نظرة على القضايا العربية في أجندة مرشحي الرئاسة الفرنسية
٢٠ أبريل ٢٠٠٧مع اقتراب ساعة الحسم في الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجرى يوم الأحد القادم والتي قد تحدد نتائج الجولة الأولى فيها من سيجلس على كرسي قصر الإليزيه، حيث يبدو واضحا أن المنافسة فيها أخذت تنحصر بين اليمين ممثلا بوزير الداخلية السابق نيكولا ساركوزي واليسار الذي تمثله المرشحة الاشتراكية سيجولين روايال وذلك بعد ان فقدت حملة مرشح الوسط فرانسوا بايرو زخمها، كما أظهرت آخر استطلاعات الرأي. ويأتي في صلب انتخابات الرئاسة الفرنسية العديد من القضايا الداخلية المثيرة للقلق بالنسبة للناخب الفرنسي مثل البطالة والهجرة والأمن. وأما السياسة الخارجية في الغالب فإنها تلعب دورا ثانويا في توجه الناخبين الفرنسيين.
لا شك أن نتائج الانتخابات الفرنسية ستجد لها أصداء في سياساتها الخارجية وخاصة فيما يتعلق بالقضايا العربية. هذه المقالة ستحاول تقصي ملامح السياسة الخارجية القادمة لفرنسا تجاه العرب والمنطقة العربية وذلك على ضوء قراءة المؤشرات الأولية لأجندة المرشحين الأوفر حظا في هذه الانتخابات.
النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني
يعتبر المرشحون الثلاثة للانتخابات الرئاسية الفرنسية أنه يتوجب على فرنسا أن تشارك في البحث عن سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وتتشابه مواقف المرشحين إلى حد كبير من الصراع الشرق أوسطي حتى في الوعود التي يطلقونها فيما إذا وصلوا إلى قصر الاليزيه، فهم يؤكدون على حق إسرائيل في العيش بأمان و حق الفلسطينيين في أن تكون لهم دولة قابلة للحياة. كما يشدد المرشحون الثلاثة على ضرورة أن يكون الدور الفرنسي متناغما مع دور الاتحاد الأوربي في طبيعة التعامل مع هذا الصراع.
وعموما يكون المرشحون الغربيون عادة أكثر دبلوماسية وتحفظا في التعبير عن مواقفهم الحقيقية من قضية النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، خوفا من ردود أفعال قد تؤثر على توجهات الناخبين وحرصا على عدم إعطاء الخصوم السياسيين الفرصة لهجوم معاكس.
هل ولى زمن "صديق العرب"؟
يتذكر العرب مواقف إيجابية كثيرة للرئيس الفرنسي المحافظ جاك شيراك الذي يحلو للبعض وصفه بــ"صديق العرب"، لكنهم قد يتحسرون على آخر عمالقة "الجمهورية الخامسة" في حالة وصول ساركوزي إلى قصر الإليزية. ففي حين كان الأول يخرج عن فلك السياسة الأمريكية ويعارض سياستها في المنطقة، يبدو أن ساركوزي سيكون "فتى واشنطن المدلل". وأما في حالة فوز روايال فإن الوضع قد يكون أقل حدة، لكنها قطعا لن تكون بتلك الشخصية الكاريزمية التي يتمتع بها شيراك، وبالتالي فإن مواقفها ومواقف حزبها من القضايا العربية لن تكون بنفس المواقف التي كانت عليها فرنسا في عهد جاك شيراك.
يشار هنا إلى أن ساركوزي وعد باستمرار سياسة فرنسا في الشرق الأوسط إذا ما انتخب رئيسا لبلاده، غير أن العديد من المراقبين وكذا من خصوم ساركوزي يشكون في هذا، مبررين ذلك بأن مواقفه القريبة جدا من مواقف الرئيس الأمريكي جورج دبيلو بوش المنحاز في نظر هؤلاء لإسرائيل ينبئ بملامح سياسة فرنسية جديدة في المنطقة، إن لم تكن منحازة، فإنها ستكون غير متوازنة بالشكل الذي قد لا يمكن باريس من لعب دور إيجابي مقبول من الطرفين.
ورقة الجالية العربية المسلمة في فرنسا
ولا يخفى على المرشحين الفرنسيين دور الجالية المسلمة في فرنسا التي تعد الأكبر من نوعها في أوروبا الغربية ويقدر حجمها مابين أربعة إلى خمسة ملايين نسبة، 70 في المائة منهم من أصول عربية من دول شمال أفريقيا بالدرجة الأولى. ويبذل المرشحون كل ما في وسعهم لاستقطاب هؤلاء الذين يعيش غالبيتهم في الأحياء الفقيرة والمهمشة التي اندلعت فيها أعمال عنف العام الماضي.
الجدير بالذكرالتذكير أن مرشح الرئاسة الحالي ساركوزي الذي كان حينها وزيرا للداخلية تعامل مع تلك الاضطرابات بطريقة مثيرة للجدل، الأمر الذي انعكس على شعبيته الانتخابية في تلك المناطق، مما حدا بالمرشحين الآخرين الى استغلال هذا المثلب لصالحهم من خلال محاولتهم مغازلة الجالية العربية والمسلمة بالعزف على وتر القضايا التي تهمها. لكن هذه الجالية من جانبها رغم إدراكها لأهمية صوتها في هذه الانتخابات تظل حائرة ومنقسمة حول نفسها في تحديد من يستحق صوتها، لاسيما في ظل غياب مرشح يعبر عن همومها ويعالج مشكلاتها الاجتماعية والاقتصادية مثل البطالة والفقر والتعليم والاندماج وغيرها. وأما مواقف المرشحين من القضايا العربية وسياسة فرنسا تجاه المنطقة فتأتي في مرتبة متأخرة على سلم اولويات الناخب العربي والمسلم في فرنسا.