دبلوماسية الكلمات لن توقف نار الحرب
٨ أغسطس ٢٠٠٦أخطأ كل من كان يعتقد، بأن المشاورات المكثفة التي كانت تجري في مجلس الأمن لبحث مسألة الحرب في لبنان، كانت تهدف إلى وقف فوري للقتال الدائر هناك. فالاتفاق الذي توصلتا إليه فرنسا و الولايات المتحدة نهاية الأسبوع، لا يتعدى أن يكون محاولة لتمرير قرار أممي بشأن لبنان، و ذلك بأسرع ما يمكن. كما يجب فهم كلمة "قرار" هنا بمعناها الحرفي، لأنها لا يمكن أن تفهم بالضرورة كحل للأزمة. لذلك فإنه بعد مرور ما يقارب الشهر على الهجمات العنيفة المتبادلة بين إسرائيل و حزب الله، لا يعتبر هذا القرار أمراٌ كافياٌ.
و تتجلى الأزمة بوضوح أكبر في عجز مجلس الأمن طوال نهاية الأسبوع، عن طرح القرار المذكور على التصويت بالرغم من التوصل إلى اتفاق بشأنه، و هو ما يعتبر إشارة واضحة للأطراف المتقاتلة بأن تتابع الحرب. لذلك فإن حدة القتال و عدد القتلى في ارتفاع مستمر. كما أجبر هؤلاء الذين كان من المفروض أن يساعدهم هذا القرار على اتخاذ موقف مضاد. و هو ما يجسده موقف رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة الرافض لمشروع القرار، لأنه لم يعالج قضايا مهمة عديدة. فالسنيورة يعمل ما بوسعه لإيجاد حل للنزاع، لكن حكومته ضعيفة مما يحتم عليه المحاورة الحذرة ، للتوفيق بين ما هو ضروري و ما هو ممكن . فالضروري هو نزع الصبغة العسكرية عن حزب الله في لبنان ، أما الممكن فهو اتفاق يعطي حزب الله و إسرائيل على حد سواء ، شعوراً بأنهما قد حققا من القتال الدائر خلال الأسابيع الماضية الأهداف المطلوبة . لذلك فلا مكان هنا لمنتصر أو مهزوم.
وهنا تكمن إحدى أهم نقاط الضعف في مشروع القرار المطروح. فهو يطالب الطرفين بوقف القتال. إلا أنه يضمن لإسرائيل الحق في الرد العسكري ولا يطالبها بالانسحاب من لبنان. لا تترك هذه الصيغة مجالاً إلا لتفسيره واحد، وهو أن حزب الله هنا هو المعتدي، الأمر الذي من المستحيل أن تعترف به هذه المنظمة، على الرغم من أن العملية التي أجرتها في الثاني عشر من يوليو / تموز، كانت السبب للتصعيد الأخير.
كما أن تبني هذا التفسير من قبل رئيس الوزراء اللبناني يمكن أن يكون بمثابة انتحار سياسي حقيقي. حيث تتجلى نقطة ضعف أخرى لهذا القرار في انعدام الوضوح فيما يتعلق بالإجراءات التي سوف تتبع وقف إطلاق النار. فعلى سبيل المثال: هل سيتم نشر قوات دولية في لبنان ؟ كيف ومتى سوف يتم ذلك؟ ومن المؤكد أن هذا الأمر سيأخذ عدة أسابيع، أسابيع سوف تكون عصيبة بالنسبة للمدنيين المنهكين من الهجمات العشوائية لإسرائيل و حزب الله.
الجميع يدرك أنه ليس هناك دولة في العالم تريد أن تتدخل عسكرياً لنشر الهدوء والنظام في جنوب لبنان، لأن ذلك ينم عن مخاطر يمكن أن تجعل هذه الدولة أحد أطراف الصراع. لكن الكلام فقط لن يحل المشكلة. فلا أمن و لا سلام على الإطلاق بدون هدنة.