مشاهد من الأردن- رائحة الشرق ومباراة كرة قدم مع البدو
٢٦ أكتوبر ٢٠١٢وصلنا إلى مطار الملكة علياء الدولي في منتصف الليل. الظلام والشوارع شبه الخالية عمقت غموض الأيام العشر التي هي بانتظارنا في الأردن. بالنسبة للبعض من الـ 17 مشاركة و3 مشاركين في الرحلة الدراسية، كانت هذه هي المرة الأولى التي يزورون فيها بلدا عربيا وإسلاميا.
فقط في الصباح بدت لنا من نافذة الفندق المعالم الأولى لحياة الشرق الأوسط، خاصة عندما استيقظنا على صوت منبهات السيارات وموسيقى منبعثة من مكبر صوت إحدى سيارات نقل اسطوانات الغاز. "مرحبا بكم في الأردن" هذا ما كان يردد الناس الذين كنا نلتقي بهم في شوارع عمان، كما كانت تبدو عليهم علامات الفرح وهم يستقبلون ضيوفا شبابا من أوروبا.
لا يوجد لوز بالسكر
في أزقة السوق الضيقة تنبعث رائحة غير معروفة بالنسبة لنا: توابل وأعشاب من كل صنف، فواكه طازجة، بالإضافة إلى المكسرات المحمصة. أسأل الباعة "هل هناك بعضها محلى بالسكر؟" يردون علي بقهقهة عالية. لوز محمص ومحلى بالسكر، كان أمرا غريبا بالنسبة لهؤلاء الباعة، على سبيل الترضية أعطوني فستقا مملحا في اليد.
الكثير مما شاهدته وعايشته في عمان يذكرني بفصل دراسي في الخارج، أمضيته في مصر بمدينة الإسكندرية- أعني ذلك بالمعنى الايجابي والمعنى السلبي. فركوب سيارات الأجرة في مصر كما في الأردن يعد نوعا من المغامرة، مع الطرق المتعرجة الطويلة، ومهارات القيادة الجنونية، بالإضافة إلى ثمن الرحلة الغالي.
في المقابل يحول لطف وبشاشة الناس كل التعب والمعاناة إلى أمور عادية، خاصة عندما يتكلم المرء ولو قليلا من العربية، أو عندما يلقي التحية بلطف. عندما أجري مقارنة أعتقد أن الأردن أكثر انفتاحا وأكثر حداثة وأكثر هدوءا من مصر.
بودولسكي في الصحراء الأردنية
لقد سحرنا المزج بين ما هو تقليدي وما هو حديث في العاصمة الأردنية عمان، فشرعنا في استكشاف بقية البلاد. تنقلنا بين الطرق القديمة التي كان يسلكها الأنباط، مرورا بمدينة بتراء الصخرية، وصولا إلى المشهد الساحر لميناء العقبة على البحر الأحمر من جهة إسرائيل. يوم وليلة قضيناها في وادي رم.
رافقنا البدو إلى أجمل المناطق في الصحراء الصخرية، ولكن ليس على ظهر الجمال وإنما في ثلاث سيارات جيب. على ضوء غروب الشمس دعانا البدو إلى لعب كرة القدم. "بودولسكي" قال أحد البدو وهو يشير بإصبعه إلى نفسه، ثم سجلاً هدفاً في المرمى. ربما بسبب وجود عدد كبير للنساء أكثر من الرجال في الملعب، كان البدو يقذفون الكرة بالكثير من الحماس، ويحتدم النقاش حول اللعب، وفي النهاية اتفقنا على التعادل.
في مساء صحراوي دافئ وخلال جلسة الشيشة والأكل تبادلنا الحديث حول تجاربنا الحياتية والسيرة الذاتية، والتي كانت متنوعة وممتعة أكثر من المتوقع. بعض البدو الذين قضوا معنا الليلة، درسوا الاقتصاد وآداب اللغة الانجليزية.
"قبل مدة كنت في باريس، والأسبوع القادم سأسافر في رحلة عمل إلى لندن" يقول محمد. إنه نمط آخر لعيش البدو، كان مفاجئا لنا وللكثيرين في الأردن. عدت من الرحلة محملة بالكثير من الذكريات من بلد سحرني ومناظره الطبيعية الخلابة وناسه الطيبين والمنفتحين.