الأردن – هل تنجح حكومة النسور فيما فشلت فيه سابقاتها؟
١٦ أكتوبر ٢٠١٢تتفاوت آراء الأردنيين بين متفائل بالحكومة الجديدة برئاسة الوزير والنائب السابق عبد النسور، وبين مشكك في قدرتها على تنفيذ برنامج الإصلاح على الصعيدين السياسي والاقتصادي. DWعربية رصدت آراء الشارع الأردني حول الحكومة الجديدة.
ويرى عبطان العمارين (موظف حكومي)، في حوار مع DW عربية، أن المشاكل الاقتصادية في الأردن معقدة وذات جذور عميقة وتحتاج إلى حلول طويلة الأمد ولا يعتقد أن هذه الحكومة أوغيرها قادرة على إيجاد حلول فورية.
وحول إمكانية نجاح رئيس الوزراء الأردني الجديد في إقناع المعارضة الإسلامية بالمشاركة بالانتخابات البرلمانية المقبلة، يرى العمارين أن الحركة الإسلامية تريد الوصول إلى الحكم بأي وسيلة ويقول إن "التوسل للحركة الإسلامية لكي تشارك، هو احتمال ضعف".
من جهته يرى عماد النشاش (مذيع تلفزيوني) في حديث مع DW عربية، أنه فات الأوان لإقناع الإخوان المسلمين بالمشاركة في الانتخابات، لأنهم يريدون تغيير قانون الانتخابات قبل كل شيء، وقد فات الأوان على ذلك مع حل مجلس النواب.
وتضمنت الحكومة الأردنية الجديدة، إلى جانب النسور 20، وزيرا، بينهم أربعة وزراء جدد، و16 وزيرا من حكومة فايز الطراونة السابقة وقد خلت من أي امرأة. في هذا السياق ترى ملاك الكوري (مذيعة تلفزيونية) في حوار مع DW عربية، أن خلو الحكومة الجديدة من العنصر النسائي أفضل! لكون "كل من يصبح وزيرا سيتهم بالفساد"، فيما تقول لمى سمير (معلمة) إن المرأة وخلال مشاركاتها في الحكومات السابقة "لم تقدم شيئا للقطاع النساء" ومع هذا فإن تغييبها عن الحكومة الحالية "يقلل من شأن المرأة الأردنية". لكن رنا علوش ( ربة بيت) فتعتقد أن الحكومة الجديدة شُكلت على عجل ويبدو أنه "غاب عن ذهن رئيس الوزراء الجديد هذا الموضوع لعدم قناعته بأداء المرأة وهذا شيء مُستغرب جداً".
"الجمع بين الوزارات لا يعطي الوزير مساحة للتفرغ"
يقول هيثم يوسف (رئيس ملتقى الإعلاميين الشباب العرب)إن الحكومة الحالية تمتاز بقصر العمر، ولا يعتقد أن الجمع بين الوزارات سيعطي الوزير مساحة للتفرغ والإصلاح سواء الاقتصادي أو الاجتماعي. لكن سامي الحربي (موظف حكومي) عبّر، في حواره مع DW عربية، عن ارتياحه لهذه الحكومة لأن رئيس الوزراء الجديد "له باع إداري واقتصادي طويل، بالإضافة إلى بعده الثقافي والعشائري". ويتوقع الحربي أن يُقنع رئيس الوزراء المعارضة والإسلاميين بالمشاركة في عملية الانتخابات عبر التسجيل والانتخاب وليس عبر المنافسة أو الترشح.
بدوره يقول معاذ ربيحات (المركز الثقافي الملكي)لـ DW عربية إن حكومة عبدالله النسور قوية وهو متفائل بأن يكون هناك شي ملموس على أرض الواقع، لكن الحكومة من وجهة نظره، لن تنجح في إقناع الإسلاميين بالمشاركة بالانتخاب "لأنهم يريدون قوانين تتماشي مع توجهاتهم ".
"الأردن قد يدخل في كارثة سياسية"
ويقول زيد الرشدان، مدير وكالة رويترز السابق في الأردن، إنه مع إعطاء فرص لرؤساء وزراء جدد. وبالنسبة لمقاطعة الإخوان المسلمين للانتخابات يضيف أن تغيير أي قانون يجب أن يتم من خلال قبة البرلمان وعليه إذا أراد الإسلاميون التغيير عليهم المشاركة.
