نساء ألمانيا يطالبن بالمساواة في سوق العمل
٥ أبريل ٢٠١٢
لم تكن المرأة في الماضي تتمتع بنفس المستوى التعليمي الذي تحظى به اليوم، ورغم ذلك فمازالت الفجوة بين رواتب النساء والرجال واسعة. وفي هذا الشأن يقول رولاند غونتر من مكتب الإحصاء الاتحادي: "في عام 2011 كسبت النساء 23 في المائة أقل من الرجال". وبلغ صافي دخل المرأة العاملة في قطاعات الخدمات المهنية والعلمية العام الماضي 17 يورو في الساعة مقابل 25 يورو للرجل. وكشفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) مؤخراً، أن ظاهرة التمييز في الأجور ضد المرأة وعدم المساواة لا تتجلى في أي بلد أوروبي كما تتجلى في ألمانيا. وتقول استريد روته باينليش، المتحدثة باسم سياسات المرأة من حزب الخضر: "لا نزال نعيش ظلما مجحفا وهذا بعد أكثر من 50 عاما من ترسيخ المساواة في الأجور في معاهدة روما بشكل واضح".
ضرورة اتخاذ خطوات قانونية
في ظل هذا الواقع تطالب أستريد روته باينليش بتفعيل "قانون المساواة في الأجور" والذي يُلزم الشركات بالتصدي وبالقضاء على التمييز في الأجور وفرض عقوبات محتملة " ندعو الشركات والنقابات العمالية بصياغة اتفاقيات الأجور بشكل يمنع الظلم".
وهناك سبب آخر مهم يقف وراء تصدر ألمانيا للدول التي تعاني من ظاهرة التمييز في الأجور على أساس الجنس. يكمن السبب إلى حد كبير في التشريعات الضريبية التقليدية المعتمدة على نموذج المعيل الوحيد، والتي تعتبر دخل النساء دخلاً إضافياً. يتجلى هذا العامل بوضوح في الشرائح الضريبية أو إمكانية تأمين الزوجة مجاناً على سبيل المثال. وتقول استريد روته باينليش "هكذا توفر الحوافز حتى تبقى المرأة في البيت، بدلاً من المشاركة في عملية الإنتاج".
ندرة النساء في الوظائف القيادية
ولكن ألمانيا لا تتخلف عن بقية الدول من ناحية الأجور فقط. فالوظائف العليا في قطاع الاقتصاد حكر على الرجال فقط تقريباً. ومن بين 100 وظيفة في مجلس إدارة الشركة هناك أربع وظائف فقط تشغلها النساء. وتشهد المناصب الإدارية الوسطى والعليا تغييراً واضحاً، "فبعد إدخال نظام الكوته في شركة تليكوم للاتصالات في آذار/مارس 2010، ارتفعت النسبة المئوية للنساء في الإدارة الوسطى والعليا من 19 إلى 24.7 في المائة" ، كما تقول آنا فيندرس، المتحدثة باسم الشركة، لكن تمثيل النساء ضعيف للغاية في مجلس الإدارة.
لا وظائف قيادية بدون الكوته
أسباب هذه الظاهرة متنوعة، فالكثير من المدراء يعتقدون أنه من الصعب التوفيق بين النجاح المهني وتربيه الأطفال، ولذا فهم يدعمون النساء أقل من الرجال. ولا تواجه النساء في العديد من الشركات صعوبات في الوصول إلى المناصب الإدارية المتوسطة، لكنهن يواجهن عقبات حين يحاولن الترقي إلى المناصب الإدارية العليا. وهذا بسبب شبكة العلاقات الرجالية، التي تمتد إلى المدير التنفيذي، في حين أن شبكة علاقات المرأة التي تشغل مناصب إدارية وسطى تمتد إلى أسفل الهرم. ولذا فإن الخبرة والإرادة لا تكفيان وحدهما على ما يبدو لزيادة نسبة النساء في المناصب القيادية. وبينما كان هناك توجه في تسعينات القرن الماضي لتعزيز دور المرأة عن طريق التوفيق بين العمل والأسرة، فإن نظام الكوتة هو الحل البديل لاجتثاث ظاهرة التمييز ضد المرأة في سوق العمل اليوم.
وتوضح استريد روته باينليش "لا نعتقد أن نسبة النساء في المناصب العليا ستزداد وحدها". وتقول إن حزب الخضر يتمتع بخبرة طويلة في مجال نظام الكوته ذي الفاعلية الفريدة و"لذا نطالب بفرض نظام الكوته"، كما تقول المتحدثة باسم سياسات المرأة في الحزب .
لقد وضعت العديد من الشركات الناجحة، وخصوصا الشركات متعددة الجنسيات قضايا الجنس الاجتماعي والتنوع على جدول أعمالها في السنوات الأخيرة بشكل متزايد وذلك لأسباب تتعلق أيضاً بالنقص في الأيدي الماهرة والكفاءات القادرة على تولي الوظائف القيادية في العديد من المجالات على ما يبدو. وأيضاً بسبب التطور الديموغرافي، الذي سينتج عنه نقص في الأيدي العاملة. وتعتبر النساء "احتياطي القوى العاملة الموهوبة"، والتي لن يكون هناك أي مستقبل بدونها.
اولريكه هومل/ مي المهدي
مراجعة: عبد الرحمن عثمان