طرابلس في قبضة المليشيات - هل ينجح زيدان في إخراجهم منها؟
٢١ نوفمبر ٢٠١٣تسعى الحكومة الليبية إلى إجلاء الميليشيات من العاصمة، وذلك إثر المواجهات الدامية في نهاية الأسبوع الفائت. وتلحظ هذه الخطة، التي تتضمن خمسة عشر بندا، إحصاء مختلف المجموعات المسلحة في العاصمة ومواقعها بهدف إجلائها نحو مواقع أخرى خارج العاصمة. وتنوي الحكومة بعدها وضع خطة ثانية لنزع سلاح هذه المجموعات ودمج أفرادها في قوات الأمن.
وانتشر الجيش الاثنين في العاصمة الليبية بعد صدامات دموية على خلفية توتر بين مجموعات مسلحة من طرابلس وميليشيات من مصراتة بعد أن تلقت الأخيرة أوامر بمغادرة المدينة.
حكومة على زيدان تجد نفسها مجبرة على اتخاذ إجراءات صارمة لتخفيف الاحتقان داخل العاصمة الليبية، إذ يواصل سكان طرابلس التظاهر ضد الميليشيات في اليوم الرابع من إضراب عام دعا إليه المجلس المحلي، والذي أكد في بيان أمس الثلاثاء تمديد الإضراب إلى غاية الأحد وتنظيم مظاهرة كبيرة الجمعة ضد الميليشيات.
لكن ما مدى إمكانية نجاح خطة زيدان في إخراج المليشيات المسلحة من العاصمة طرابلس؟ وهل يملك القدرة على نزع سلاحها؟
المصالح والنفوذ
أكد هاشم بشر، رئيس اللجنة الأمنية العليا للعاصمة الليبية طرابلس، أن "هناك أكثر من 50 تشكيلا مسلحا في وسط طرابلس". وتنتمي هذه المجموعات المسلحة إلى عدة مناطق وقبائل ليبية، ساهمت في عملية الإطاحة بنظام القذافي. هذه المليشيات، التي اتحدت فيما بينها أثناء المعارك الضارية ضد قوات القذافي، باتت أهدافها متعددة اليوم، بل وأصبحت تشكل معضلة أمنية كبيرة ليس لسكان فقط، بل حتى بالنسبة للحكام الجدد في ليبيا.
ويقول الدكتور زياد عقل، من مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، والخبير في الشأن الليبي، إنه " من الواضح أن هذه المليشيات لديها مصالح تريد حمايتها والحفاظ عليها حتى وإن كان ذلك بقوة السلاح. وطالما ترفض الحكومة الاعتراف بمصالح هذه المليشيات، طالما تبقى خططها غير فعالة". ويضيف الدكتور عقل قائلا: "المسألة في ليبيا لا تتعلق بوجود خطة من عدمه. و لكن هناك عدم قدرة الحكومة على السيطرة على السلاح الموجود، وكذلك عدم قدرة الحكومة على تقديم حوافز لهذه المليشيات للتخلي عن المناطق التي تسيطر عليها، وتقديم سلاحها للدولة".
ولشراء السلام وزعت السلطات الانتقالية بشكل مكثف ملايين الدولارات على عشرات الميليشيات، مما أتاح المجال أمام "انحرافات مافياوية". وعندما تتوقف الحكومة عن توزيع "المكافآت" أو تسعى إلى حل الميليشيات، فإن الأخيرة لا تتوانى عن مهاجمة مؤسسات الدولة وخطف مسؤولين أو تعطيل مواقع نفطية.
"البحث عن المصلحة المشتركة"
وتبدو السلطات من جهتها عاجزة أمام تنامي قوة هذه المليشيات وبخاصة في شرق البلاد الذي يشكل مسرحا لاغتيالات عناصر أمنية واعتداءات على مصالح وممثليات دبلوماسية غربية. وتصاعد أعمال العنف أدى إلى هروب معظم الدبلوماسيين والشركات الأجنبية مما يؤخر إعادة إعمار هذا البلد بعد ثمانية أشهر من النزاع في 2011 وبعد نحو أربعين عاما من الاستبداد في ظل حكم معمر القذافي.
وتأتي المنازعات السياسية وغياب خارطة طريق واضحة لبناء مؤسسات الدولة لتزيد في تسميم الوضع. وقد أكد هاشم بشر، رئيس اللجنة الأمنية العليا للعاصمة الليبية طرابلس، أن هناك أحزابا وتجمعات سياسية (لم يسميها) تسعى لإفشال الحكومة الانتقالية التي يترأسها علي زيدان، لكي تأتي بمرشحها لتولي المنصب.
ويرى الدكتور زياد عقل، الخبير في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، أن المصالح الجهوية الضيقة هي التي زادت من تأزم الوضع في ليبيا، ويؤكد أن "الأمر لا يتعلق بالانتماءات القبلية بقدر ما يتعلق بالانتماء الجغرافي، والحفاظ على المصالح الجيو-إستراتيجية لهذه المجموعات أو لهذه الانتماءات السياسية".
وكان علي زيدان، رئيس الوزراء الذي اُختطف من أحد الفنادق المحصنة بطرابلس من قبل مجموعات مسلحة الشهر الماضي، اتهم نائبين برلمانيين من حزب إسلامي بالتورط في تنسيق عملية خطفه من قبل إحدى الميليشيات. ويتساءل عقل عن كيف يمكن لحكومة أن تبسط الأمن، بينما لم تستطع تأمين حتى رئيسها من سطوة هذه المليشيات، ويضيف "يجب على الحكومة خلق نوع من المصلحة المشتركة بين هذه المليشيات والدولة، فالدولة ليس لديها القوة لكي تثبت أنها على استعداد لنزع سلاح هذه المليشيات".