مؤتمر ألماني- سوري يبحث في دمشق سبل وعوائق الاعتماد على الطاقات المتجددة
٢٧ نوفمبر ٢٠٠٧بالتعاون بين جامعة دمشق وجامعة روستوك والجامعة التطبيقية لبّه هوكستر والجمعية السورية لخريجي الجامعات والمعاهد الألمانية، شهدت دمشق في الفترة الواقعة من 18 ولغاية 22 تشرين الثاني/ نوفمبر2007 " الأسبوع الثاني الألماني السوري للبيئة حول أنظمة البيئة والطاقة المستدامة". وتميز هذه المؤتمر بحضور رسمي وشعبي كبير إضافة إلى تغطية إعلامية عربية وعالمية واسعة.
رئيس جامعة دمشق الدكتور وائل معلا تحدث في كلمته الافتتاحية عن أبرز التطورات القانونية والإدارية على صعيد حماية البيئة في سورية. وفي هذا السياق تطرّق إلى "إستراتيجية وخطة العمل الوطنية" التي أعلن عنها عام 2003. وقد حددت هذه الإستراتيجية مشاكل بيئية هامة يجب معالجتها بشكل سريع وفي مقدمتها التخلص غير السليم من النفايات الصلبة والطرح غير المناسب لمياه الصرف الصحي وتشجيع الطاقات المتجددة.
من جانبه أشاد الدكتور توماس شتروتهوته، رئيس جامعة روستوك الألمانية بالتعاون السوري الألماني على جميع المستويات العلمية والثقافية والاقتصادية مشيراً إلى أن الجامعات والمعاهد العليا في سورية وألمانيا والجمعيات والنقابات العلمية تقوم بدور أساسي في دفع العلاقات وتطويرها. ونوه شتروتهوته إلى أن السنوات القليلة الماضية شهدت إقامة بعض المشاريع المشتركة في مجال التخلص من النفايات والحفاظ على مصادر المياه بالاعتماد على التقنيات الألمانية.
عوائق تقنية ما زالت تحد من الاعتماد على طاقة الشمس والرياح
وبما أن موضوع الطاقة أضحى أحد أهم قضايا الساعة في أيامنا على ضوء جنون أسعار النفط، شكل موضوع الطاقات المتجددة أحد ابرز محاور المؤتمر. في هذا الإطار تم استعراض ميزات الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مستقبلاً. ومن أبرز هذه الميزات حفاظها على البيئة ومقومات الحياة. غير أن مشكلة استخدامها ما تزال تصطدم بعوائق عديدة من بينها كلفة الإنتاج العالية وقلة الأيام المشمسة في كثير من الدول، لاسيما في دول القارة الأوروبية.
وعلى ضوء ذلك يقول البروفسور ديتر شتاينبريشت ، مدير معهد الطاقة والبيئة في جامعة روستوك، " أنه ليس من الخطأ إقامة محطات كبيرة لتوليد الكهرباء بالاعتماد على نور الشمس في الصحاري، لكنه لا بد قبل ذلك من تطوير تقنيات تتكيف مع درجات الحرارة العالية من خلال تطوير طرق التبريد اللازمة".
المداخن الشمسية طريقة ناجحة لتوليد الكهرباء
وفي معرض الحديث عن محطات الطاقات المتجددة تطرق البروفسور شتاينبرت عن تقنية زرع حقل من المرايا المقعرة التي تقوم بتوجيه الأشعة الشمسية إلى مراجل تقوم بتوليد الطاقة الكهربائية عن طريق تركيز أشعة الشمس وتسخين المياه تحت درجات حرارة عالية، ويرى شتاينبرت إن هذه التقنية تعمل على أساس نظام مغلق لتوليد الطاقة".
