فيضانات ألمانيا.. هل تؤثر على نتيجة الانتخابات القادمة؟
٢٣ يوليو ٢٠٢١زارت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مدينة باد مونسترأيفيل المتضررة من الفيضانات في ولاية شمال الراين- ويستفاليا الثلاثاء الماضي حيث تفقدت الخسائر التي خلفتها الفيضانات.
وخلال تفقدها للمدينة الصغيرة التي تعود إلى القرون الوسطى، بدى على المستشارة مشاعر الحزن إزاء حجم الخسائر وهو ما ظهر جليا في اللقطات التي بثتها القنوات التلفزيونية لميركل خلال الزيارة. وأبلغت ميركل سكان المدينة بأنها "لا تجد الكلمات للتعبير عن حجم الدمار".
وفي ختام الزيارة، تعهدت ميركل لعمدة باد مونسترأيفيل بأنها ستعود لزيارة المدينة قريبا رغم أنها ستغادر الحياة السياسية في ألمانيا قريبا ولن تكون لها منصب حكومي.
لم تكن ميركل المسؤولية الوحيدة التي قصدت المناطق المنكوبة جراء الفيضانات بل زار تلك المناطق سياسيون سيخوضون الغمار الانتخابي في سبتمبر / أيلول المقبل.
وترى أورسولا مونش - مديرة أكاديمية الثقافة السياسية في مدينة توتسنغ في مقاطعة بافاريا - أنه يتعين على السياسيين الذين يقومون بمثل هذه الزيارات تحقيق التوازن بين التعاطف مع المتضررين والنأي بأنفسهم عن أي اتهامات بمحاولة استغلال الأزمة لصالحهم.
وفي مقابلة مع DW، قالت مونش إن "السياسيين الذين ليسوا في السلطة إذا لم يقوموا بمثل هذه الزيارات فسوف يتم اتهامهم بعدم الاهتمام أو عدم التعاطف مع الضحايا. لكن على الجانب الآخر، يمكن اتهامهم بسهولة بأنهم يرغبون في الاستفادة من الكارثة لصالح الترويج لحملاتهم الانتخابية.
اليوم الجمعة (23 تموز/يوليو 2021) ارتفعت حصيلة الفيضانات لتصل إلى 180 قتيلاً، في حين لا يزال نحو 150 في عداد المفقودين.
الاستغلال السياسي للكوارث
وفيما يتعلق بالاستغلال السياسي لكارثة الفيضانات في ألمانيا، تخرج ميركل من دائرة الاتهام لأنها قررت عدم خوض الانتخابات المقبلة.
بيد أن هذه الاتهامات طالت الكثير من السياسيين الذين تفقدوا المناطق المنكوبة في ولايتي راينلاند بفالس، وشمال الراين- ويستفاليا من بينهم الرئيس الألماني فرانك ـ فالتر شتاينماير، والمرشحين الثلاثة لخلافة ميركل وعدد من الوزراء ووزراء الحكومات المحلية.
ويُنظر إلى كارثة الفيضانات بأنها قد تكون نقمة أو نعمة لهؤلاء السياسيين.
وفي ذلك، يقول جيرو نيوجباور - الخبير في العلوم السياسية في جامعة برلين الحرة- إنه في مثل تلك الأزمات فإن الأحزاب الحاكمة يكون لديها "مزايا مؤسسية واضحة وكذلك أيضا السياسيين الذين في السلطة".
وفي حالة تطبيق هذه القاعدة فسيكون الأمر في غير صالح أنالينا بيربوك - مرشحة حزب الخضر لمنصب المستشارية والتي تضاءلت شعبيتها منذ دخولها السباق لأول مرة- إذ أنها ليست في دائرة الحكم، وذلك على عكس منافسيها على منصب المستشارية أرمين لاشيت من الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم وأولاف شولتز من الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
واللافت للنظر أن زيارة لاشيت وشولتز للمناطق المتضررة من الفيضانات لاقت اهتماما إعلاميا كبيرا فيما مضت زيارة بيربوك لنفس المناطق من دون أي ضجيج إعلامي.
