"قطار الثقافة".. منتدى متحرك يربط برلين وفروتسواف ببولندا
١١ يناير ٢٠٢٣يتنقل "قطار الثقافة" بين العاصمة الألمانية برلين ومدينة فروتسواف في جنوب غرب بولندا منذ عام 2016. وتستغرق الرحلة بين المدينتين على نهري سبري وأود حوالي 4 ساعات ونصف، حيث يمضي معظم هذا الوقت بتقديم معلومات للركاب على الثقافة التي تنتظرهم في نهاية رحلتهم وتوفر وسائل الترفيه لهم. كما يلتقي الركاب خلال الرحلة بالكتّاب والموسيقيين والفنانين المبدعين إلى جانب وجود مكتبة ومعرض بشكل دائم.
والجدير بالذكر أن هذا المشروع كان قد صُمم في الأصل لمدة مؤقتة (ستة أشهر)، غير أنه قد حقق نجاحاً كبيراً لدرجة أنه لم يتم إيقافه. وقد أصبحت مؤسسة محترمة معروفة بعيدا عن منطقة الحدود الألمانية البولندية.
تعاون بين بولندا وبرلين لتعزيز الثقافة
قال رافال دوتكيويتش، العمدة السابق لمدينة فروتسواف ، إنه كان أحد القوى الدافعة وراء الفكرة. وقال: "ابتكر أحدهم من مجلس المدينة اسماً لهذه الفكرة على الفور:" Pociag do kultury "- قطار الثقافة"، مضيفا أن الهدف هو تطوير التعاون بين بولندا وكل من العاصمة برلين وولاية براندنبورغ في قطاع الثقافة.
وقال إنه على الجانب الألماني، لعبت "مجموعة من الشباب المبدعين" دورا رئيسيا في إنجاز الفكرة وتنفيذها على أرض الواقع والمساعدة في نجاحها.
قبل وقت طويل من إطلاق المشروع، اجتمعت إيفا ستروزينسكا فيله، المتخصصة في المسرح والدراسات الألمانية، وناتالي فاسرمان، المترجمة، مع المخرج والمنتج أوليفر شباتز للعمل من أجل هذا المسعى الألماني البولندي المشترك. شباتز، الذي كان مديرا لمنتدى كلايست في فرانكفورت في الفترة من 2015 إلى 2016، لا يزال مدير مشروع قطار الثقافة.
قالت فاسرمان: "كانت لدينا فكرة تقديم الثقافة على متن قطار لبعض الوقت". وإنه عندما تم اختيار فروتسواف كعاصمة الثقافة الأوروبية في عام 2016، كانت تلك فرصة فريدة لتحقيق الحلم، مضيفة أن "مجموعة الأفكار" قد اتحدت.
الرحلة الأولى
عندما انطلق قطار الثقافة في رحلته الأولى من محطة ليشتنبرغ في برلين في 30 أبريل/ نيسان 2016، كان فريق شباتز في قمة القلق. يتذكر قائلاً: "كنا خائفين من ألا يُستقل القطار بسبب الرحلة الطويلة".
في النهاية، فوجئوا تماما. وقال: "لقد أراد كثير من الناس السفر بهذا القطار حتى أكثر من الإمكانية المتاحة". وأضاف: "كنا نخطط لاستيعاب 420 مقعدا. وبعد أسبوعين، تم بيع كل المقاعد. لقد أذهلنا ذلك."
واجه المنظمون التحدي الصعب المتمثل في ابتكار برنامج ثقافي يستقطب مجموعة واسعة من الناس. لقد ابتكروا مخططا أساسيا يستهدف جمهورا واسعا، مع اختبار ومكتبة متنقلة على متن القطار. تم طرح أسئلة بسيطة على الركاب، مثل إعطاء عدد الولايات أو المقاطعات في كلا البلدين. تتذكر فاسرمان: "كان الهدف هو جعل الناس يتحدثون مع بعضهم البعض".
الأدب والموسيقى والمسرح على متن القطار
وبات القطار بمثابة مكان للموسيقى، والمسرح، والرقص، والمحاضرات. وقالت دوروتا دانياليفيتش، كاتبة بولندية، "هناك جو رائع ومنفتح على متن القطار.. يشارك الناس تجاربهم، ويتعرفون على بعضهم البعض."
تكاد تكون الكاتبة مسافرة منتظمة على متن قطار الثقافة، حيث قدمت كتابيها "البحث عن روح برلين" و "الأغنية البيضاء". قالت إنها أيضا تستقل القطار من أجل المتعة، على سبيل المثال لزيارة سوق الكريسماس في فروتسواف.
من المعروف أن السياسيين يستقلون هذا القطار أيضا، بما في ذلك ديتمار فوديكي، رئيس وزراء ولاية براندنبورغ الألمانية، الذي ناقش مستقبل العلاقات الألمانية البولندية خلال رحلة مع رئيس بلدية فروتسواف السابق دوتكيويتش.
كما استقل هذا القطار وزير الثقافة والتعاون الأوروبي في برلين كلاوس ليدرر، مع زملائه البولنديين لشرح الوضع في العاصمة الألمانية. قال أوليفر شباتز: "يخلق قطار الثقافة مستويات غير رسمية لزيادة التواصل".
تم تخصيص المشروع للعمل لمدة ستة أشهر، من أيار/مايو إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2016. ولكن نظرا للنجاح الكبير، حيث تم تسجيل 22 ألف مسافر في العام الأول وحده، فقد تم تمديده مرارا وتكرارا.
قالت ناتالي فاسرمان: "كنا نقول دائما، حتى نهاية العام". لكن القطار واصل قوته وحقق نجاحا في كلا البلدين. تم تعليق الاتصال لمدة عام خلال جائحة كورونا، لكن القطار بدأ في العمل مرة أخرى منذ حزيران/ يونيو 2021.
جاسك ليبيارز / ريم ضوا