ضباب الربيع العربي يحجب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
٨ أكتوبر ٢٠١٢أطلقت حركتا حماس والجهاد الإسلامي (الاثنين 08 أكتوبر/تشرين أول 2012 ) عشرات القذائف الصاروخية على جنوب إسرائيل التي ردت بقصف مدفعي كثيف على قطاع غزة. الطرفان تبادلا الاتهامات بشأن مسؤولية هذا التصعيد. الملفت للنظر، أنّ الإعلام العربي لم يعد يسلط الضوء على أعمال العنف المتكررة بين الجانبين.
ولا يختلف اثنان في أنّ الاهتمام العربي الرسمي والشعبي ينصب اليوم على مساحات التغيير الكبرى التي حلت بالمنطقة ضمن مناخ بات يعرف بالربيع العربي. ويتجلى هذا بوضوح في أجندات اجتماعات الجامعة العربية واللجان المتفرعة عنها. الأنظمة السياسية العربية مهتمة اليوم بحماية وجودها، والى ذلك أشار الصحفي الفلسطيني أكرم عطا الله الكاتب في جريدة الأيام متحدثا إلى DW عربية من غزة، ومبينا أن " الأنظمة الحاكمة في العالم العربي تبحث عن أولويات استقرار حكمها، قبل أن تبحث في القضية الفلسطينية".
"تراجع القضية الفلسطينية"
وفي معرض حديثه عن تحولات الربيع العربي على مدى عامين أشار عطا الله إلى أن الأنظمة العربية في البداية أحتمت بالقضية الفلسطينية إلى درجة أنها حملت ملف الاستيطان الإسرائيلي إلى الأمم المتحدة. لكن سنة 2012 شهدت توجهات أخرى لأنظمة الربيع العربي.
تراجع القضية الفلسطينية في أولويات الدول العربية قد يخلق حالة إحباط لدى الفلسطينيين، وهذا يمكن أن يفسّر ذهاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى الأمم المتحدة ليطلب لفلسطين سمة دولة غير عضو في الأمم المتحدة كما أشار الكاتب أكرم عطا الله .
"تحول قضية الشرق الأوسط إلى صراع محلي"
فلسطينيا ، يلحظ المراقب أن حماس أوقفت عمل اللجنة المركزية للانتخابات الفلسطينية في غزة ، وهي تراهن على نتائج الربيع العربي الذي أوصل حلفاءها من الأخوان المسلمين إلى السلطة في مصر. ويرى بعض المراقبين أن تراجع الاهتمام العربي عما يسمى بقضية الشرق الأوسط يحتمل أن يدفع الفلسطينيين إلى البحث عن تحالفات إقليمية بديلة عن العرب وتحديدا تركيا وإيران، وهنا ينبه الصحفي أكرم عطل إلى ضرورة التمييز بين نظامي حماس وفتح في ملف التحالفات مبينا" أن حماس الخارج ابتعدت في تحالفاتها عن إيران، أما حماس الداخل فما زالت علاقتها قوية بإيران، وقد كان محمود الزهار في طهران في الشهر الماضي"، في المقابل فإن " السلطة الفلسطينية في رام الله تسعى إلى أن تبقى خارج المحاور وهذه سياسة أبو مازن".
"الحكومات العربية لم تكن صادقة لحل القضية الفلسطينية"
يرى بعض خبراء الشرق الأوسط أن الصراع قد تحول من إسرائيلي عربي إلى إسرائيلي فلسطيني بعد ثورات الربيع العربي وهذا يضيّق مساحة الأزمة وقد يفتح أفق حلها. لكن الدبلوماسي الإسرائيلي ايلي افيدار رئيس منتدى الشرق الأوسط الحكيم وفي حديثه من تل أبيب إلى DW عربية اختلف مع هذا الرأي مشيرا إلى أن إسرائيل كانت دائما تنظر إلى النزاع على أنه إسرائيلي فلسطيني، ولم يكن هناك- على سبيل المثال صراعا مع تونس أو السعودية .
أفيدار ذهب إلى أن الربيع العربي غيّر الاهتمام والتركيز في الجانب العربي، حيث "أن أغلب الحكومات العربية وحسب رأيي الشخصي كانت تستغل الموضوع الفلسطيني لحكم شعوبها، ولم تكن تمتلك نية صادقة لحل المشكلة الفلسطينية". الدبلوماسي الإسرائيلي ذكّر بما حدث سنة 2000، حين ذهب ياسر عرفات إلى كامب ديفيد للتوصل إلى حل سلمي للصراع " ولم يؤيده حاكم عربي واحد في أن يوقّّع على حل السلام مع إسرائيل".
"لم تعد إسرائيل شماعة الأنظمة العربية"
ويعتبر كثير من الخبراء والمختصين بقضايا المنطقة أن إسرائيل هي شمّاعة طالما علقت عليها الأنظمة العربية مشكلاتها، والى ذلك ذهب ايلي افيدار، لكنه عاد مستدركا أنه لم تعد أية أهمية لهذه الشماعة بعد الربيع العربي "فهي لن تحل مشكلة المصري الذي لا يستطيع أن يزوّج بناته لأنه لا يملك مهورهن، وهي لن تحل مشاكل العائلات التي لا يجد أولادها شغلا، وشماعة إسرائيل لن تحل مشكلة الفساد ولا سرقة أموال الشعوب". ونبّه الدبلوماسي أفيدار إلى أن كل دولة عربية مشغولة اليوم بمشاكلها، "والدولة التي لا تركز على مشاكلها فإن الشعب لن يدعها في مكانها".
قد يرى البعض أن تراجع الدعم العربي للفلسطينيين يمكن أن يعجّل في حل صراعهم مع إسرائيل، ويصف أفيدار هذا الوضع بأنه "يضع على الطرف الفلسطيني مسؤولية اكبر لحل مشكلته بنفسه".