بتقليص عدد التلاميذ الذين يتركون مقاعد الدراسة بصفة مبكرة إلى الصفر. كما يبدو أن هذا التعليم المزدوج قد أتى أكله، فمنذ ثلاثة أعوام استطاع كل تلميذ إتمام تعليمه الإعدادي بنجاح. كما تمكن 70 بالمائة من دفعة عام 2009 من الحصول على فرصة للتكوين المهني في مؤسسات مختلفة. وذاع صيت المدرسة في كافة أنحاء ألمانيا كما تهافت عليها سياسيون وعلماء وممثلون عن مؤسسات اقتصادية ومختصون في مجال التربية للتعرف على سر نجاحها. وفي سياق متصل أعرب كريستوف فايغرت، الذي قدم من جنوب ألمانيا لزيارة المدرسة الواقعة في شمالها، عن إعجابه بتعاون المدرسة الإعدادية مع مدرسة التكوين المهني، لافتا إلى أن تلاميذ المدرسة "يعرفون ما يريدون وما لا يريدون" وهذا من شأنه أن "يساعدهم في اختياراتهم المستقبلية فيما بعد". وأشار فايغرت إلى أنه يعتزم "إدراج التعليم المزدوج أيضا في مدارس المنطقة التي ينتمي إليها". يشار إلى أن مدرسة نويشتات حصلت على عدد من الجوائز المحلية تقديرا لجهودها ونجاحاتها.
الكاتبة: أوته هيمبلمان / شمس العياري
مراجعة: ابراهيم محمد