الخضر الأفضل في محاربة ظاهرة التغير المناخي
وبالنظر إلى هذه المعطيات، هل يمكن القول بان لاشيت – رئيس وزراء ولاية شمال الرين ـ ويستفاليا ورئيس الحزب المسيحي الديمقراطي – يمتلك ميزة واضحة؟ أو أن شولتز – وزير المالية الذي تعهد بتقديم مساعدات تقدر بالملايين – قد تزايدت شعبيته بين الألمان خاصة فيما يتعلق بإدارة الأزمة؟
بيد أن الإجابة جاءت على غير ما تشتهيه سفن لاشيت وشولتنز.
ووفقا لاستطلاع للرأي أجرته مجلة "دير شبيغل" الأسبوعية طُرح خلاله على المشاركين سؤالا حيال المرشح الأقدر على محاربة ظاهرة التغير المناخي، فإن نسبة 26 بالمائة قالت إن لاشيت هو الأقدر، فيما رأت نسبة 35 بالمائة أن شولتز هو الأقدر، لكن بيربوك جاءت في المقدمة بنسبة بلغت 56 بالمائة.
ولم يتفاجأ نيوجباور أو مونش بهذه النتيجة خاصة وأن الأمر ليس بالمستغرب في ألمانيا.
وفي هذا السياق، يوضح نيوجباور "في ألمانيا، نصوت لصالح الأحزاب وليس لصالح الأشخاص"، مضيفا أن بربوك تمثل حزب الخضر الذي دائما يحتل الصدارة عندما يكون التساؤل عن الحزب الأكثر قدرة على حل المشاكل المترتبة على ظاهرة التغير المناخي".
من جانبه، تقول مونش إن سياسية المناخ تعد "أساسية" داخل حزب الخضر، لكن الحزب لم يقفز بعد إلى ساحة السباق.
الألمان ينسون بسرعة
وفيما يتعلق بالأسباب وراء عدم تحقيق لاشيت نسبة جيدة في الاستطلاعات عقب كارثة الفيضانات، ربما يعود الأمر إلى الجدل الذي صادف زيارته للمناطق المتضررة جراء الفيضانات في غرب ألمانيا. فخلال الزيارة ظهر لاشيت وهو يضحك فيما كان الرئيس الألماني شتاينماير يتحدث عن العواقب المدمرة للفيضانات.
واعتذر لاشيت على ذلك، إذ شدد "على أنه تصرف بشكل غير لائق".
بيد أن مونش تؤكد أن لاشيت كان يتعين أن يدرك أن مثل هذه اللقطات ستنتشر على نطاق كبير خاصة وأن الجميع بات "يخضع لمراقبة كاميرات الهواتف المحمولة".
التأثير على الانتخابات
وفيما يتعلق بتأثير الفيضانات على الانتخابات العامة التي ستجرى في السادس والعشرين من سبتمبر / أيلول المقبل، فلا يرى الخبراء أنه سيترتب على الأمر تأثيرا كبيرا.
ويأتي ذلك رغم أن صور الدمار الذي خلفته الفيضانات ستكون عالقة في الأذهان بحلول الموعد الانتخابي فيما لا يتوقع أن تكون المناطق المنكوبة قد تعافت بعد.
وفي هذا السياق، يؤكد نيوجباور "لا أعتقد أن (الفيضانات) سيكون لها تأثيرا كبيرا على الانتخابات".
وتتفق مع مونش مع هذا الرأ، وتؤكد "لا يزال يفصلنا شهرين على إجراء الانتخابات. والمزاج الألماني مزاج ديمقراطي. سوف ننسى كل شي بوتيرة سريعة."
فولكر ويتنغ وماري سينا / م ع