عاملان لضمان نجاح حكومة دياب وإلا "فالسيناريو اليوناني قادم"
٢٠ ديسمبر ٢٠١٩"ورشة الإنقاذ قادمة أيها اللبنانيون، فكونوا شركاء فيها"، نداء وجهه الأكاديمي اللبناني حسان دياب، المكلف بتشكيل الحكومة المقبلة، إلى اللبنانيين في كل الساحات والمناطق.
دياب حرص على مغازلة الحراك الشعبي بقوله: "انتفاضتكم تمثلني كما تمثل كل الذين يرغبون في قيام دولة حقيقية". وبسبب تعثر تسمية عدة أسماء قبله ممن تم الاتفاق على تكليفهم، بعدما رفضهم الحراك الشعبي، أكد دياب لهذا الحراك: "أنا مستقل.. وشخص اختصاصي، وبالتالي حكومة الاختصاصيين هي الأولوية، لكن يجب أن تعطوني فرصة لأستشير الجميع". هذه الاستشارات ستبدأ يوم السبت 21 كانون الأول/يناير، وستستغرق أربعة إلى ستة أسابيع، كما أكد دياب في حوار مع DW عربية.
فما الذي يحمله الرجل في جعبته؟ وهل يمكن أن ينجح في مهمته؟ وما هي العقبات التي تواجهه الآن؟ كيف سيكون التعاون الخارجي معه، وخاصة في الغرب؟ في ظل الأزمة التي يعيشها لبنان، وأيضا في ظل التصعيد الغربي ضد حزب الله، وهو الداعم الرئيسي لتسمية دياب.
رفض الحراك
ولم تكد تمضِ بضع سويعات على تكليف حسان دياب بتشكيل الحكومة، حتى بدأ المحتجون في بعض المناطق في شمال لبنان وشرقه وجنوبه بقطع الطرقات، اعتراضا منهم على تسمية دياب، معتبرين أنه ينتمي للطبقة السياسية وأن تسميته جاءت نتيجة لتسوية بين القوى السياسية.
كما تجمّع مئات في ساحات التظاهر في وسط بيروت وطرابلس وصيدا. وأبدى عدد منهم معارضته تكليف دياب وتشكيل "حكومة من لون واحد". وقال دياب للصحافيين بعد وصوله إلى منزله إن "المعترضين على تكليفي المتواجدين في الشوارع يحق لهم ابداء رأيهم". وأكد أن حكومته "لن تكون حكومة مواجهة أبداً". وتجمعت مجموعة من الشبان من مناصري الحريري أمام منزل دياب في بيروت مساء، وسط انتشار أمني شديد. ورددوا هتافات داعمة للحريري، منددين بحصول الرئيس المكلف على تأييد عدد قليل من أصوات النواب السنة، المقربين من حزب الله. وقال أحدهم لوكالة الأنباء الفرنسية، رافضاً الكشف عن اسمه: "جئنا إلى هنا لأننا نرفض حسان دياب، كونه قد نال تأييد ستة نواب سنّة فقط" من إجمالي 27 نائباً سنياً في البرلمان.
إثر ذلك، دعا الحريري مناصريه إلى "رفض أي دعوة للنزول إلى الشارع أو قطع الطرقات"، مؤكداً أن "الهدوء والمسؤولية الوطنية أولويتنا والأزمة التي يواجهها لبنان خطيرة ولا تحتمل أي تلاعب بالاستقرار".
المحلل السياسي خطار أبو دياب يرى أنه من الصعب على رئيس الوزراء المكلف أن يهدئ الشارع، لأن "الحراك في لبنان أصبح رقماً صعباً، لا يكن الالتفاف عليه"، إلا في حال "المفاجأة الإيجابية". وحتى الآن تبدو الأمور بعيدة عن هذه المفاجأة فالوصفة التي "تم تقديمها من خلال رئيس الوزراء المكلف غير كافية".
رئيس الوزراء المكلف أبدى في حوار مع DW عربية تفهمه للاعتراضات: "المواطنون موجوعون منذ سنوات ومنذ عقود. لا يجب على أحد أن يلومهم. لأنهم سلبوا أبسط حقوقهم. حقوق المعيشة، والعمل والتعليم المجاني. أتفهم هذا الوجع". لكنه أكد عزمه على معالجة "كل هذه المشاكل".
