أزمة البرنامج الإيراني تتجه إلى التصعيد
١٦ فبراير ٢٠٠٦استأنفت إيران الاثنين الماضي عملية تخصيب اليورانيوم في منشأة ناتانز النووية كي تستطيع لاحقاً إنتاج وقود نووي يمكن استخدامه في المفاعلات النووية، وتأتي هذه الخطوة بعد فشل المباحثات بين إيران من جهة والوكالة الدولية للطاقة الذرية من جهة أخرى ولذا قررت الوكالة تقديم تقرير مفصل عن نشاطات إيران النووية لإحالته على مجلس الأمن الذي قد يقرر فرض عقوبات على طهران بعد رفضها طلب الوكالة الدولية والترويكا الأوروبية المؤلفة من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا توقيف تخصيب اليورانيوم الذي تصر إيران على القيام به من أجل استخدام الطاقة النووية كمصدر لتوليد التيار الكهربائي على حد تعبير الحكومة الإيرانية.
تحرك أمريكي
لكن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تشكك في نية طهران وتقول إن "النظام الإيراني يريد تطوير قنبلة ذرية." وأعلنت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس أمام الكونغرس أمس أن إيران "تتحدى بعملية التخصيب المجتمع الدولي." وتابعت الوزيرة الأمريكية قائلة: "إن الولايات المتحدة فرضت منذ زمن بعيد عقوبات على طهران وتفكر الآن في خطوات جديدة خاصة بها." لكنها أكدت على ان العقوبات الدولية لا تزال وسيلة فعالة. هذا وستقوم رايس بجولة شرق أوسطية في الأسبوع المقبل "للبحث في سبل التصدي للتحدي الإيراني." يتزامن ذلك مع إعلان وزارة الخارجية الأمريكية عزم بوش على تقديم طلب للكونغرس الأمريكي بتخصيص 75 مليون دولار لمشاريع "تشجع الديمقراطية في إيران" وتهدف إلى عزل النظام الإيراني بحسب ما أعلنته الوزارة الأمريكية.
ردود فعل أوروبية
من جانبه أعلن اليوم وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي أن إيران تقوم ببرنامج نووي سري، وفي حديث لقناة التلفزيون الفرنسي الثانية قال بلازي:" نطلب من القادة الإيرانيين إن يوقفوا كل عمليات تخصيب اليورانيوم وتحويله" وأبدى أسفه على أن إيران لا تستمع إلى المطالب الغربية لان لا أحد يصدق أن برنامجها النووي مخصص فقط للأغراض السلمية. أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فتحاول تخفيف مخاوف نشوء حرب بسبب الملف الإيراني وقالت في لقاء لها مع مجلة "شتيرن" الألمانية إن السبل الدبلوماسية لا تزال قائمة حتى الآن. وفي وصف لها للتطورات الأخيرة ذكرت الحكومة النمساوية التي تترأس الاتحاد الأوروبي حالياً أن التصعيد الإيراني في الأيام الماضية لا داع له وطالبت بوقف عملية تخصيب اليورانيوم فوراً، هذا ما قالته وزير الخارجية النمساوية أورزولا بلاسنيك في اتصال هاتفي أجرته مع زميلها الإيراني.
السياسة الروسية ومصالحها الاقتصادية في إيران
أما روسيا التي تتعاون مع إيران في المجال النووي منذ سنوات وتقوم حالياً ببناء منشآتها النووية مثل محطة بوشهر فأعلنت رفضها فرض عقوبات اقتصادية على إيران معللة على لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف "أن الحصار الاقتصادي لم يسهم في المجتمع المعاصر في حل أزمة ما في العالم." وأكد الوزير لافروف على أهمية تكثيف الجهود والعمل للتحقق من أهداف البرنامج النووي الإيراني وضرورة حل النزاع مع الغرب بالسبل الدبلوماسية وبالحوار. وعلل المراقبون الرد الروسي على انه قائم على الحفاظ على مصالح روسيا الاقتصادية هناك فالمنشأة المذكورة بوشهر يقوم ببنائها خبراء روس ولن تنتهي قبل نهاية العام الجاري وفرض العقوبات سيعيق هذه الصفقة المربحة مع إيران، إضافة إلى ذلك يصب الاقتراح الروسي بتخصيب اليورانيوم في روسيا في هذا الاتجاه أيضاً، والذي دعمته كافة الأطراف الغربية ولذا حثت المفوضية الأوروبية طهران على قبول الاقتراح الروسي، مؤكدة أن إيران لا تزال أمامها الوقت لإيجاد حل بالطرق الدبلوماسية لملفها النووي قبل إحالته على مجلس الأمن.
قلق إماراتي
وتعليقاً على فشل المباحثات الأوروبية مع إيران قال وزير الداخلية الاماراتي الشيخ سيف بن زايد آل نهيان الأربعاء أن "الخطر الذي يمثله مفاعل بوشهر النووي هو من النوع الذي لا يمكن التنبؤ به ولا الوقاية منه بالمعنى العملي ولا يوجد أي جهات دولية يمكنها أن تقدم أي نوع من الضمانات الملموسة" في هذا المجال. وأضاف أن الاستشعار عن بعد بكافة أنواعه لا يساعد على الوقاية من أي نوع من التسرب يمكن أن يحصل من هذا المفاعل لاي سبب كان نظرا للسرعة الهائلة التي يمكن أن تتحرك بها السحابة النووية المشعة والتي تقاس بالثواني".
وفي حديث مع دويتشه فيله قالت الأستاذة الجامعية غودرون كريمر من برلين أن "الجيران العرب لإيران يتخوفون من برنامجها النووي وقلقون من أن تصبح إيران دولة تهدد مستقبل المنطقة من خلال امتلاكها لأسلحة نووية وهو أمر قد يكون له تداعيات كبيرة." هذا وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قد أبدت قلقها في نهاية العام الماضي من وجود محطة بوشهر الإيرانية النووية على بعد كيلومترات قليلة من سواحل الإمارات العربية المتحدة.
سمير مطر