مساعدات ألمانيا للدول المغاربية رهينة بملف اللاجئين
١٩ يناير ٢٠١٦الأحداث التي شهدتها خاصة مدينة كولونيا الألمانية ليلة رأس السنة الميلادية من أعمال سرقة وتحرش جنسي بالنساء، تورط فيها شبان، أغلبيتهم من طالبي اللجوء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية – وفق الشرطة الألمانية - هذه الأحداث لازالت تلقي بظلالها على ملف اللاجئين المقيمن في ألمانيا بصفة غير شرعية.
وفي هذا الإطار كثفت الحكومة الألمانية، التي تواجه بدورها ضغوطات متزايدة من قبل الرأي العام الألماني على خلفية تلك الأحداث، والتي لم تقتصر على كولونيا فقط،- كثفت من إجراءاتها ضد الأجانب الذين رفضت طلباتهم في اللجوء أو الذين تعتبر حضوضهم ضئيلة في الاعتراف بهم كلاجئين، خاصة أولائك الذين قدموا من المغرب والجزائر وتونس. ووفقا لوزارة الداخلية الألمانية فقد سُجل حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول من عام 2015 نحو 5000 طالب لجوء من المغرب والجزائر، فيما لم يتجاوز عددهم في يونيو/حزيران 2015 نحو 1200 طالب لجوء.
هل تعرقل الدول المغاربية عودة رعاياها المرفوضين؟
ويبدو أن الأحداث الأخيرة في ألمانيا أثارت مخاوف أمنية – خاصة وأن الشرطة قد نسبت العديد من أعمال السرقات في تلك الليلة إلى مغاربيين، حيث دفعت بالسلطات الألمانية إلى التحرك سريعا لطمأنة الرأي العام. بيد أن عملية ترحيل الأشخاص الذين رفضت طلبات لجوئهم، تصطدم، من المنظور الألماني، بمواقف السلطات الجزائرية والمغربية والتونسية التي، تعرقل عودة هؤلاء الاشرعيين إلى دولهم الأصلية، كما جاء في تصريحات ألمانية مختلفة. وقد دفع ذلك الحكومة الألمانية إلى تكثيف ضغوطاتها على الدول المغاربية. وفي سياق متصل، يقول نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد زيغمار غابرييل مخاطبا تلك الدول: "من غير المقبول أخذ المساعدات التنموية (منا) وفي الوقت نفسه رفض مواطنيها الذين لا يحصلون على حق اللجوء عندنا!". ويضيف غابرييل في حديث مع القناة الأولى أن ألمانيا مستعدة لتقديم الدعم الاقتصادي لدول شمال إفريقيا، ولكن فقط عندما "تكون تلك الدول منصفة وتسمح بعودة مواطنيها( الذين ترفض طلبات لجوئهم".
من جهته، طالب وزير العدل الألماني هياكو ماس بضرورة القيام بمفاوضات أكثر صرامة مع الدول المغاربية لتسريع عملية ترحيل مواطني لها يرتكبون جرائم في ألمانيا أو الذين يتم رفض طلبات لجوئهم. وفي حوار مع صحيفة راينشه بوست الألمانية قال الوزير ماس: "يتيعن علينا زيادة الضغط على هذه الدول حتى تلتزم باتفاقية إعادة مواطنيها (المرفوضين)."
يذكر أن السلطات الالمانية أشارت في الأسابيع الأخيرة إلى أنه عندما يتم رفض طلبات لجوء لمواطنين من المغرب والجزائر وتونس، ويجري الإعداد لابعادهم، فإن هذه الدول ترفض استعادتهم إن لم يكن في حوزتهم وثائق تثبت هويتهم الوطنية، ما يعرقل عندئذ اجراءات الإبعاد، رغم وجود اتفاقات بهذا الشأن. وكان رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال قد قال خلال زياته لبرلين قبل أيام قليلة، أنه قبل إبعاد أي شخص إلى الجزائر "يجب بالطبع التأكد من أنه جزائري".
الجزائر والمغرب على قائمة الدول الآمنة
وفيما تلتزم المملكة المغربية الصمت إزاء التصريحات المتكررة من قبل عدد من كبار الساسة الألمان بشأن المواطنين المغاربة، تحضر السلطات الألمانية لإجراءات تمهيدية لعملية ترحيل المغاربيين الذين رفضت طلباتهم في اللجوء. ومن بين تلك الإجراءات عزم الحكومة الألمانية وضع الدول المغاربية على قائمة الدول الآمنة، وبذلك تتضاءل بشكل قوي فرص الحصول على حق اللجوء في المانيا بالنسبة لرعايا تلك الدول.
وعلى الرغم من أن المسؤولين الألمان لم يتحدثوا بشكل مباشر عن عزمهم وضع تونس على قائمة الدول الآمنة، كما هو الحال بالنسبة للمغرب والجزائر، إلا أنه يبدو أن التونسيين ممن لم تقبل طلباتهم في اللجوء معرضون بدورهم للترحيل. وفي هذا الإطار طالب رئيس وزراء ولاية سكسونيا ستانسلاف تيليش بإضافة تونس أيضا إلى قائمة الدول الآمنة بعد أن اشتكى في وقت سابق من قيام تونس بعرقلة إعادة رعاياها المرفوضين.
وكان قد أعلن في وقت سابق أن البوسنة والهرسك ومقدونيا وصربيا والجبل الأسود وألبانيا وكوسوفو تعتبر دول آمنة من الناحية القانونية.
وفي تونس، شدد مسؤول بوزارة الخارجية على ضرورة الكشف عن الهوية التونسية للمبعدين والتأكد من هويتهم التونسية. وقال مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته:"هناك مهاجرون وطالبو لجوء في أوروبا، يمزقون وثائق إثبات هويتهم ويدعون عند اعتقالهم بأنهم تونسيون، وهم ليسوا كذلك". وأضاف أنه "يجب على الدولة (التونسية) أن تعتمد على ضمانات بأن المهاجرين المبعدين مواطنون تونسيون. في بعض الأحيان تستغرق إجراءات التحقق من الهوية وقتا طويلا".
وفي إطار المساعي الهادفة إلى تسريع عملية ترحيل المغاربيين إلى دولهم الأصلية، تعتزم السلطات الألمانية تجميع هؤلاء في مركزين في بامبرغ ومانشينغ وعدم توزيعهم على مختلف مراكز طالبي اللجوء في مختلف أنحاء البلاد، كما هو الحال بالنسبة لغيرهم من اللاجئين.