مقهى آينشتاين يحتضن الأدب العربي في برلين
أصبحت العولمة كلمة تملأ كل جوانب حياتنا، وحتى في حياتنا الأدبية اليوم، يلزم التفكير جديا ً في اكتشاف التنوع الأدبي العالمي وخلق فرص للاتصال والتعارف بين الأدباء من كل أنحاء العالم. هذه هي الفكرة التي دفعت مؤسسة بيتر فايس للفن والسياسة بالتعاون مع لجنة المهرجانات في برلين إلى تأسيس مهرجان للأدب العالمي في برلين تحت رعاية الفرع الألماني لمنظمة اليونسكو. حيث يتقابل الكتاب العرب بأدبهم الشاعري مع كتاب القصص القصيرة الأمريكيين العمليين، ويلتقي الشعراء الروس بشعراء كوريا الجنوبية، ويتناقش الروائيون من جنوب أفريقيا مع النشء الألباني. وبمساعدة المترجمين يستطيع الأدباء تبادل الآراء في أمور عديدة خلال أيام هذا المهرجان.
ما هو مهرجان الأدب العالمي؟
يحتفل المهرجان العالمي للأدب هذا العام بدورته الخامسة والتي تمتد من السادس وحتى السابع عشر من شهر سبتمبر/أيلول. وبالرغم من العمر القصير لهذا المهرجان، إلا أن نجاحه في الأعوام الماضية والإقبال الجماهيري الكبير عليه، جعل له وضعاً هاماً على الساحة الأدبية، حتى أن رئيس المهرجان أطلق عليه لقب الأخ الأصغر لمهرجان برلين الدولي للأفلام (البرلينالي) على الساحة الأدبية. ويشارك فيه حوالي مئة أديب من دول متعددة، حيث يعرضون أعمالهم في نطاق برنامج آداب من العالم.
وتختار لجنة معروفة بخبرة أعضائها ومعرفتهم الجيدة بأدب المنطقة هؤلاء الأدباء. وسوف تتاح الفرصة لهؤلاء الأدباء لعرض أعمالهم الشعرية والنثرية، والتعرف على أعمال زملائهم من كل أنحاء العالم. وإلى جانب اكتشاف أعمال الأدباء المعاصرين، يخصص برنامج: "تحدثي أيتها الذكريات" للأدباء والشعراء الراحلين، خاصة من لم يلق التقدير المناسب في حياته. أما ضيف المهرجان هذا العام فهو كاليفورنيا، ولذلك تعتبر المشاركة الأمريكية كبيرة جداً هذا العام. وإلى جانب كاليفورنيا، دعا المهرجان ثلاثة أدباء أتراك وثلاثة من العرب ليكونوا ضيوف الأسبوع الثاني.
أنشطة متعددة في مهرجان الأدب
وبالطبع لن يقتصر لقاء الأدباء على مناقشة الأدب فقط، فهناك برنامجاً
لمناقشة أهم القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية، الذي سيحضره أيضاً عدد كبير من الأدباء من مختلف البلدان. ولم ينس القائمون على المهرجان الأطفال، بل سعوا إلى جذب النشء وتعريفهم بجماليات الأدب وتوسيع أفقهم وتشجيعهم على القراءة عبر البرنامج الخاص بأدب الطفل والشبيبة وتشارك الأديبة اللبنانية إميلي نصرالله في هذا البرنامج.
أما الفن السابع، الذي يجذب عقول وقلوب الكبار قبل الصغار، فقد كان له مكانه في المهرجان. فهذا الفن، وإن كان متهماً بسرقة الأضواء من الكتاب والأدب المقروء، إلا أنه في النهاية ابن للأدب القصصي، يستقي معظم أفكاره من التراث الأدبي العالمي، ومن الأدب الحديث. لذا فقد خصص المهرجان قسماً خاصاً للأفلام المستوحاة من قصص أدبية. وعلى هامش المهرجان، تقام العديد من الأنشطة والمحاضرات الأدبية في نواحي برلين، من بينها ليلة آينشتاين، التي ستخصص للإحتفاء بالعالم الكبير بمناسبة الاحتفال هذا العام بـ"بعام أينشتاين". وستهتم هذه الليلة بوجه أينشتاين الإنسان وليس العالم. حيث ستعرض الكتب والأفلام، وستقام مناقشات حول شخص هذا العالم العبقري وأفكاره الفلسفية والإنسانية.
المشاركة العربية في مهرجان الأدب العالمي في برلين
وتعتبر المشاركة العربية في هذا المهرجان مشاركة قوية، فقد كان الأديب التونسي عبد الوهاب مدب، وهو شاعر وأديب وأحد المتخصصين في الكتابة عن التصوف الإسلامي، واحداً من المسئولين عن اختيار الأدباء المشاركين في برنامج أدباء من العالم. ويهتم عبد الوهاب مدب بترجمة النصوص الأدبية العربية الكلاسيكية والحديثة، إلى اللغة الفرنسية كما يكتب أيضاً باللغة الفرنسية. ولكن انتمائه الأول يبقى للغة العربية، فهو يضعها دائماً كنقطة مركزية في كل أعماله.
وتم اختيار الأديبة اللبنانية فينوس خوري غاتا لتمثيل الأدب العربي في المهرجان، بالإضافة إلى مشاركة الأديبة اللبنانية إيميلي نصر الله في برنامج أدب الأطفال. كما أن المهرجان دعا ثلاثة أدباء عرب ليكونوا ضيوفاً بالأسبوع الثاني من المهرجان، وهم عباس بيضون ورشيد الضيف من لبنان، وميرال الطحاوي من مصر، والذين سيقدمون أعمالهم الأدبية للجمهور على مدار أيام المهرجان في أماكن مختلفة في برلين، ليصل عدد الأدباء المشاركين إلى خمسة أدباء، من مجموع مئة أديب مشارك من كل أنحاء العالم.