مصر والسعودية.. تنافس على صدارة مؤشر "البؤس الاقتصادي"؟
١٦ فبراير ٢٠١٨اللافت في القائمة الخاصة بالدول الأكثر بؤسا اقتصاديا في العالم، هو تراجع السعودية بأربع خطوات إلى الوراء، لتحتل المرتبة الثانية عربيا بعد مصر؛ إذ عادت مشكلة التضخم بالبلد إلى التسارع مجددا بعد أشهر من انكماش الأسعار، حسب ما ذهبت إليه الدراسة التي صدرت أمس الخميس (15 شباط/فبراير 2018) عن شبكة "بلومبرغ" الإخبارية الأمريكية. هذا في حين أن مصر، تطورت بشكل إيجابي وجاءت في المرتبة الرابعة بين "الدول الأكثر بؤسا" بدل الثانية في2017، والأولى عربيا.
ووفق المؤشر دائما، فالتوقعات تجعل من فنزويلا الدولة الأولى من حيث البؤس الاقتصادي، بمعدل أعلى بثلاث مرات من المعدل الذي سجلته عام 2017.
ضمت قائمة الدول الأكثر بؤسا دولا عديدة، كتركيا وجنوب إفريقيا والأرجنتين وأوكرانيا وإسبانيا والبرازيل.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤشر يعتمد على ارتفاع المستوى العام للأسعار، والتضخم (انخفاض القيمة الشرائية للعملة) بالإضافة إلى البطالة. وذلك تلك الاعتبارات تحدد بشكل كبير مدى شعور مواطني هؤلاء الدول بجودة الحياة الاقتصادية.
مؤشرات ظالمة؟
مجموع الإصلاحات التي قامت بها السعودية والتغييرات التي طرأت على مختلف المجالات وخاصة الاقتصادي ضمن رؤية 2030 التي طرحها ولي العهد محمد بن سلمان، بالإضافة إلى كون المملكة أكبر مصدر للبترول في العالم، جعل من النتائج مفاجئة للبعض.
وفي هذا السياق، يعتبر مازن السديري، الخبير الاقتصادي السعودي، في حديثه لـDWعربية، أن هذه المؤشرات غير عادلة. وبالخصوص، في هذه المرحلة التي تعيشها السعودية والتي تركز فيها على إصلاح كل المجالات، والاقتصادي منها بالدرجة الأولى. وفي نفس السياق أكد السديري، على أن السعودية، تعمل ضمن مخططاتها على خفض البطالة من 12.8 % إلى 7% في القادم من الأيام، والكلام دائما للسديري.
وبدوره، رأى حجاج أبو خضور، الخبير الاقتصادي السعودي، في تصريح لـDWعربية، على كون التقرير "ناقصا" من حيث المرجعية الأمنية. كما شكك في مصداقية التقرير باعتباره لا يعرض المنهجية المتبعة للوصول إلى هذه النتائج وغياب معايير الكشف عن هذه الحقائق.
في معرض كلامه، أشار أبو خضور إلى رؤية 2030 والتي اعتبر من خلالها أن القرارات التي اتخذتها السعودية مؤخرا، تحسن وستحسن من الحالة الاقتصادية للبلد.
"مصر غير السعودية"
تراجع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 17% في يناير/ كانون الثاني الماضي، مقابل 22.3% في ديسمبر /كانون الأول. بينما تراجع معدل البطالة إلى 11.3% بنهاية الربع الأخير من عام 2017، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري. وهو ما يفسره وائل النحاس، الخبير الاقتصادي المصري من خلال تصريحه لـDWعربية، حيث اعتبر تحسن الأوضاع الاقتصادية ناتج عن تحسن الأوضاع السياسية في مصر بالإضافة إلى الاستقرار الذي يعيشه المواطنون مقارنة بعهد الثورات والمظاهرات فيما مضى.
الخبير أكد في حديثه أن الوضع المصري يختلف عن السعودي التي لم تشهد ثورات كما مصر. حيث كان يتطلع المصريون إلى المستقبل للانفلات من قبضة الأزمة، في حين كان الشعب السعودي يحيى في رخاء واسترخاء اقتصادي. هذا الأمر، حسب النحاس، جعل المواطنين بالسعودية يعيشون نوعا من التخوف نتيجة إلقاء القبض عن بعض رجال الأعمال والأمراء وهروبهم خارج البلد، وبالتالي التخلي عن مشاريعهم الصغيرة، وغلاء الأسعار بالإضافة إلى تهريب مجموعة من المدخرات.
محاربة "طواحين الهواء"؟
هل سيدفع "مؤشر البؤس"، السعودية إلى تغيير رؤيتها؟ هذا هو السؤال الذي حملناه إلى الخبراء الاقتصاديين. فكانت آراءهم متباينة.
فقد رأى، أبو خضرة أن رؤية 2030 لها استراتيجية وبرامج، قد تم اختبارها على أرض الواقع وتم التأكد من نجاحها. كما أكد أن القرارات المتخذة بالبلد ليست ارتجالية، وإنما مدروسة وأعطت أكلها. إذ شملت مشاريع مهمة على سبيل: نيوم، تطوير الأنظمة، خلق فرص عمل، تمويل مشاريع عديدة...
بالمقابل اعتبر النحاس سعي الرياض إلى تحقيق معدل نمو مرتفع محاربة لطواحن الهواء. ودعا إلى عدم رفع سقف أحلام المواطن العربي عامة والسعودي خاصة، وأرجع السبب في ذلك إلى ترابط الاقتصاد العالمي ببعضه.
النحاس تساءل عن الهدف من تطوير السعودية قائلا: "لماذا تفعل هذا، من أجل أن تنافس معدلات النمو العالمية أو بهدف تغيير طبيعتها وهوية المواطن السعودي؟". واعتبر أن في الأمر تهديدا للسعودية، إذ من الممكن أن يؤدي الأمر إلى إلى خلق صراع طبقي. وفي هذا الإطار طالب النحاس، بنهضة تناسب الشعب السعودي، ولا تكون مستوردة من الغرب كي لا تشهد صراعا طبقيات في المستقبل.
مريم مرغيش