فارغاس يوسا يكشف آليات السلطة ويفوز بجائزة نوبل
٧ أكتوبر ٢٠١٠بعد 47 عاماً من صدور أول رواياته "المدينة والكلاب" قررت الأكاديمية السويدية الملكية منح ماريو فارغاس يوسا أرفع وسام أدبي في العالم تقديراً لبراعته "في تصوير هياكل السلطة وصوره الحادة حول مقاومة الفرد وتمرده وفشله". وأشار بيتر إنغلوند الأمين الدائم للأكاديمية السويدية للعلوم إلى اهتمام يوسا في أعماله بالمجتمع في بلاده، مضيفاً أن يوسا يرى "أن المؤلفين لا ينبغي عليهم فقط تقديم المتعة، بل رواية الحقيقة، والإشارة إلى الطريق الذي ينبغي السير فيه."
ولد يوسا في 28 مارس (آذار) عام 1936 في مدينة أريكويبا في بيرو. نشأ مع والدته وجده في مدينة كوشاباما في بوليفيا قبل أن يعود إلى وطنه عام 1946. عمل صحافياً في بيرو وفي باريس قبل أن يتفرغ للتأليف. ويوسا سليل عائلة أرستقراطية كبيرة، وقد تحول من ثوري يساري إلى أحد ممثلي الطبقة الأرستقراطية. وعاش فارغاس يوسا في مدريد في الفترة من عام 1958 حتى عام 1974 حيث حصل على درجة الدكتوراه. وتزوج يوسا في سن 18 عاما من عمته يوليا أوركويدي التي كانت تبلغ من العمر آنذاك 32 عاماً، وعاش معها تسعة أعوام. وقد تناول هذه العلاقة فيما بعد في روايته "العمة جوليا وكاتب الفن".
"زمن البطل" فتحت له آفاق العالمية
وتعتبر رواية "زمن البطل" البوابة التي انتقل يوسا عبرها إلى العالمية حيث ترجمت إلى اللغة الإنكليزية عام 1966، وأثارت هذه الرواية الجدل في بيرو حيث تم إحراق ألف نسخة منها في أكاديمية "ليونثيو برادو" العسكرية. وكتب يوسا حتى الآن ما يزيد عن ثلاثين رواية ومسرحية، ترجم منها عدد كبير إلى العربية، ومن أعماله: "حديث في الكاتدرائية" و"البيت الأخضر"، و"الفردوس في مكان آخر" و"حفلة التيس".
كما اشتهر يوسا بمقالاته وكتاباته الصحافية، خصوصاً لصحيفة "الباييس" الأسبانية. ونال يوسا الجنسية الإسبانية عام 1993 بعد ثلاث سنوات على هزيمته في الانتخابات الرئاسية البيروفية، وهو يعيش حالياً في مدريد. وفي عام 1995 حصل يوسا على جائزة سيرفانتس، أرقي وسام أدبي في العالم الناطق بالإسبانية، كما حصل عام 1996 على جائزة السلام المرموقة التي يمنحها اتحاد الناشرين الألمان. ويوسا سادس كاتب من أمريكا اللاتينية ينال جائزة نوبل، وسبقه في الحصول عليها المكسيكي أوكتافيو باث (1990) والكولومبي غابرييل غارثيا ماركيز (1982) والتشيلي بابلو نيرودا (1971) والغواتيمالي ميخيل أستورياس (1967) والتشيلية غابرييلا ميسترال (1945).
"كلما بحث الناس عن الجنة وجدوا جهنم"
ويعتبر يوسا من أشهر كتاب دول أمريكا اللاتينية، وهو قضى نصف حياته في أوروبا وأمريكا الشمالية، لذا فإنه كثيراً ما يوصف بأنه "يفكر بشكل أوروبي". ورغم أنه أمريكي لاتيني حتى النخاع، فقد قال بأنه يشعر أن أوروبا هي وطنه. ويتدخل يوسا الذي يعتبر نفسه ليبرالياً في السياسة بشكل حماسي ومستفز في غير قليل من الأحيان، وهو حذر ذات مرة من أن الديمقراطية في جميع دول أمريكا اللاتينية في خطر، واتهم رؤساء الدول اليساريين، من أمثال رئيس فنزويلا هوغو شافيز، بأنهم يسعون لـ" شيوعية مثل شيوعية كوبا". وفي مقال له لصحيفة "دي تسايت" الألمانية كتب فارغاس يوسا ذات مرة أنه لا يؤمن بالسلام العالمي "فكلما بحث الناس عن الجنة وجدوا جهنم". ومن المعروف أن يوسا كان يؤيد الحرب على العراق.
ورغم الحياة المتنقلة لفارغاس يوسا، إذ أنه عاش حسب قوله في 40 منزلاً، فإن ثلاثاً من رواياته فقط هي التي لا تدور أحداثها عن وطنه بيرو، وهي: "الحرب في نهاية العالم" و آخر عملين من أعماله "حفلة التيس" و "الفردوس في مكان آخر". وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد ايبسو أبويو المتخصص أن فارغاس يوسا أحد أكثر الشخصيات في بيرو نفوذاً.
(س ج / أ ف ب، د ب أ)
مراجعة: منصف السليمي