دول غرب أفريقيا.....محطات عبور المخدرات إلى القارة الأوروبية
١٣ يونيو ٢٠١٠في عملية هي الأكبر من نوعها في تاريخ الاتجار في المخدرات في غرب إفريقيا صادرت شرطة غامبيا مؤخرا ألفي كيلوغرام من الكوكايين يعتقد أن محطتها الأخيرة كانت أوروبا. فقد تم إخفاء هذه الكمية التي تقدر قيمتها ب 800 مليون يورو تحت الأرض بمخزن بالقرب من العاصمة بانجول. وقبل عملية المصادرة هذه كانت الشرطة قد ألقت القبض على مجموعة من الأشخاص المشتبه فيهم، بعضهم من نيجيريا وغانا وفنزويلا وهولندا. ويعتقد أن ليس غامبيا وحدها، بل دول غرب إفريقيا قد أضحت في السنوات القليلة الماضية محطة نشاط لتجار المخدرات في العالم.
وتقول سيرياكفا سوباتافو مديرة فرع منطقة غرب إفريقيا في الأمم المتحدة لمحاربة المخدرات والجريمة: "فجأة لاحظنا بين العامين 2005 و 2007 ظاهرة مثيرة للاهتمام . فقد تم مصادرة أطنان من الكوكايين في هذه المنطقة وهو ما قد دفعنا إلى الاهتمام بهذه الظاهرة". وأضافت بأنه ما بين عامي 2006 و2008 تم تهريب ما مقداره 40 طناً من منطقة غرب إفريقيا إلى أوروبا، مؤكدة أن تجارة المخدرات أخذت تشمل دول غرب أفريقيا كلها.
طرق نقل المخدرات
ويتم إنتاج الكوكايين في أميركا الجنوبية، وبالخصوص في كولومبيا وبيرو وبوليفيا. ومن هناك يتم نقله إلى غرب إفريقيا بسفن كبيرة؛ ليتم توزيع كميات المخدرات هذه على سفن أصغر على طول الساحل الغربي لأفريقيا. ومن ثم يتم نقلها إلى بنين وغينيا بيساو أو غينيا كونا كري. ولكن هناك طرق أخرى لتهريب المخدرات وذلك عن طريق الطائرات التي تحط بسيراليون وموريتانيا، ليتم نقلها مرة أخرى عن طريق البر إلى السنغال ومالي أو غامبيا. وهناك يتم وضعها بأكياس بلاستكية أو واقيات ذكرية ليتم ابتلاع هذه الأكياس من قبل المهربين الذين يسافرون على متن الطائرات إلى أوروبا.
ويعتقد أن ما نسبته 27 في المائة من الكوكايين المُصَدَّر إلى أوروبا منشأه هو غرب أفريقيا. كما تؤكد على ذلك أستاذة علم الجرائم في جامعة لويفين ليتزيا باولي: "من المعروف أن دول غرب إفريقيا هي دول ضعيفة لذلك توفر هذه الدول مكانا جيداً لتجارة المخدرات ولأنواع أخرى من الجريمة .فالحكومات ضعيفة هناك وغير مسيطرة على حدودها. بالإضافة إلى أن هناك عددا كبيرا من المهاجرين من أصول افريقية في أوروبا والذين يمكن تجنيد بعضهم لتهريب الكوكايين أو توزيعه في أوروبا نفسها".
تجارة المخدرات والبشر
وبدوره يؤكده الخبير في قضايا الهجرة والأمن الأستاذ مهدي الحلو أن دولاًً مثل موريتانيا التي تعاني من عدم الاستقرار وضعفاً في الاقتصاد بجانب كبر مساحة البلاد وقلة عدد السكان لا يمكنها أن تسيطر على ترابها الوطني لتمنع نقل المخدرات عبر أراضيها. كما يربط الخبير مهدي الحلو بين تهريب البشر وتجارة المخدرات قائلا :"عرفت موريتانيا في السنوات الأخيرة بسبب ضعف أجهزتها الأمنية عمليات تهريب للبشر عبر أراضيها وأعتقد أن تهريب المخدرات مرتبط بهذه التجارة أيضا".
المغرب ومكافحة المخدرات
أما بالنسبة إلى منطقة المغرب العربي فإنها كما يعتقد الحلو منطقة إنتاج وتوزيع المخدرات إلى أوروبا ولكنها ليست بأهمية مناطق أخرى في العالم مثل أفغانستان أو أميركا الجنوبية. ويوضح بأنه قد بذلت في السنوات القليلة الماضية جهود كبيرة لمحاربة هذه الظاهرة بطريقة مباشرة من خلال تخريب مناطق الإنتاج والتقليل من المساحات المنتجة للمخدرات وتعويضها بإنتاج آخر وذلك عن طريق برامج مغربية أو مغربية أوروبية. كما بذلت جهود غير مباشرة في هذا الإطار وهي الأنجع حسب رأي الحلو والمتمثلة في استغلال منطقة شمال المغرب اقتصادياً وهي منطقة معروفة تاريخيا بإنتاجها للمخدرات، إذ تم بناء ميناء طنجة الذي أصبح من أكبر موانئ البحر الأبيض المتوسط.
وبعكس مناطق شمال أفريقيا فإن دول غرب هذه القارة لم تستطع حتى الآن فرض سيطرتها على عصابات تهريب المخدرات، إذ من الصعب السيطرة على مساحات الصحراء الشاسعة أو مراقبة السواحل الواسعة الامتداد. وتفتقد الشرطة هناك إلى الطائرات والسيارات وحتى السفن التي تساعد على محاربة عصابات المخدرات. كما أن هذه العصابات استطاعت أن ترشي الشرطة وموظفي المحاكم في هذه الدول. غير أن الجديد في الأمر هو ما تقوم به منذ الخريف الماضي دوريات من الشرطة الأوربية وبمساعدة سفن حربية بمراقبة سواحل غرب أفريقيا بغية الحد من اتساع هذه التجارة ورغم كل ذلك يبدو أن تجارة الكوكايين ستبقى مزدهرة مادام هناك من يشتري الكوكايين في أوروبا وهناك فقر في غرب أفريقيا.
برغيتا مول/ عباس الخشالي
مراجعة: هشام العدم