خبيرة ألمانية لـDW: تعاون السودان مع الغرب سيشهد انفراجة
١١ أبريل ٢٠١٩الاحتجاجات انطلقت بالمطالبة بخفض أسعار الخبز وانتهت بانقلاب ضد النظام في السودان. تولى الجيش السلطة و"اقتلع" عمر البشير ووضعه رهن الاعتقال. لكن مشاكل البلاد تبقى قائمة حتى بعد هذا الانقلاب، فالوضع الاقتصادي ما يزال على حاله من السوء. والنزاع في منطقة دارفور لم يجد بعدُ الحل والمجتمع الدولي يعتزم محاكمة الرئيس المعزول بسبب جرائم ضد الإنسانية.
أنيته فيبر، الخبيرة العريقة في شؤون السودان لدى "مؤسسة العلوم والسياسة" في برلين تشرح في مقابلة مع DW ما حصل في السودان وكيف يمكن أن تتطور الأمور هناك.
الانقلاب ضد نظام الرئيس البشير هو إلى حد الآن ذروة الاحتجاجات الجماهيرية التي استمرت شهوراً. لماذا يبقى الوضع محتقناً في السودان؟
الاحتجاجات بدأت في كانون الأول / ديسمبر، وخرج السودانيون للتظاهر بالأساس ضد تكاليف المعيشة المرتفعة. لكن المعروف هو أن السودان يُحكم من قبل رئيس ونظام منذ 30 عاماً. النظام يخفض بشكل متزايد من سقف الحريات السياسية، وفي نفس الوقت يزيد من قمع السودانيين. النظام مزيج من قادة في الدولة موجودين مدى الحياة وبنى تحتية قديمة لا تمنح الشباب آفاقاً مستقبلية، هذا ناهيك عن أن الوضع اقتصادي سيء.
الناس في السودان لديهم الكثير من الانتقادات تجاه النظام. ما هي الطلبات الملموسة للمتظاهرين؟
في المقدمة تأتي المطالبة بخطة اقتصادية للبلاد ووقف لأعمال القمع. وفي الحقيقة جاء مطلب استقالة الرئيس سريعاً. وهنا لا بد أن تتولى حكومة انتقالية من التكنوقراط السلطة بدعم من الجيش. والمتظاهرون لم يطالبوا- إلا قليلاً- بتغير في النظام السياسي القائم، بل قالوا مباشرة للرئيس: "ارحل".
منذ نهاية الأسبوع يبدو أن بعض الجنود انتقلوا إلى معسكر المتظاهرين. لماذا تخلى الجيش أيضًا عن البشير؟
هذا يبدو لنا غريباً بعض الشيء، لكن يجب أن نعرف أن الجيش في السودان يحظى بثقة السودانيين. إضافة إلى ذلك يوجد بين المتظاهرين أطفال وأمهات الجنود. المتظاهرون غير منتمين للأحزاب السياسية المعارضة، بل هم مواطنون عاديون لهم أهل في الجيش، وبالتالي كان واضحا أن الجنود سينضمون إلى طلبات عائلاتهم عوض التمترس في معسكر البشير والدفاع عنه. وليس الجيش وحده، ففي الوقت الراهن نجد أن وحدات التدخل السريع وكذلك الشرطة والجزء الأكبر من الجيش أسقطوا الرئيس وسيجتمعون لتشكيل حكومة انتقالية. والمؤسسة الوحيدة التي لا نعرف بالتدقيق موقفها هي جهاز المخابرات الداخلية.
المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال بحق البشير بسبب ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في نزاع دارفور المستمر. ما الذي سيحصل مع البشير؟
هذا هو السؤال الكبير حالياً. أعتقد أنه ليس فقط بلداناً مجاورة، بل أيضا دولاً مستضيفة محتملة ستجتمع معه والحكومة الانتقالية. وهذا يشمل مصر وكذلك دول الخليج. وسيتضح ربما في الساعات المقبلة ما إذا كان سيبقى في البلاد أو ينتقل إلى بلد آخر. وفيما يخص أمر الاعتقال، أتوقع أنه لن يسافر بالطبع إلى الغرب أو إلى بلد يسلمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
بالرغم من اتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير حقق السودان في السنوات الماضية تقاربًا مع الغرب مثلاً بدخول أجهزة المخابرات في تعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية. هل هذا التعاون الآن في خطر؟
بل على العكس. إنه انفراج كبير. فجميع الاتهامات وانتقادات الغرب كانت موجهة ضد شخص البشير. فإمكانيات السياسة الخارجية فيما يخص العلاقة مع الغرب، كما أعتقد، ستصبح أكبر بعد الإطاحة بالبشير.
الوضع في الداخل جد حرج. كيف سيتطور الوضع سياسباً في السودان؟
من الصعب التنبؤ. فالساعات المقبلة ستكشف مثلاً ما إذا كان الجيش برمته في جانب واحد. ويجب أيضاً ترقب رد فعل السكان. فالمتظاهرون طلبوا من الجيش مباشرة بأن يدعمهم. حسب اعتقادي سيوجد هذه المرة بالمقارنة مع تغييرات السلطة السابقة مقاومة أكبر ضد حكومة عسكرية كحكومة انتقالية. وقد تتطور طلبات المتظاهرين إلى الدعوة إلى تعيين حكومة مدنية في السودان. ولا أعتقد أن الوضع سيتطور مثلاً إلى حدوث حرب أهلية. في الوقت الراهن أرى أن الوضع يتجه للتهدئة لا للتصعيد.
هل بإمكان المتظاهرين الأمل الآن في أن يتم الاستجابة لجميع طلباتهم؟
لا، مطلب المتظاهرين كان إلى حد الآن أن يرحل النظام. فالمطالب ستتغير الآن، إذ سيوجد جزء من المتظاهرين الذي يريد حكومة مدنية. كما سيوجد طرف آخر يقول بأن الانقلاب يكفي الآن كلحظة لإحلال الاستقرار. لكن تحقيق جميع مطالب المتظاهرين غير ممكن في الوقت الراهن.
باتريك غروسه/ م.أ.م