مؤتمر دولي في برلين لرسم استراتيجية بعيدة المدى تجاه طهران
٣٠ مارس ٢٠٠٦
مازالت قضية الملف النووي الإيراني تتفاعل على مختلف الأصعدة، لاسيما بعد خروجها من إطار المفاوضات، التي خاضتها دول الترويكا الأوروبية والوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران، وانتقال القضية إلى أروقة مجلس الأمن الدولي، الذي لم يتوصل بدوره إلى صيغة معينة لقرار حول هذا الملف. وسعياً للخروج باتفاق حول طريقة إعادة إيران إلى إطار حظر انتشار الأسلحة وتخليها عن برنامجها النووي يبحث وزراء خارجية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا اليوم، 30 آذار/مارس 2006، في برلين الملف النووي الإيراني، حيث من المتوقع أن يناقش الوزراء الخطوات الواجب اتخاذها رداً على رفض إيران الاستجابة لمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكان أعضاء مجلس الأمن الدولي قد عقدوا يوم الاثنين الماضي 27 آذار/مارس 2006، سلسلة من الاجتماعات غير الرسمية في محاولة للتوصل إلى بيان يتم الإعداد له منذ حوالي ثلاثة أسابيع، يدعو إيران إلى تجميد برنامج تخصيب اليورانيوم.
"الأمر مازال في مرحلة الدبلوماسية"
ويجتمع في برلين وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا ونائب وزير الخارجية الصيني داي بينغو والممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية خافيير سولانا الخميس على غداء عمل بدعوة من وزير الخارجية الألماني فرانك- فالتر شتاينماير. ويبرز هذا الاجتماع الدور الفاعل للدبلوماسية الألمانية لحل هذه الأزمة. وقبل الاجتماع أكد أكبر مسئول للحد من الأسلحة في ألمانيا على أن مؤتمر برلين لن يناقش فرض أي عقوبات أو أي "خيار عسكري" ضد إيران. وقال السفير فريدريك جرونينج، رئيس إدارة الحد من التسلح ونزع الأسلحة بوزارة الخارجية الألمانية: "على عكس ما قيل فانه لا يوجد خيار عسكري مطروح على المائدة. ولا تجري مناقشات بشأن العقوبات". مضيفاً بأن "الأمر مازال في مرحلة الدبلوماسية". ومن جانبها شددت الصين، التي تعارض فرض عقوبات على إيران، على أهمية اجتماع الدول الست "كعنصر مهم في جهود المجتمع الدولي لحل المسالة النووية الإيرانية بشكل ملائم عبر المفاوضات"، وفقا للمتحدث باسم الخارجية الصينية، الذي أضاف بأن بلاده ستكون منفتحة على كل اقتراح يمكن أن يسمح بالتوصل إلى حل ملائم لهذا الملف عبر المفاوضات، حسب تعبيره. وجدد المسئول الصيني موقف بلاده المعارض لتهديد طهران بفرض عقوبات عليها والمؤيد لبقاء المسالة ضمن إطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
موسكو ترفض اللجوء إلى القوة
أما موسكو فطالبت طهران بـ"إعطاء رد لا لبس فيه ...هل توافق أم لا توافق" على الاقتراح الروسي بشأن عمليات تخصيب اليورانيوم. وقال نائب رئيس الحكومة الروسية ووزير الدفاع سيرغي ايفانوف إن الموقف الروسي لا يختلف عن موقف باقي المجتمع الدولي المتمثل في الرفض بشكل قاطع انتشار السلاح النووي أو خطر انتشاره، معرباً عن إعتقاده بأن "هذا الخطر موجود". غير ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد رفض بلاده أي "تسوية بالقوة أو الإكراه"، مشيرا إلى أن تسوية من هذا النوع ستأتي بنتائج عكسية تماما ولا يمكن ان تستمر، حسب تعبيره. يذكر أن موسكو كانت قد اقترحت على طهران إقامة مركز لتخصيب، اليورانيوم الإيراني في روسيا في مسعى يهدف إلى حل الازمة بشأن الملف النووي الإيراني. ووافقت طهران على النظر في هذا العرض مع التمسك بإمكانية إجراء عمليات تخصيب في الوقت نفسه في إيران بهدف البحث العلمي.
الإتحاد الأوروبي بين التصعيد والتهدئة
ويبدو أن ضرورة البحث عن صيغة توافقية للمسألة ورغبة الترويكا الأوروبية في مواصلة سياسة الترغيب والترهيب التي اتبعتها مع إيران لفترة طويلة، تدفعان إلى عدم تصعيد الموقف إلى الحد الذي قد يخرج فيه عن السيطرة، مما قد يزيد من تعنت إيران. في هذا السياق يعتقد نائب وزير الخارجية الألماني جرنوت ايرلر، بأن الإتحاد الأوروبي قد يقبل اتفاقاًً نوويا مع إيران يسمح بموجبه لطهران بمواصلة قدر محدود من أنشطة التخصيب النووي مقابل تجميدها لكافة الأنشطة النووية في الوقت الحالي". غير أن المسئول الألماني، الذي كان يتحدث في مؤتمر حول إيران والشرق الأوسط، ربط هذا الأمر بموافقة مجلس الأمن الدولي على ذلك. وأضاف ايرلر بانه يمكن لمفاوضي الاتحاد الأوروبي بحث هذه الفكرة لكنها ستحتاج إلى دعم قوي من مجلس الأمن الدولي الذي يحاول الآن التوصل إلى اتفاق بشأن كيفية التعامل مع طموحات إيران النووية. يذكر في هذا السياق أن المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات، وهي مركز أبحاث مقره بروكسل، كانت قد اقترحت في وقت سابق من هذا العام السماح لإيران بمواصلة برنامج محدود لتخصيب اليورانيوم بعد وقف هذه الأنشطة وقبول إجراءات التفتيش الخاصة للأمم المتحدة. وأكد ايرلر بأن الأوروبيين مستعدون لاستئناف المحادثات مع إيران لكن إذا توقفت عن كل الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم.