الحكومة الألمانية تتجه لإرسال وحدات عسكرية إلى لبنان
١٥ أغسطس ٢٠٠٦كشفت مصادر إعلامية ألمانية النقاب عن ان طرفي الائتلاف الحكومي في برلين اتفقا على مشاركة الجيش الألماني "بوندسفير" في القوة الدولية التي سترابط في لبنان. فقد نسبت صحيفتا "دير تاغيس شبيغل" و" لايبزيغر فولكس تسايتونغ" واسعتا الإطلاع صباح اليوم إلى مصادر ألمانية مسؤولة قولها إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (الحزب المسيحي الديمقراطي) ونائبها فرانس مونتيفيرينغ (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) ووزير الخارجية فرانك ـ فالتر شتاينماير (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) ووزير الدفاع فرانس ـ جوزيف يونغ (الحزب المسيحي الديمقراطي) "اتفقوا في نهاية الأسبوع المنصرم على قرار مبدئي" بخصوص مشاركة الجيش الألماني في مهام القوة الدولية التي سترابط على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بغرض حفظ السلام في المنطقة. وأضافت الصحيفتان أن الجهات الألمانية المختصة ستطلع الرأي العام الألماني على تفاصيل الاتفاق بعد عودة وزير الخارجية الألماني شتاينماير من زيارته التي يقوم بها في الوقت الراهن إلى الشرق الأوسط. يشار إلى أن هذا الاتفاق جاء لينهي نقاشا حادا نشب في الأوساط السياسة والشعبية الألمانية منذ بداية الحديث عن إرسال قوة دولية إلى المنطقة. ووفقا ليومية "دير تاغيس شبيغل" البرلينية، فإن كبار السياسيين الألمان "اتفقوا قبل كل شيء على مشاركة قوات بحرية ألمانية في مراقبة الطرق البحرية قبالة السواحل اللبنانية والإسرائيلية وعلى مرابطة قوات شرطة ألمانية على الحدود اللبنانية السورية." ومن الجدير بالذكر أن المسؤولين الألمان ـ حسب الصحيفة ـ استبعدوا مشاركة قوات إسعاف أو وحدات مروحيات في القوة الدولية المزمع إرسالها.
"بوندسفير" .. قدرات لا غبار عليها
وبعيدا عن الاتفاق السياسي المفاجئ الذي جاء بعد جدل واسع في الأوساط السياسية والعسكرية الألمانية، يمكن القول إن المراقبين يعتبرون الاتفاق أكثر القرارات صعوبة في تاريخ الجيش الألماني "بوندسفير". وفي حين يعتبر المهتمون اتخاذ قرار سياسي في هذا الخصوص تطورا تاريخيا، يخوض المختصون نقاشا موازيا بخصوص قدرة وكفاءة القوات الألمانية اللازمة للمشاركة في هذه المهام. صحيح أن أصحاب القرار في برلين والخبراء سئموا التأكيد لوسائل الإعلام على ضرورة انتظار تحديد الأمم المتحدة لطبيعة هذه المهام وشكلها، إلا أن الخبراء العسكريين في وزارة الدفاع الاتحادية يعكفون منذ فترة على دراسة القدرات الفعلية للجيش وما يمكنها تقديمه للنخبة السياسية التي لا تخلو من معارضين لإرسال جنود ألمان إلى الشرق الأوسط. ويعلل هؤلاء رفضهم بنفاد القدرات العسكرية للجيش الألماني تارة، وبالصفحة السوداء (الحقبة النازية) في التاريخ الألماني وعقدة الذنب المرتبطة بالمحرقة والحرب العالمية الثانية تارة أخرى، على حد تعبيرهم. هذا من الناحية السياسية. أما من الناحية العسكرية، فإن خبراء مختصين يؤكدون على أن كفاءة وقدرة الجيش الألماني اللازمة للمشاركة في هذه المهام لا غبار عليها.
سمعة ممتازة ومهام واسعة
ففي هذا الخصوص، أكد مسؤول عسكري رفيع المستوى في حلف شمال الأطلسي (ناتو) أن قدرات القوات الألمانية " لا جدال فيها". وجزم المسؤول في تصريحات لهذه لوسائل إعلامية ألمانية أن الجيش الألماني "يتمتع بسمعة ممتازة". إلى ذلك، نسبت هذه الوسائل إلى خبراء عسكريين قولهم إن هذا الجيش مجهز بشكل جيد من الناحية العسكرية". وإذا ألقينا نظرة سريعة على المهام الدولية المناطة بالجيش الألماني، سواء في كوسوفو أو في أفغانستان أو في القرن الإفريقي، فإننا نستطيع ملاحظة حدوث تحول كبير في السنوات العشر الماضية. فالمهام التي يقوم بها لا تقتصر فقط على على تسلم مراكز هامشية، بل تتجاوزها إلى أخرى قيادية. وتأتي كلمات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ياب دي هوب شيفر التي امتدح فيها قدرات الجيش الألماني بالقول إنه " يقوم ضمن قوات إيساف المرابطة في أفغانستان بعمل رائع،" لتأكد على جاهزية الجنود الألمان للقيام بمهام دولية.
من كوسوفو إلى أفغانستان
بعد وقت قصير من نهاية الحرب اليوغسلافية التي شاركت فيها ألمانيا مشاركة مباشرة، اتضح أن المشاركة العسكرية الألمانية يجب أن تتخذ أشكالاً وأبعاداً مختلفة عما كان عليه وضعها في العراق (الكويت) وفي كمبوديا والصومال، حيث كان الجيش الألماني يشارك منذ أكتوبر/تشرين الأول 1991 في بعثات مختلفة تحت راية الأمم المتحدة. وعندما وافق البرلمان الألماني في منتصف ديسمبر/كانون الأول 1996 على إرسال جنود ألمان إلى البوسنة، وعندما شاركت في مارس/آذار 1999 طائرات حربية ألمانية – في نزاع كوسوفو تحت منظلة حلف شمال الأطلسي - بالهجوم على أهداف استراتيجية في صربيا يدا واضحا حدوث تغير كبير على مهام الجيش الألماني. هذا في أوروبا. أما في أفغانستان، فإن ألمانيا تشارك في إطار القوة الدولية "إيساف" بوحدات يبلغ قوامها 2700 جندي. وتلقى على عاتق الجنود الألمان مهام أبرزها دعم القوات الأفغانية في القيام بعملها. ووفقا للخبراء العسكريين، فإن القوات الألمانية المرابطة في أفغانستان مزودة بأفضل التجهيزات التي تسمح لها القيام بمهامها على أحسن حال.
ناصر جبارة