تجارة الأفيون تزدهر في أفغانستان منذ سيطرة طالبان
٢٠ ديسمبر ٢٠٢١ارتبط اسم أفغانستان على مر العقود بزراعة الخشخاش الذي يستخرج منه الأفيون إذ أن هذا البلد الذي مزقته الحروب يعد أكبر منتجي هذا المخدر الخام الذي يستخدم بشكل أساسي في إنتاج العقاقير القوية المسكنة للألم فضلا عن أنه يدخل في صناعة مخدر الهيروين القاتل.
ويبدو أن الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة ترسم صورة قاتمة عن حجم كارثة زراعة الأفيون في أفغانستان. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وصل حجم إنتاج أفغانستان من الأفيون إلى قرابة 6800 طن خلال موسم الحصاد الأخير الذي انتهى في يوليو / تموز ما يمثل زيادة بنسبة 8 بالمائة عن إنتاج العام المنصرم.
وقد أشار التقرير إلى أن أفغانستان لا تزال تستحوذ على 85 بالمائة من إنتاج الأفيونعلى مستوى العالم، ويزود الأفيون الأفغاني ثمانية من كل عشرة يتعاطون الأفيون في جميع أنحاء العالم. وقال التقرير أنه من المتوقع أن تدر تجارة الأفيون ما بين 1.8 و2.7 مليار دولار خلال العام الجاري داخل أفغانستان ما يمثل قرابة عُشر قيمة الناتج الاقتصادي في البلاد. وأورد التقرير أيضا أن حالة عدم اليقين السياسي في أفغانستان منذ سيطرة طالبان أدت إلى ارتفاع أسعار الأفيون في أغسطس / آب وسبتمبر / أيلول إلى مستويات قياسية، مضيفا "الأسعار المرتفعة توفر حافزا للمزارعين الذين يزرعون خشخاش الأفيون هذا الشتاء إلى زراعة المزيد وزيادة محصول العام المقبل."
"طالبان تستطيع"
لم تكن الأمم المتحدة الجهة الوحيدة التي أكدت على ازدهار زراعة وتجارة الأفيون في أفغانستان بعد سيطرة طالبان إذ أشارت مصادر داخل البلاد إلى ذلك. في هذا الشأن قال ضابط سابق في الجيش الأفغاني - تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته - "سيستمر إنتاج الأفيون في أفغانستان في الزيادة. لا تزال زراعة الأفيون مصدر دخل آمن للمزارعين والعاطلين عن العمل الذين في طريقهم للعودة إلى قراهم من المدن".
وقبل استيلاء طالبان على السلطة، كان الضابط يعمل في الوحدة الخاصة بالجيش والمنوط بها محاربة الجرائم المرتبطة بالمخدرات. وفي ذلك قال الضابط: "لم يكن لدينا سيطرة كاملة في ذاك الوقت خاصة في المناطق النائية إذ كان مسلحو طالبان يتمتعون بنفوذ أكبر بل ووفروا حماية لمزارعي نبات خشخاش الأفيون.".
وفيما يتعلق بتعهد طالبان بوقف زراعة الأفيون، قال الضابط إن الأمر متروك في يد الحركة، مضيفا "إذا أرادت طالبان ذلك، فيمكنها إعاقة إنتاج الأفيون وقد فعلت ذلك من قبل." وحظرت طالبان إبان الفترة الأولى لحكم أفغانستان ما بين عامي 1996 و2002 إنتاج الأفيون والذي انخفض إلى 185 طنا متريا عام 2002، بيد أنه عقب الإطاحة بها، عاد إنتاج الأفيون إلى الارتفاع مرة أخرى.
وعقب سيطرتها على زمام الأمور في أغسطس / آب تعهدت طالبان بمكافحة زراعة الأفيون وتهريب المخدرات في أفغانستان والعمل القضاء على إنتاج الأفيون. بيد أن هذا الأمر يساوره الكثير من الشكوك إذ أن طالبان تُعرف باستخدامها تجارة المخدرات من أجل تمويل عملياتها فيما ذكرت الحكومة الأمريكية أن قرابة 60 بالمائة من العائدات السنوية للحركة تاتي من الاتجار بالمخدرات وانتاجها.
تجارة الأفيون مستمرة على الأرجح
ويرى توماس روتيغ من "شبكة المحللين الأفغان" أن طالبان لم تكن المحرك الرئيسي وراء ما يُعرف بـ "اقتصاد المخدرات" في أفغانستان في السنوات الأخيرة. وفي ذلك، قال "تنافست الحكومة السابقة مع طالبان لتعزيز نفوذها في المناطق الريفية والكثير من رجالها تورطوا بشكل مباشر في تهريب المخدرات".
وأضاف الباحث أن القوات الغربية التي انتشرت في أفغانستان منذ 2001 تعاونت مع عدد من أمراء الحرب وزعماء ومسؤولين حكوميين ممن تورطوا أيضا في تهريب المخدارات، مشيرا إلى أن هذه القوات لم تبذل مجهودا يذكر لوقف هذه التجارة.
وفيما يتعلق بتعهدات حركة طالبان بمكافحة إنتاج الأفيون، قال روتيغ إن الحركة ليست جادة في هذا التعهد، مضيفا "طالبان لا تريد ذلك، ولا يمكنها القيام بالأمر لأن هذا يعني أنها ستفقد الكثير من أنصارها في المناطق الريفية الرئيسية في أفغانستان".
شابنام فون هاين / م ع