غياب الدعم السني
ويضاف إلى رفض الحراك حتى الآن، غياب دعم الطائفة السنية في البلاد، إلا من بضعة نواب في البرلمان، متحالفين مع كتلة حزب الله وحلفائها. خطار أبو دياب يرى أن تسمية حسان دياب، تخل بما يسمى "الميثاقية": "فهناك بدعة أحدثت في لبنان منذ فترة، هي الميثاقية؛ أي توفير الغطاء من كل طائفة لممثلها. وهذه سابقة خطرة في الميثاق السياسي في لبنان". هذا الكلام وإن كان قُيل سابقاً عن نجيب ميقاتي، إلا أن "ميقاتي صاحب كتلة نيابية وكان مترسخاً في طرابلس".
"هذا أمر سخيف"، يرد حسان دياب على من يتهمون حكومته بأنها ستكون "حكومة حزب الله"، مؤكداً في حواره مع قناتنا على "أن هذه الحكومة ستكون وجه لبنان. لن تكون حكومة لفئة سياسية معينة من هنا أو من هناك. سنحاول أن يكون كل أعضاء هذه الحكومة اختصاصيين، مستقلين".
وهذا مربط الفرس، كما برز في التصريحات الدولية الأخيرة، أي "الاستقلالية". حيث أن الدعم الاقتصادي الخارجي مرتبط بمدى استقلالية الحكومة.
دعم أوروبي-أمريكي مشروط
ويبدو أن حسان دياب يدرك جيداً هذا الأمر: "أعتقد أن الأمريكيين عند تأليف حكومة بهذا الشكل سيدعمونها، لأنها حكومة هدفها إنقاذ الوضع في لبنان. لا أرى مشكلة. أتوقع الدعم الكامل (سواء) من الأوروبيين أو من الولايات المتحدة"، كما صرح لـDW عربية.
وهذا ما برز ذلك من خلال تصريحات وكيل وزارة الخارجية الأمريكية ديفيد هيل، الذي أعلن في بيروت بعد اجتماع مع الرئيس اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا أنه جاء إلى لبنان لحث القادة السياسيين "على الالتزام بتطبيق إصلاحات مستدامة ومؤثرة يمكنها أن تؤدي إلى لبنان آمن ومستقر وينعم بالرخاء". وأضاف "حان وقت تنحية المصالح الحزبية والتصرف بما يخدم المصلحة الوطنية ودفع الإصلاحات وتشكيل حكومة تلتزم بتطبيقها وقادرة على فعل ذلك".
لذلك يرى المحلل السياسي خطار أبو دياب أن هناك فرصة لنجاح الحكومة اللبنانية القادمة، ولكن كل شيء متوقف على طريقة تعاطي حزب الله مع هذه الحكومة، مضيفاً أن هدف الولايات المتحدة وكذلك الاتحاد الأوروبي، وخاصة ألمانيا وفرنسا، "ليس عزل حزب الله، كما يتصور البعض، وإنما من أجل وضع كل الطبقة السياسية جانبا للقيام بالإنقاذ الاقتصادي". رغم التصعيد الألماني مؤخراً، بضرورة تصنيف الجناح السياسي أيضاً لحزب الله كمنظمة إرهابية، بعد أن كان ذلك يقتصر على الجناح العسكري للحزب.
فالإصلاحات المستدامة واستقلالية الحكومة هي التي ستؤدي إلى حصولها على الدعم الخارجي، حتى من الصين، بحسب خطار أبو دياب.
ولكن في الوقت ذاته يخشى حزب الله ذلك ويحاول أن يطمئن إلى بقاء نفوذه من خلال الحكومة. والسؤال المفصلي، برأي خطرا أبو دياب: "هل يرضى حزب الله بترك الحكومة للاختصاصيين، لأن رئيسها الآن مضمون؟".
والإجابة على هذا السؤال لا تحتمل الكثير من الوقت، فيجب أن تحسم الأمور سريعاً، لأن الوضع الاقتصادي متردٍ جداً، وهناك "مصارف مهددة. وهناك شبح سيناريو يوناني بكل معنى الكلمة"، برأي خطار أبو دياب. أي انهيار مالي. ولكن اليونان تم إنقاذها بفضل المساعدات الأوروبية، أما لبنان فمن سينقذه حينها؟
فلاح آلياس