قضيتا الهجرة والتبادل التجاري في صلب زيارة كولر إلى أفريقيا
١٢ نوفمبر ٢٠٠٧تُضيف زيارة الرئيس الألماني هورست كولر الحالية إلى الجزائر وموريتانيا أبعادا جديدة إلى التزاماته الإفريقية. فقد ضربت موريتانيا مثالا ناجحا على إمكانية الانتقال من النظام الدكتاتوري إلى النظام الديمقراطي حتى في ظل ظروف اقتصادية صعبة. أما الجزائر فتتمتع بثروة كبيرة من مصادر الطاقة التي تجتذب اهتمام الاقتصاد الألماني، حيث تحتل الجزائر المرتبة الخامسة في لائحة الدول المصدرة للغاز الطبيعي إلى أوروبا. ولا تزال الحكومة الجزائرية تخطط للتوسع في استثمارات قطاعي النفط والغاز، حيث ستستثمر 100 مليار دولار حتى عام 2009 في هذين القطاعين. ويوجد حتى الآن خطان لأنابيب الغاز الجزائري، وفي عام 2008 سيتم إنشاء خط جديد يربط بين ميناء بيني صاف الجزائري وميناء ألميريا الأسباني.
التنمية الاجتماعية في صدارة المباحثات
غير أن وفرة مصادر الطاقة في الجزائر لم تمنع الفقر من الانتشار في العديد من أوساط المجتمع، لاسيما بين الشباب الذين يعانون من قلة البدائل المتاحة أمامهم، الأمر الذي يسبب توترات اجتماعية تؤدي في بعض الأحيان إلى التطرف الديني أو الهجرة. الإدارة الجزائرية تسعى إلى محاربة التوترات الاجتماعية عن طريق وسائل سلطوية دون أن تطور سياسة تنموية خاصة في قطاع التعليم، لذلك من المتوقع أن تحتل التنمية الاجتماعية أولوية مباحثات كولر الذي دأب على المناداة باستخدام عادل لمصادر الطاقة.
القضية الأخرى التي تريد ألمانيا تقديم المساعدة فيها هي قضية محاربة الإرهاب. فالفقر والإحباط يجعلان من الشباب الجزائري فريسة سهلة للتنظيمات الإرهابية التي تسعى لتجنيدهم. فبالرغم من تأكيد الإدارة الجزائرية أن أعوام الإرهاب قد ولت بلا رجعة، لا تزال البلاد تتعرض إلى تفجيرات إرهابية، آخرها وقع يوم السبت الماضي(10 نوفمبر/تشرين ثاني) شرق العاصمة الجزائر وأدى إلى إصابة عدة أشخاص. وتشير أصابع الاتهام في معظم الهجمات الإرهابية إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي الذي انبثق عن الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر.
اهتمام كبير بقضايا القارة الإفريقية
وتأتي جولة الرئيس الألماني الحالية في إفريقيا، وهي الرابعة منذ توليه منصبه في إطار جهوده الرامية إلى زيادة الوعي بمشاكل القارة الإفريقية. ففي مطلع الشهر الحالي قام كولر بتنظيم منتدى إفريقيا في مدينة فيسبادن، ودعا إليه رؤساء بوتسوانا وموزمبيق وبينين ومدغشقر ونيجيريا إضافة إلى عدد من السياسيين ورجال الأعمال والنقابيين والفنانين الأفارقة والألمان لتعزيز حضور القارة السمراء في الإعلام الألماني ودعم التفاهم المشترك.
إفريقيا كانت حاضرة أيضا خلال زيارة كولر الحالية إلى الجزائر. فقد شارك الرئيس الألماني اليوم (12 نوفمبر/تشرين ثاني) في افتتاح منتدى شراكة بين إفريقيا ودول مجموعة الثمانية في الجزائر. وشدد في كلمته على أهمية تحقيق شروط تجارية عادلة بالنسبة للقارة الإفريقية. كما طالب كولر الدول الصناعية بإزالة الجمارك عن المنتجات المصنعة. وأضاف: "نحن بحاجة لسياسة وإجراءات تضمن أن تذهب الثروة الطبيعية في إفريقيا لصالح الشعوب هناك في المقام الأول".
موريتانيا نموذج ناجح للتحول الديمقراطي
استطاعت موريتانيا أن تحقق انجازا تاريخيا بانتقالها إلى النظام الديمقراطي بعد انقلاب عسكري أنهى حكم الرئيس السابق ولد طايع. فقد عاد العسكر إلى ثكناتهم بعد أن تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية ديمقراطية. وتولى رئاسة البلاد المرشح المستقل سيدي ولد شيخ عبد اللهي. غير أنه يقف اليوم أمام تحدي تحقيق العدالة في دولة تتصف بالتوترات القبلية، لاسيما بين الجماعات ذوي الأصول الإفريقية والقبائل ذات الأصول البربرية الجزائرية.
لذا ستتركز محاور مباحثات الرئيس الألماني على قضايا الهجرة والتبادل التجاري واستخدام مصادر الطاقة. فكولر مقتنع بأن العولمة تخلق المزيد من التبعية. وبالذات دول مثل الجزائر وموريتانيا معنية بهذه القضايا. فهي تواجه تبعات الهجرة والإرهاب وتبعات التفرقة بين أفريقيا وأوروبا.