مأزق الحريات الإعلامية في الأراضي الفلسطينية
١٧ مارس ٢٠١٤مُنعت الصحفية فاتن علوان في رام الله من تغطية تظاهرة نسائية تطالب بإجراءات ملموسة للحد من ما يُسمى ب"جرائم الشرف" تزامنا مع اليوم العالمي للمرأة الأسبوع الماضي. وتوضح الصحفية الفلسطينية، التي تعمل مراسلة صحفية لفضائية "الحرة"، ما جرى معها لDW عربية قائلة: "ضابطا أمن برزي مدني عرقلا عمل المصور الذي يعمل معي. وحينما اعترضت رد عليّ أحدهما بصوت مرتفع: إنتو الصحفيين قليلين أدب وبحاجة لتربية". وعندما طلبت من المصور أن يُكمل عمله، قام عنصر الأمن بدفعها للخلف وطلب منها إخلاء المكان، مهددا إياها باحتجاز كاميرا التصوير وبكسرها. وعلى إثر ذلك، تقدمت علوان بشكوى رسمية لمقر الرئاسة الفلسطينية وبشكوى أخرى لمركز "مدى" للحريات الإعلامية.
من جهته، يتذكر مراسل تلفزيون "وطن" أحمد ملحم واقعة مماثلة. ويقول في حديثه مع DW عربية "في 23 من شهر آب/ أغسطس الماضي كنت أقوم بتغطية مسيرة احتجاجية (نظمتها حركة حماس حول أحداث مصر في الصيف الماضي)، واضعا بطاقة الصحافة على صدري ورغم ذلك تعرضت لاعتداء من قبل عناصر أمنية ترتدي أزياء مدنية وصادرت ذاكرة الكاميرا وحذفت الصور التي التقطتها." ويضيف ملحم قائلا: "كان من الواضح أن رجال الأمن كانوا لا يريدون تصوير المسيرة، حيث طلبوا من جميع الصحفيين مغادرة المكان." وقد استعاد المراسل ذاكرة الكاميرا بفضل تدخل نقابة الصحافيين ووزارة الإعلام.
أشكال مختلفة من الانتهاكات
وعن الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون الفلسطينيون، يقول موسى الريماوي، مدير عام المركز الفلسطيني للحريات الإعلامية "مدى" في حديث مع DW عربية "لقد رصد المركز خلال عام 2013 نحو 229 إنتهاكا للحريات الإعلامية من قبل الجهات المختلفة المسيطرة على المناطق الفلسطينية"، موضحا "أن الصحفيين الفلسطينيين يواجهون أثناء تغطيتهم الأحداث التي تجري في الأراضي الفلسطينية أشكال مختلفة من الانتهاكات" على غرار الاعتداء الجسدي والاحتجاز والمنع من التغطية وكذلك المنع من السفر ومصادرة المعدات وغيرها من الانتهاكات. ووفقا للريماوي، فقد شكلت الممارسات الإسرائيلية القسم الأكبر من هذه الإنتهاكات. وفيما وقعت جميع الإنتهاكات الإسرائيلية خلال عام 2013 في الضفة الغربية ووصلت إلى 28 حالة، فيما تركزت الإنتهاكات الفلسطينية في قطاع غزة ووصلت 50 حالة، حسب المصدر نفسه.
ويفسر الريماوي ذلك بالقول: "الإنقسام الداخلي الفلسطيني المتواصل هو السبب الأساسي في استمرار الإنتهاكات الفلسطينية ضد الحريات الإعلامية التي تصاعدت منذ عام 2007." ويضيف بالقول: "كما أن تداعيات الأحداث في مصر تركت آثارا سلبية على وضع الحريات الإعلامية، وذلك بسبب اختلاف موقف السلطة الفلسطينية عن موقف حركة حماس مما جرى هناك."
ويشير الريماوي إلى أنه "عندما تتحسن الأجواء بين حركتي فتح وحماس ينعكس ذلك إيجابا على أجواء الحريات الإعلامية، وعندما تتوتر الأجواء ينعكس ذلك سلبا على وضع الصحفيين، مطالبا بعدم زج الصحفيين في الخلافات الداخلية، ووضع وسائل الإعلام بمنأى عن الخلافات والصراعات الداخلية وتمكين الإعلاميين من العمل بحرية سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية."
وعن ظاهرة العنف التي يتعرض لها الصحفيون الفلسطينيون يوضح الخبير القانوني ماجد العاروري خلال ندوة صحفية "أن الاشكالية تكمن في الفهم الفلسطيني المقصور والضعيف لمفهوم حرية الرأي والتعبير. ذلك أن الشخصيات العامة في المجتمع لا زالت تعتقد نفسها بعيدة عن النقد من قبل الصحفيين".
"المؤسسة الأمنية لن تسمح بالحد من حرية الصحافة"
من جانبه، يشدد الناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية اللواء عدنان الضميري على أن المؤسسة لا تسمح بأي ظرف من الظروف بالإعتداء أو إنتهاك حرية الصحفي. ويقول في حديث لDW عربية: "في حالة حدوث تعسف في إنفاذ القانون من قبل أي عسكري ضد مواطن سواء كان إعلامي أو غير إعلامي، فإنه يحاسب حسب القانون."
ويضيف اللواء عدنان الضميري:" نحن حريصون جدا على ألاّ تمس الحريات الإعلامية، فحرية الإعلام والصحافة مكفولة وفقا للقانون. ومن حق الصحفيين الحصول على المعلومات أثناء تأدية واجبهم. ومع ذلك يمكن أن تكون هناك سلوكيات فردية. وعلى الأخوة الصحفيين أن يشتكون إلينا وقنوات الإتصال مفتوحة، كذلك مع النقابة والأطر الإعلامية الأخرى، وصدورنا وعقولنا مفتوحة دائما للصحفين."
ويشيد الناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية بالدور الذي يلعبه الإعلاميون قائلا: "هم يحاولون كشف النقاب عن مواقف الضعف التي يمكن أن تسيء إلى الشعب الفلسطيني. ونحن نشعر أننا نعمل عملا تكامليا وليس تفاضليا مع جميع المؤسسات في البلد، بما فيها من مؤسسات إعلامية وإعلاميين وصحافيين الذين يلعبون دورا مهما في كشف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي التي نواجهها جميعا".