مصر..مخاوف من مزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان
٢٦ يوليو ٢٠١٣الفريق أول عبد الفتاح السيسي هو الرجل القوي الجديد في مصر حاليا. فهو القائد العام للقوات المسلحة المصرية والنائب الأول لرئيس الوزراء، لكنه يريد المزيد. فخلال حفل تخريج دفعات عسكرية جديدة بمقر كلية الدفاع الجوي بالإسكندرية يوم الأربعاء الماضي (24 يوليو/ تموز 2013) ظهر السيسي مرتديا نظارة شمسية سوداء وبدله عسكرية كاكية اللون وعلى صدره عشرات النياشين، حيث ألقى كلمة نقلها التلفزيون المصري على الهواء مباشرة. لب السيسي في كلمته من كل المصريين النزول إلي الميادين الجمعة (26 يوليو/تموز) "لكي يعطوني تفويضاً وأمرا بأن أواجه العنف والإرهاب المحتمل".
ويعتقد مراقبون أن السيسي يريد الحصول على مساندة لأجل حملة قوية ضد الإخوان المسلمين، ولتوسيع صلاحيات الجيش.
وكان الجيش قد استند أيضا إلى الإرادة الشعبية عندما عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي في مطلع يوليو/ تموز الجاري. فقد سبق ذلك خروج ملايين المصريين إلى الشوارع احتجاجا على حكم مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وكان الداعي لهذه الاحتجاجات هي حركة "تمرد" الشبابية التي أعلنت تأييدها لدعوة السيسي للتظاهر. وقد دعت "تمرد" المصريين للتدفق إلى الميادين في البلاد، "لدعم الحرب المقبلة للقوات المسلحة ضد الإرهاب".
الإخوان المسلمون يريدون مواصلة الاحتجاجات
لكن الإخوان المسلمين لم يبدوا متأثرين بتلك الدعوات وأعلنوا أنهم أيضا سوف يحتشدون في الشوارع. وكتب عصام العريان القيادي البارز في جماعة الإخوان على صفحته في الفيسبوك "هذا التهديد لن يمنع ملايين الإخوان المسلمين من مواصلة الاحتجاجات." ولا يريد الإخوان المسلمون المشاركة في محادثات المصالحة الوطنية التي بدأها الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور وقال متحدث باسم الإخوان "نحن نرفض الاعتراف بالحكومة الحالية".
تشير الدلائل إذاً إلى احتمال وقوع تصادم ستكون فيه حقوق الإنسان مجرد حبر على ورق. وتقول الباحثة المصرية الألمانية في علوم السياسية هدى صلاح " الجميع يتحدثون عن حقوق الإنسان، لكن كل واحد منهم يفهمها بشكل مختلف عن الآخر." وأضافت: "عندما كان مرسي لا يزال رئيسا كان يقصد بها جماعته فقط، والآن أصبح الأمر معكوسا فلا أحد يتحدث الآن عن التعدي على حقوق الإخوان المسلمين".
ومنذ سقوط محمد مرسي يتظاهر الإخوان المسلمون يوميا تقريبا بأعداد تصل في الغالب إلى مئات الآلاف، وتتكرر فيها مشاهد العنف. وغالبا، وليس دائما، يكون الهجوم على الإخوان المسلمين، في البداية من قبل عناصر الأمن، ومؤخرا مرارا وتكرارا من قبل عصابات مسلحة. وكانت عناصر إجرامية وبطلجية ممولة من المخابرات في عصر الدكتاتور المخلوع حسني مبارك تقوم بأعمال من أجل ترويع وإرهاب الخصوم السياسيين. وقد قتل منذ سقوط مرسي حوالي 200 شخص.
عنف مفرط اعتقالات دون الرجوع للقضاء
وتتحدث ديانا الطحاوي، خبيرة الشؤون المصرية لدى منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الإنسان، عن "العنف المفرط" من قبل قوات الأمن. ففي كثير من الأحيان تطلق الشرطة والجيش النار على المتظاهرين بدون سبب. ومن الأمثلة على ذلك الاشتباكات العنيفة التي وقعت أمام دار الحرس الجمهوري في أوائل يوليو/ تموز، والتي قتل فيها 51 شخصا، معظمهم من أنصار مرسي.
كما تكررت حالات الاعتقال أثناء المظاهرات. وتقول منظمة العفو الدولية إن السلطات قد حرمت المئات من أتباع مرسي من ممارسة حقوقهم. وذكر سجناء أنهم تعرضوا للضرب والصعق بالصدمات الكهربائية والضرب بأعقاب البنادق. كما جرى اعتقال عدد من كبار أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وجناحها السياسي، حزب الحرية والعدالة، بتهم غير واضحة في أغلب الأحوال.
كذلك فإن الرئيس المعزول محمد مرسي وبعض من أقرب مستشاريه محتجزون منذ أسابيع في مكان مجهول، دون أمر قضائي، ودون توجيه اتهامات ودون السماح لهم بالاتصال بمحامين. وتقول ديانا الطحاوي من منظمة العفو الدولية "إن الأساس القانوني لعمليات الاحتجاز غير واضح". كما أن عائلة مرسي اتهمت الجيش بـ "اختطافه"، أما الاتحاد الأوروبي فيدعو من جهته إلى الإفراج مرسي.
الانتهاكات تقليد متوارث
سوء حالة حقوق الإنسان في مصر لا يعود إلى الاضطرابات السياسية الحالية "فـفي فترة حكم مبارك، كان معروفا أن الأجهزة الأمنية تقوم بتعذيب وقتل معارضين للنظام، وهذه مسألة لم تتغير"، حسب ما تقول ديانا الطحاوي، مضيفة إن الشرطة، والجيش وأجهزة الاستخبارات لا يزال يعمل بها نفس الأشخاص (من عصر مباراك).
حتى في عهد الرئيس مرسي كانت هناك العديد من حالات انتهاك حقوق الإنسان، حيث كان يلقي القبض على صحفيين ومدونين وغيرهم من معارضي الإخوان المسلمين وتوجه إليهم التهم، كما جرى أيضا قتل متظاهرين. لذلك فمن المهم حاليا بمكان أن تقوم الحكومة الجديدة بتغيير المسار، حسب ما تقول الطحاوي: "من المهم للغاية أن تظهر السلطات المصرية أنها لا تهدف إلى تصفية الحسابات مع الإخوان المسلمين أو قمعهم. ويجب أن تكون التحريات محايدة، وأن تجري محاسبة كل الجناة، دون النظر إلى الانتماء السياسي أو الوظيفة ".
وتقترب وجهة نظر الباحثة السياسية المصرية الألمانية هدى صلاح من وجهة نظر ديانا الطحاوي وتقول: "أتمنى أن تكون هناك سياسة تهدئة للأوضاع، تدافع عن حقوق الإنسان لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين أيضا. ويجب إدماج الإخوان المسلمين في العملية السياسية، وإلا فستكون مصر عرضة لحرب أهلية تدوم أعواما"