موافقة ألمانية مبدئية على المشاركة في قوات دولية لحفظ السلام في لبنان
١٧ أغسطس ٢٠٠٦أعلنت إطراف الحكومة الائتلافية الألمانية أمس الأربعاء انها وافقت مبدئيا على مشاركة المانيا في القوة الدولية المزمع إرسالها الى لبنان. وجاء في بيان تم تبنيه اثر اجتماع قمة للائتلاف الحكومي على هامش مهرجان بايروت جنوب المانيا ان الائتلاف يوافق على المساهمة في معالجة المشكلات السياسية في الشرق الأوسط. لكن البيان أشار في المقام الاول الى "مساعدات إنسانية ومن اجل إعادة البناء فضلا عن مساهمة في مراقبة الحدود اللبنانية السورية لاسيما من من البحر". هذا وكانت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل قد ترأست أمس ألأربعاء اجتماع قمة للائتلاف الحكومي خصص لبحث هذه المسألة بمشاركة نائب المستشارة فرانتس مونتيفيرينغ (إشتراكي ديموقراطي) وزعيم الحزب المسيحي الاجتماعي الألماني الحليف لحزب المستشارة، إدموند شتويبر، إضافة الى رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي الألماني كورت بيك.
نقاشات مكثفة والحكومة "لن تُصدر شيك على بياض"
وكشف المتحدث الحكومي الألماني توماس شينغ بأن قرار المشاركة في قوات دولية في لبنان لن يكون سهلا بالنسبة للحكومة الألمانية، مشيرا أيضا إلى صعوبات فنية في تشكيلها وإلى ضغط الوقت. وأضاف: "الحكومة الألمانية لن تُصدر شيك على بياض كما ان الجنود الألمان لن يرسلوا بطريقة اعتباطية إلى المغامرة"، في إشارة إلى حرص حكومته على حياة وسلامة جنودها في منطقة التوتر. من جانبه قال السياسي المختص بالشئون الخارجية والأمن في الحزب الديمقراطي المسيحي، كارل لامرز، من أن ذهاب القوات الألمانية إلى المنطقة لن يكون بمثابة "نزهة"، محذرا من أن منطقة الشرق الأوسط من "أخطر مناطق في العالم". لذلك تجري الحكومة مشاروات مكثفة على متخلف المستويات لبلورة موقف محدد يتم على ضوئه اتخاذ مثل هذا القرار الذي يعد الاول من نوعه في تاريخ ألمانيا بعد الحرب.
في هذا السياق تواصل المستشارة ألألمانية اليوم الخميس مناقشات مستفيضة مع الوزراء المعنيين في حكومتها وفي مقدمتهم وزراء الدفاع والخارجية والداخلية. وفي وقت لاحق من نفس اليوم ستلتقي برؤساء الكتل البرلمانية. وعقب المؤتمر الدولي الخاص بمناقشة موضوع تشكيل القوات الدولية الذي سيعقد اليوم الخميس في نيويورك، ستدعو ميركل قيادات الإتلاف الحكومي لاجتماع جديد يتم خلاله إعلام الرأي العام الألماني بالقرار النهائي. لكن كل هذه الخطوات ليست كافية للمشاركة التلقائية في القوات الدولية بل إنها تأتي تمهيدا لطرح المسألة على البرلمان الألماني (البونديستاغ) الذي يملك الكلمة الأخيرة والفاصلة. فبصرف النظر عن نوع وطبيعة المشاركة الألمانية في القوات الدولية يتوجب دستوريا ان يوافق البرلمان على ذلك.
مواقف متباينه وأصوات معارضة
في الوقت الذي تميل فيه قيادة الحزب المسيحي الديمقراطي إلى إرسال قوات إلى المنطقة ,وتضغط المستشارة انجيلا ميركل في هذا الإتجاه، تمسك قيادات الحزب الاشتراكي الديمقراطي العصا من الوسط في موقف يعتبره المراقبون لا يعكس ثقل الحزب في الإئتلاف الحاكم ولا يعبر عن ثوابته التي عرف بها. وبينما يعارض الحزب المسيحي الاجتماعي المحافظ، الحليف التقليدي لحزب ميركل، وحزبي المعارضة: الديمقراطي الحر و وحزب اليسار، إرسال قوات إلى لبنان.، يشكك حزب الخضر المعارض في جدوى هذه القوات لكنه لا يعارض من حيث المبدأ مساهمتها في إعادة الإعمار. يشار هنا إلى أن إدموند شتويبر رئيس وزراء ولاية بافاريا، ورئيس الحزب المسيحي الاجتماعي أبدى تشككه بشأن إرسال قوات للمنطقة لأسباب تاريخية وعملية منها أن الجيش سيشهد ضغوطا إضافية بسبب وجود قوات قوامها 7700 جندي في الخارج في أفغانستان والبلقان والكونجو. وجدد شتويبر موقفه المعارض في مقال نشرته صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" أمس الأربعاء مشيرا بأنه لا يمكنه تصور وجود عسكري ألماني على حدود إسرائيل، مشككا في الوقت نفسه بعدم وجود أغلبية في البرلمان الألماني تؤيد مثل هذا القرار. وكشف الوزرير البافاري عن أنه حتى داخل الإئتلاف الحكومي لايوجد إجماع.
وفي حالة مشاركة المانيا في قوات دولية على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية فإنه من المرجح أن تحدث خطوة كهذه انقساما في البلاد. فهناك مخاوف من أن الجنود الألمان قد يضطرون لإطلاق النار على إسرائيليين في إطار أي اشتباك مع القوة الدولية. هذا مثل هذا الأمر سيكون له حساسية خاصة تجعل كثيرين من الألمان لا يشعرون بالارتياح لمشاركة قواتهم في مثل هذه المهمة نظرا لأسباب تاريخية تعود إلى الحقبة النازية. في هذا السياق قال زعيم الحزب الديموقراطي الحر جويدو فيسترفيله "اذا كان هناك مكان واحد محرم على الجنود الألمان فهو الحدود الإسرائيلية، تاريخنا يحرم ذلك".