موقع "18 يوم في مصر": الثورة المصرية بكلمات صانعيها
٥ أبريل ٢٠١٢من يعرف أبطال ثورة 25 يناير المصرية والمشاركين فيها؟ قلة قليلة باتت معروفة إثر تسليط وسائل الإعلام الضوء عليها وعلى بطولاتها، لتبقى ملايين القصص الأخرى في الظل، حبيسة في قلوب أصحابها. كان الوضع هكذا إلى أن قرر شاب وشابة تجمع بينهما الجنسية الأمريكية أن يمنحا الفرصة لهؤلاء الأبطال المجهولين كي يحكي كل واحد منهم قصته ويروي شهادته على صنع التاريخ. جيجار ميهتا، وياسمين العياط، التي تحمل الجنسية المصرية بجانب الأمريكية، قاما بإنشاء موقع اليكتروني بعنوان: "18 يوما في مصر"، كناية عن عدد الأيام التي استغرقتها الثورة المصرية للإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.
"كان جيجار وياسمين يشاهدان أحداث الثورة وحينها فكرا: ماذا سيحدث إذا لم يستطع كل شخص من هؤلاء الثوار أن ينقل قصة نضاله ومعاناته للعالم، أليس في ذلك محوا للتاريخ؟" تقول كارمل دلشاد، مديرة العلاقات العامة للموقع والتي تحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية، في حوارها مع DW عربية. وتضيف دلشاد أنهما من هنا "قررا إنشاء هذا الموقع ليكون الأداة التي ينقل من خلالها المصريون قصص معايشتهم للحظات ثورتهم التاريخية".
تقنيات حديثة وتفاعلية لمساعدة الأعضاء على رواية قصصهم
تبدأ رحلة زوار الموقع باختيار اللغة، والخيارات هنا ليست كثيرة إذ على الزائر الاختيار بين العربية والإنجليزية. يلي تلك الخطوة التسجيل في الموقع حيث يتيح لزواره ربطه بحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي كفيسبوك وتويتر وغوغل بلس بالإضافة إلى ربطه بحساباتهم على موقع الفيديو الشهيرYoutube وموقع عرض الصور الفوتوغرافية Flicker. وبإشارة الزائر على موافقته على شروط وقوانين الموقع يتحول إلى عضو ليصبح جاهزا لكتابة قصته لتصبح متاحة للعالم ليقرأها.
بعد التسجيل يظهر للعضو صفحة تشرح له كيفية استخدام الموقع. ويحتاج العضو أولاً إلى اختيار اليوم الذي ينوي أن يروي قصته فيه. ومن ثم يتم تحديد المكان الذي تواجد فيه حينها ثم دعوة أصدقائه، الذين كانوا معه في تلك اللحظات، عن طريق حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي للدخول للإضافة أو التعديل على قصته. "التفاعلية هي أكثر ما يميز موقعنا عن أي وسيلة توثيق أخرى تتبعها وسائل الإعلام حتى ولو كانت صحافة المواطن. فمن خلال دعوة المشاركين لأصدقائهم للإضافة على ما قصوه نحصل على صورة شبه مكتملة للأحداث تجمع كل أوجه النظر المختلفة". توضح دلشاد في حوارها مع DW عربية.
تظهر بعدها للعضو صفحة بيضاء تعلوها أيقونات حساباته التي قام بربطها بالموقع. وتشرح دلشاد لموقعDW عربية أساليب عمل تلك الأيقونات قائلة: "هنا يمكن للعضو بضغطة على أيقونة حسابه على تويتر مثلاً أن يسترجع تغريداته التي نشرها في ذلك اليوم الذي اختاره بسهولة ويسر إذا ما أراد استخدام تلك التغريدات في رواية قصته وكذلك مع فيسبوك وغيره". ويستطيع العضو أيضاً الاستعانة بالصور التي التقطها في ذلك اليوم من على حسابه على Flickerوإضافة فيديوهات إما التقطتها عدسة كاميرته أو كاميرات أخرى من على موقعYoutube ليضيفهم إلى نص قصته. كما يوجد أيضاً أيقونات أخرى من خلالها يستطيع العضو أن يضيف فيديوهات أو صور أخرى من على حاسبه الآلي أو حتى تسجيل القصة بصوته.
حين ينتهي العضو من استخدام أدواته لرواية قصته يضغط "انشر" على يمين الصفحة لتظهر له صفحة أخرى تطالبه أولاً بوضع علامات توضيحية لتساعد على تصنيف موضوعه وثانياً بوصف شعوره في تلك اللحظات التي عاشها معطيةً إياه خمس خياراتٍ: غاضب، خائف، غير مبالي، متفائل، سعيد. بتلك الخطوات ينتهي العضو من إضافة قصته لتظهر على الصفحة الرئيسية للموقع ويصبح متاحاً للجميع قراءة النص ومشاهدة الصور والفيديو.
توظيف مراسلين لنقل قصص من لا يستطيعون إستخدام الموقع
"باختصار نحن نستخدم أدوات الثورة المصرية للتوثيق لأحداث تلك الثورة" تقول دلشاد في حوارها مع DW عربية. "نحن ندرك تماماً أن الثورة لم تنته برحيل مبارك بل مازالت مستمرة إلى الآن لذا نسعى مع زوارنا إلى توثيق كل الأحداث التي حدثت منذ 25 يناير وحتى اليوم". دلشاد نفسها لم تكن متواجدة في مصر أثناء ثورة يناير بل عادت في أعقاب أحداث محمد محمود والتي اندلعت بين الثوار والأمن في شهر نوفمبر الماضي. منذ ذلك الحين، وثقت دلشاد عشرين قصة على موقع "18 يوم في مصر" بعضها عايشتها وأخرى نقلتها على لسان أخريين."لنكن صريحين، نعلم أن كثيرين من الناس قد يجدون صعوبة في التفاعل مع تقنيات موقعنا".
في مواجهة تلك المشكلة قررت إدارة الموقع توظيف عشرين مراسلا. "هؤلاء المراسلون سينزلون إلى الناس ليجمعوا قصصهم وموادهم المرئية ويضيفوها إلى موقعنا إيماناً منا بحق تلك الفئة التي لا تستطيع استخدام موقعنا في أن يقصوا حكايات بطولاتهم أيضاً ليعرفها الجميع" توضح دلشاد.
مئات المشاركات نشرت على الموقع الإليكتروني الذي انطلق منذ شهور قليلة جاذباً آلاف المتصفحين. هؤلاء المتصفحون والزوار وجدوا أنفسهم أمام روايات وقصص جديدة تكشف العديد من خبايا وأسرار الأحداث التي مرت بها مصر على مدار أكثر من عام ناقلة أحاسيس المشاركين فيها وأحاديثهم وأفكارهم وتحركاتهم. وتجزم دلشاد بمستقبل مشرق لمشروع "18 يوم في مصر" قائلة في نهاية حوارها مع DWعربية: "أنه ككبسولة الزمن. بعد مائة عام من الآن قد تختفي الجرائد والأوراق لكن ذلك الموقع سيبقى شاهداً وموثقاً لأيام تاريخية عاشها المصريون باحثين عن بداية جديدة لبلدهم".
أحمد حمدي – القاهرة
مراجعة: أحمد حسو