أما خالد فخيده، ناشر موقع أحكيلك ورئيس تحرير صحيفة "شيحان"، فيقول لـ DW عربية، إن رئيس الوزراء الجديد ساهم في حجب الثقة عن الحكومات الأربع السابقة لعدم اقتناعه ببرامجها، ويفترض أنه الآن يمتلك "مفاتيح الحل لمشكلات الأردن". ويشير إلى أن النسور من الذين عارضوا قانون الانتخاب الحالي وهو يطمح بأن يقنع الإخوان المسلمين بالمشاركة في الانتخابات والتغيير من داخل مجلس النواب المقبل الذي سيشكل أول حكومة برلمانية.
ويضيف أن كافة النخب السياسية المؤيدة لإجراء الانتخابات على قناعة سياسية بأنه إذا حصل تزوير في الانتخابات المقبلة فإن "الأردن سيدخل في كارثة سياسية".
من جهته يرى الإعلامي علي الطراونة في حوار مع DW عربية ، أن شخصية رئيس الوزراء الجديد تحظى باحترام وشعبية بين جميع الأوساط، كما أن المهمة المرتبطة بالانتخابات سهلة وتستطيع أي حكومة القيام بها خاصة وأن الإشراف سيكون للهيئة المستقلة للانتخابات.
شخصيات مكررة ومستهلكة
وفيما يتعلق باحتمال مقاطعة المعارضة الإسلامية للانتخابات المقبلة يقول الطراونة إن الإخوان اشترطوا تغيير قانون الانتخاب كي يشاركوا لكن ذلك يحتاج لوقت أكبر في المضي في مسيرة الإصلاح، الذي بدوره لن يتأتى في يوم وليلة، "فالمريض إذا أخذ المضاد الحيوي جرعة واحدة يموت، لكن إذا أعطي المضاد على جرعات سيتعافى"، لذلك يجب أن يرى الإخوان أن هناك آراء في الشارع غير آرائهم.
لكن الناشط السياسي محمد حمدان فيرى، في حوار مع DW عربية، أن الحكومة بتركيبتها الحالية لن تستطيع القيام بمهامها، وإن كان يبدو ظاهرا للعيان أنها شكلت كحكومة ذات مهمة واحدة، وهي "إنقاذ موقف النظام في الانتخابات المقبلة في ظل مقاطعة شعبية". ويصف الحكومة بأنها "تجميع لشخوص وزراء من حكومات سابقة فشلت في إدارة أي انتخابات" سواء كانت بلدية أو نيابية في الدورتين السابقتين على الأقل، "فإذا كان من المفترض أن تعمل أي حكومة كجسم متجانس فهذه الحكومة شكلت على ما يبدو على عجل وجرى اختيار عدة شخصيات مكررة ومستهلكة من عدة حكومات لم يتقبلها الشارع الأردني في السابق".
ويضيف حمدان أن رئيس الوزراء الجديد غير قادر على ذلك ابتداء من "تناقض موقفه الرافض لقانون الانتخاب الحالي ومن تكليفه بإدارة انتخابات وفقا لهذا القانون"، مما سيفقده زخم المصداقية كصوت شبه معارض إضافة إلى تفاوضه "الأحادي الجانب" مع الحركة الإسلامية، وكأنهم الطرف الوحيد الرافض للانتخابات، والمساومة على ذلك يثير المزيد من المقاطعة من جانب فئات الحراك الشبابي والوطني بشكل عام.
"تفصيل قانون على مقاس الشعب"
والتزاما بمبدأ "حق الرد مكفول" لكل طرف للتعبير عن وجهة نظره، نقلت DW عربية الاتهامات التي وجهت للحركة الإسلامية في الأردن، إلى زكي بني رشيد، نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، والذي قال في هذا الصدد إن المطلوب ليس "تفصيل قانون على مقاس الإخوان المسلمين"، وإنما المطلوب هو تفصيل قانون على "مقاس الشعب الأردني" يكون قادرا على إفراز مجلس نواب يعبر عن إرادة الشعب.
وأضاف أن قانون الصوت الواحد هو "مفصل على مقاس السلطات وجيء به عام 1993 من أجل الموافقة على اتفاقية وادي عربة" (اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية). ويؤكد بني رشيد أن الإخوان المسلمين يرحبون بكل رأي وبكل نقد، ويقول إن واحدة من أساسات المشاكل في الدولة الأردنية أنها كانت "دولة الرأي الواحد"، ويشير إلى أن الحركة الإسلامية لم تكن في يوم من الأيام في مواقع السلطة "حتى نستطيع أن نحكم لها أو عليها فنقول إنها تقصي الرأي الآخر".