مدارس الموسيقى في المانيا والتربية الموسيقية منذ سن الرضاعة
٢٦ مايو ٢٠١٢أطلق المربي الموسيقي "وليام تويتينهوف" مبادرة تأسيس رابطة مدارس الموسيقى الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية، والذي انتخب فيما بعد ليكون رئيساَ للرابطة. وضع تويتينهوف من خلال وثيقة"مدارس الموسيقى الجديدة مطلب من مطالب عصرنا" برنامجاً رائداً يعزز استمرارية هذه الرابطة في المستقبل. وفي سنة 1966 تحولت الرابطة إلى "اتحاد مدارس الموسيقى الألمانية"، ومازال حتى اليوم يلعب دوراً كبيراً في نشاطاته من أجل بناء أجيال ذي حس موسيقي رفيع ولديه فضول للتعرف على موسيقى العالم وبالتالي تنمية روح الحوار لديه.
ويضم الإتحاد اليوم 920 مدرسة وأكثر من 35000 مدرّّس، وتجاوز عدد الطلاب المليون طالب من مختلف الأعمار، وقد توسع الاتحاد بشكل ملحوظ بعد الوحدة الألمانية عام 1990 عندما انضمت إليه نحو 150 مدرسة من ألمانية الديمقراطية آنذاك.
تنمية الحس الموسيقي لدى المعاقين والرضّع
في البداية كان لا بد من تحديد أساسيات التعليم، حيث تقول كلاوديا فانَّر من اتحاد مدارس للموسيقى الألمانية: "في البداية تم وضع مناهج وخطط التعليم وأساليب تطورها". وتضيف: "في السنين اللاحقة كان هناك الكثير من المشاريع الكبيرة التي ساهمت في الوصول المستوى الحالي وما تقدمه مدارس الموسيقى العامة اليوم" ومن هذه المشاريع مثلاً مشاركة فرق الطلاب في مهرجانات الموسيقى الأوروبية والعالمية أيضاً.
تقدم المدارس الموسيقية في مختلف أنحاء المانيا برامج ومشاريع تعليمية مختلفة، مثل مشروع "التربية الموسيقية منذ الصغر"، وذلك بهدف جذب أكبر عدد ممكن من الأطفال، حتى الرضّع منهم، للمشاركة في الدورات التعليمية الموسيقية. يستطيع الأطفال منذ لحظة ولادتهم وحتى سن السادسة من العمر تلقي الدروس الموسيقية في هذه المدارس. ومبادرة "الاندماج الموسيقي" تفتح المجال خصوصاً أمام الأطفال المعاقين لتعلّم الموسيقى، أما مبادرة "تعليم الموسيقى للكبار" فيتم من خلالها إضافة إلى تنمية الحس الموسيقي عند الكبار، تأهيل الطلاب الذين يرغبون في الالتحاق بالمعاهد الموسيقية العُليا في المانيا.
في هذا السياق تقول كلاوديا فانَّر: "اضافة إلى الدروس في الغناء، هناك مجال لتعلم العزف على الآلات الموسيقية الوترية والإيقاعية والنفخية، عن طريق مدرّسين ذوي كفاءة عالية ومؤهلين خصيصاً لهذا العمل التربوي. والشرط الأساسي لقبول عضوية أي مدرسة في الاتحاد هو أن تفتح أبوابها لكل الأطفال والشباب الذين يرغبون في تعلم العزف على آلة موسيقية أو تعلم الغناء".
الموسيقى تعبر حدود الثقافات كمياه النهر
عندما أتقبل الآخر يعني أنني أتقبل ثقافته، والموسيقى هي أحد أهم مكونات الثقافة، وهي كمياه النهر تتدفق وتعبر الحدود بين الثقافات المختلفة وتقربها من بعضها البعض وبالتالي تبقى الموسيقى المكان الوحيد لاحتضان الروح ولقاء الجسد مع المشاعر بغض النظر عن الانتماءات العرقية. فهي بوتقة للحوار بين الثقافات لأنها وقبل كل شيء لا تحتاج إلى مترجم.
وفي هذا السياق تحدث إلينا الموسيقي العراقي رائد خوشابا حيث قال: "لا شيء أجمل من الموسيقى لإحياء الحوار بين البشر" ويضيف: "فهي على رغم اختلاف منشئها، لغة مشتركة وخير وسيلة اتصال مع الآخر، فالتبادل والحوار يمر عبر نغماتها. وبحكم تجربتي في ميدان الفن والموسيقى أعيش وألمس هذا التبادل والحوار منذ سنوات عديدة". ويضيف: "إن الموسيقى تملك جماليات فنية تتقبلها كل الشعوب، لذلك تعتبر الموسيقى عنصراً أساسياً في دفع عملية الإندماج إلى الأمام، وإنها لغة حوار بين الشعوب".
ماريتا بِرغ / فؤاد آل عواد
مراجعة: عارف جابو