محادثات انضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي تبدأ الاثنين في ظل ظروف صعبة
قبل أيام قليلة من بدء محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي الاثنين المقبل، لم يأت وقع الشروط الجديدة التي وضعها البرلمان الأوروبي أمس الأربعاء في ستراسبورغ لبدء محادثات الانضمام مع البلد المسلم، رغم موافقته المبدئية على انطلاقها في الموعد المحدد، لم يأت غريبا على مسامع المهتمين بالشأن التركي. فالأحداث المتسارعة التي شهدتها القارة الأوروبية في الأشهر الماضية، سواء رفض الفرنسيين والهولنديين لمسودة الدستور الأوروبي أو الغموض الذي ما زال يخيم على تشكيلة الحكومة الألمانية الجديدة وتقهقر جبهة شرودر ـ فيشر المؤيدة لانضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي وإثارة الأحزاب الأوروبية المحافظة للمسألة القبرصية من جديد وتبني بعضها مقترحات المحافظين الألمان الرامية إلى ما يسمى بـ "الشراكة المميزة" مع أنقرة بدلا من العضوية الكاملة وإصرار البرلمان الأوروبي على اعتراف أنقرة بإبادة أكثر من مليون أرمني بين عامي 1915 و1923، كل ذلك يشير إلى تراجع تأييد الحكومات الأوروبية لبدء محادثات الانضمام مع الحكومة التركية.
جلسة أزمات في لوكسمبورغ
إلى ذلك، جاء إخفاق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أمس الأربعاء في التوصل إلى إجماع بخصوص المسألة المثيرة للجدل ليجبر وزراء خارجيتها على الدعوة إلى عقد اجتماع طارئ في لوكسمبورغ بعد غد السبت. وكانت النمسا تصدرت الأربعاء جبهة المعارضين لانضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي، مفضلة ما يسمى بـ "الشراكة المميزة" معها. وقال المستشار النمساوي فولفغانغ شوسل إن أوروبا يجب عليها التخلي عن تصوراتها بأن محادثات الانضمام مع أنقرة ستؤدي تلقائيا إلى انضمامها إلى أوروبا. وفي الوقت ذاته ربط المستشار النمساوي في مقابلة مع صحيفة "فينانشال تايمز" مسألة بدء المحادثات مع البلد المسلم مع بدء محادثات الانضمام مع كرواتيا. وقال: "إذا كنا مقتنعين بأن تركيا قادرة على مواصلة الإصلاحات التي بدأتها، فإن هذا ينطبق كذلك على كرواتيا." وأضاف " المصالح الأوروبية تتطلب منا بدء المحادثات فورا مع كرواتيا." وفي تصريحات مماثلة أدلى بها المستشار النمساوي لصحيفة " هيرالد تريبون"، أكد شوسل على ضرورة أخذ الحكومات الأوروبية الرأي العام في بلادها بعين الاعتبار وخاصة بعد "الدرس" الذي تعلمته من رفض الشعبين الفرنسي والهولندي لمسودة الدستور الأوروبي، على حد تعبيره.
المسألة القبرصية
وبخصوص المسالة القبرصية، وافقت غالبية نواب البرلمان الأوروبي على مقترح قدمه اتحاد الأحزاب الأوروبية المحافظة بتأجيل التوقيع على اتفاقية الوحدة الجمركية الذي يشمل إضافة إلى قبرص تسع دول جديدة في الاتحاد الأوروبي، مطالبة الحكومة التركية بالاعتراف بقبرص كشرط لبدء المحادثات. صحيح أن حكومة أنقرة وقعت على الاتفاقية الجمركية، ولكنها أكدت في ورقة إضافية أن الموافقة لا تعني اعترافها بقبرص. وتجدر الإشارة إلى أن التوقيع على اتفاقية الوحدة الجمركية ليس له تأثير مباشر على المسألة الجوهرية وهي بدء المحادثات مع أنقرة في وقتها المحدد، ولكن الأحزاب المحافظة طالبت في الوقت ذاته بالتوصل بأسرع وقت ممكن إلى حل للأزمة القبرصية. ولم تقتصر مطالبة النواب على حل سريع للمسألة القبرصية، بل أنهم طالبوا كذلك بتجميد المحادثات مع تركيا إذا لم تواصل أنقرة مخالفتها لاتفاقيات حقوق الإنسان والأقليات وكذلك الاعتراف بالجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الأرمني بين عامي 1915 و1923.
أنقرة تهدد بالمقاطعة
وفي أنقرة اشترطت الحكومة التركية موافقتها على بدء المحادثات بعدم حدوث أية تغييرات على نص الاتفاقية. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية في أنقرة إن حكومته "لن تقبل بأقل من عضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي."، مهددا بمقاطعة اجتماع الاثنين الذي من المقرر أن يعطي الضوء الأخضر لبدء هذه المحادثات. وكانت الحكومة التركية قد أعربت عن انزعاجها من بيان الاتحاد الأوروبي الأخير بخصوص المسألة القبرصية. وقالت أنقرة إن البيان"أحادي الجانب وغير عادل"، مشيرة إلى أنه يحتوي على نقاط جديدة لا تتناسب مع روح العمل المشترك بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
ناصر جبارة ـ دويتشه فيله