أما ما يسمى بالمداخن الشمسية فلها دور كبير في توليد الطاقة وذلك عن طريق بناء خيمة كبيرة من الزجاج تتلقى أشعة الشمس مما يجعل الحرارة الموجودة في الأسفل قادرة على تحريك الهواء ضمن المدخنة، وفي بداية المدخنة يوجد عنفة تدفع الهواء الناتج عن التسخين. و"هذه المحطات ليست بحاجة سوى إلى أرض مستوية واضحة المعالم كالصحاري" كما يقول شتاينبريشت ويضيف " تم تطبيق هذا المشروع في أسبانيا حيث يوجد مداخن بارتفاع 100 م وتعمل باستطاعة 200 كيلو واط".
خلايا أموفيس أوفر من خلايا بوليك بوستلين
يعتمد توليد الكهرباء من طاقة الشمس على الخلايا الشمسية بوليك بروستلين التي لا تحتاج إلى صيانة تذكر. في ألمانيا يتم إنتاج 2600 ميكا واط بالاعتماد على هذه الخلايا مقارنة مع اليابان التي تنتج 500 ميكا واط، كما يقول الدكتور يواخيم كروجر، أخصائي في الأنظمة الحديثة للطاقة الشمسية. ومن ميزات الخلايا إنها تعمل دون الحاجة إلى سماء صافية وشمس ساطعة. غير إن الكفاءة تبقى أقل مما هو عليه الحال أثناء السماء الصافية. لكن عيبها يكمن حسب الخبير كروجر في تراجع كفاءتها أيضاً إذا كانت درجات الحرارة عالية للغاية. " الخلايا الحالية من نوعية بوليك بروستلين تتراوح كفاءتها ما بين 15 و 17 بالمائة، وعند ارتفاع درجة الحرارة تقل الكفاءة إلى 10 بالمائة".
ولذلك يفضل استخدام الخلايا الشمسية من نوع أموفيس في المناطق الحارة كونها لا تتأثر بدرجة حرارة عالية. ورغم إن كفاءتها ما بين 6 إلى 9 بالمائة إلا أنها أوفر من نوعية بوليك بروستلين.
تشجيع الاعتماد على طاقة الرياح في ألمانيا
غير إن المداخن الشمسية ليست التقنية الوحيدة المستخدمة في إنتاج الطاقات المتجددة على نطاق واسع في أوروبا. فهناك أيضاً طاقة الرياح التي تعتبر مثالية لتوليد الكهرباء إذا كانت الرياح متوفرة وذات شدة واتجاه ثابتين على مدى العام. وبما إن الطاقة الكهربائية لا يمكن تخزينها بكميات مطلوبة، فإن المشكلة تكمن في الأوقات التي يكون الطلب خلالها على التيار الكهربائي أكبر من إمكانية العرض عبر الشبكة. ومن أجل تلافي نقص قد يحصل تدعم الحكومة الألمانية توليد الكهرباء عن طريق الرياح من خلال شراء الكيلو واط الساعي الذي يتم توليده بالاعتماد على الرياح بسعر أعلى مما يشتريه المواطن من الشبكة العامة على حد تعبير شتاينبريشت، الأمر الذي دفع رجال أعمال وشركات إلى الاستثمار في محطات التوليد التي تعتمد على الرياح.
وعلى ضوء ذلك أقيمت عشرات المحطات الصغيرة والمتوسطة في مختلف الولايات الألمانية وهي اليوم تلبي جزءاً لا بأس به من الاستهلاك اليومي وخاصة في مناطق الشمال المتاخمة لبحري الشمال والبلطيق حيث الرياح متوفرة أكثر من بقية المناطق.
ومن خلال الحوار اتضح أن الاعتماد على الطاقات البديلة والمتجددة أمر لا بد منه. ويزداد دور هذه الطاقات مع تطوير تقنيات إنتاجها وارتفاع أسعار مصادر الطاقة التقليدية وفي مقدمتها النفط والغاز. صحيح ان الأخيرة ستستمر في لعب الدور الرئيسي في المدى المنظور، غير أن المستقبل للطاقات المتجددة على المدى البعيد لأن النفط والغاز إلى نضوب.
عفراء محمد- كاتبة سورية