"راني زعفان".. غضب على الأوضاع في الجزائر يغزو مواقع التواصل
٢٢ نوفمبر ٢٠١٧حقق الفيديو الجزائري "راني زعفان" (أنا غاضب)، حتى اليوم الأربعاء (22 تشرين الثاني/نوفمبر 2017) ما يقارب خمسة ملايين مشاهدة منذ إطلاقه قبل بضعة أيام. السر في هذا الانتشار الذي تجاوز حدود الجزائر، يكمن في عدة أسباب منها شهرة صاحب الفيديو، البودكاستر أنس تينا، والإخراج القوي. لكن أهم ما جعل الفيديو يخلق ضجة ويتحوّل إلى حديث الكثير من وسائل الإعلام المحلية والدولية، هو مضمونه.
يتقمص أنس تينا، مغني الراب المعروف، هيئة شخص متشرد. يتحدث في موال مطوّل، لا ترافقه سوى آهات في الخلفية الموسيقية، عمّا يراه تدهوراً للأوضاع المعيشية في الجزائر، موجهاً انتقادات شديدة اللهجة إلى المسؤولين والسلطة الحاكمة. يقول أنس إن دافعه لإنجاز هذا الفيديو هو حبه لبلاده فقط، وإن لا أحد حرضه على إنجازه لا من داخل الجزائر ولا خارجها، مردفًا، في نهاية الشريط، أن ما ردده نابع من القلب.
ممّا يقوله أنس في الفيديو: "وليدي في الصبيطار يموت وأنا نتفرج.. وانتوما لا كريب تداوويها في الخارج" (يموت ابني في المستشفى وأنا أتفرج، بينما تعالجون أنتم الزكام خارج البلاد). في مقطع آخر يقول:" ما قدرتوش توكلونا السردين.. لكن وكلتوا الحوت بالحراكة لي راهم هاربين" (لم تستطيعوا إطعامنا السردين، لكنكم جعلتم المهاجرين الهاربين طعاماً لحتيان البحر)، وهو يقصد غرق آلاف اللاجئين في البحر الأبيض المتوسط.
وتزامن نشر الفيديو مع ما يُعرف بـ"فاجعة الصويرة"، أي حادث التدافع المأساوي الذي أودى بحياة 15 امرأة نواحي مدينة الصويرة، وسط المغرب، خلال توزيع معونات غذائية. الأمر الذي جعل الكثير من المغاربة ينشرون هاشتاغ "راني زعفان"، مستعينين بتقارب اللهجة الجزائرية مع نظيرتها المغربية، للدلالة عن غضبهم بدورهم ممّا يقع في بلادهم أيضاً. ومن أبرز الصور التي نشرت عن الحادث المغربي، صورة حذاء بلاستيكي لإحدى الضحايا.
ويظهر تأثير الفيديو في إنشاء أكثر من عشر صفحات على فيسبوك، تحمل اسم "راني زعفان"، ووصل عدد المعجبين بالفيديو على يوتيوب إلى قرابة 400 ألف. وتمت مشاركة الفيديو آلاف المرات في مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن الشخصيات التي علّقت بالإيجاب على الفيديو، المعلّق الرياضي الجزائري الشهير، حفيظ دراجي، الذي كتب على صفحته بفيسبوك: "أنا كذلك راني زعفان، والكثير من الجزائريين زعفانيين على ما يحدث لبلدهم رغم كل الخيرات والقدرات. مازلنا نتقدم إلى الخلف بقيادة وجوه لا تعرف معنى المستقبل والطموح والأمل لأنها بدون ضمير.. الزعاف الذي نشعر به يقابله اعتزاز كبير بإبداعات أبناء بلدي ووعيهم".
غير أنه لم يُعجب كل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالفيديو، فقد كانت هناك تدوينات وتغريدات عديدة انتقدت مضمون ما بثه أنس تينا، رأت في ذلك إعطاء صورة سوداء عن الأوضاع الجزائر. كما قام آخرون بنشر وسم "راني فرحان" للرّد على كلام تينا.
أما الرد الرسمي على الفيديو جاء من لدن وزير الاتصال (الإعلام)، جمال كعوان، الذي قال جواباً على سؤال في ندوة صحفية إن من حق أناس تينا أن يكون غاضباً، لكن الجمهور الذي شاهد الفيديو يوجد فيه الغاضب ويوجد فيه المسرور. وتابع الوزير أن الفيديو يتعلّق كذلك بعدد النقرات والمشاهدات، وإن صاحبه يدعو إلى مشاركته، بما يعني، حسب قول الوزير، أن أناس تينا يربح مادياً من خلال هذه الفيديوهات.
وجدير بالذكر أن الجزائر تعاني أزمة مالية جرّاء تراجع أسعار البترول الذي يشكّل عصب صادرات البلاد. وقد أعلنت الحكومة عدة تدابير لمواجهة هذه الأزمة منها اللجوء إلى "تمويل غير تقليدي" بطباعة المزيد من الأوراق النقدية حتى يتم تمويل المشاريع الجديدة الرامية إلى تنويع الاقتصاد. إلّا أن هذا القرار خّلف تخوّفات كبيرة من إمكانية وقوع تضخم يزيد من تأزم الوضع المالي.
إسماعيل عزام